في الوقت الذي صار فيه المغرب رقما حاسما في معادلة الانتخابات الإسبانية، البلدية منها في شهر ماي الجاري أو في الانتخابات القادمة المفترض إجراؤها قبل نهاية السنة الجارية، تأتي استطلاعات الرأي لتجعل منه أولوية لدى الشعب الإسباني، ضمن شبكة العلاقات الخارجية للجارة الشمالية للمغرب. وفي هذا الباب ، «يرى غالبية الإسبان أن المغرب ينبغي أن يشكل أولوية في السياسة الخارجية لبلادهم، في ضوء المصالح المشتركة بين البلدين، وفقا للمقياس ال 43 للمعهد الملكي إلكانو للدراسات الدولية والاستراتيجية». وهي نتيجة لا شك أنها ستصب دوشا باردا على أحزاب اليمين واليسار الراديكالي التي جعل بعضها من معاداة المغرب لحساب الجزائر سياسة انتخابية ومنفعية ضيقة. بالاضافة إلى النسبة المعبر عنها، والتي تجعل المغرب في المرتبة الأولى بنسبة 37 في المائة من المستجوبين، متقدما على أمريكا اللاتينية بنسبة 34 ٪، تليها الولاياتالمتحدة (15 ٪)، والصين (11 ٪)، وبذلك يتضح بأن الجار الجنوبي للإسبانيين يتقدم على مناطق كانت تاريخيا من دوائر التأثير الإسباني كأمريكا اللاتينية، كما أنه يتقدم على دول ذات نفوذ متزايد في المنطقة مثل واشنطن وبكين. هذا الاستطلاع الحديث جدا، أجري في شهر أبريل، يخص «المناطق الجغرافية التي يعتبرها الإسبان من أولويات السياسة الخارجية خارج الاتحاد الأوروبي».. وبالتالي فسيجد حليف المغرب بيدرو سانشيز نفسه في وضع مريح، إذا اعتبرنا بأنه جعل من الشراكة مع المغرب مسألة ذات أسبقية مطلقة. وفي الوقت ذاته، تحاول الأحزاب المعارضة أن تلعب على الورقة المغربية من أجل إحراجه بخصوص تعاونه الاستراتيجي مع المغرب.. خلاصات الاستطلاع الذي أجراه مركز التفكير الإسباني المرموق، الذي يعد رئيسه الفخري هو الملك فيليبي السادس و منحت "الأولوية للمغرب باعتباره الخيار الأول" في مجال السياسة الخارجية لهذا البلد. وقد كانت أطراف حليفة في الحكومة من جانب اليسار الراديكالي ممثلا في بوديموس تجعل من نقض الشراكة مع المغرب لحساب الجزائر «حصان طروادة» في الحرب الانتخابية، وهو نفس الشيء الذي حاوله اليمين الشعبي، قبل أن يراجع قليلا تصلبه بهذا الخصوص.. أما القراءة التي قدمها الحزب الاشتراكي الإسباني فقد عبَّر عنها وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، بالقول «إن جميع رؤساء ووزراء خارجية ديمقراطيتنا حددوا المغرب على أنه الأولوية الأولى للسياسة الخارجية الإسبانية». مضيفا أن «عدم العمل من أجل إقامة علاقة جيدة مع المغرب ضار للغاية بالشعب الإسباني». ويعتبر المعهد الملكي (إلكانو) الذي أسسه أمير أستورياس عام 2001، بمثابة منتدى لتحليل ومناقشة القضايا الدولية، خاصة على مستوى العلاقات الخارجية لإسبانيا. ويضم مجلس المعهد التوجيهي بشكل خاص، وزراء الخارجية والدفاع والتعليم والثقافة والاقتصاد الإسبان. ويتألف مجلس إدارته من رؤساء سابقين للحكومة الإسبانية وممثلين عن العديد من الشركات الإسبانية متعددة الجنسيات وهو ما يعطي مصداقية خاصة لما يقوم به، لاسيما وأن اسمه مرتبط باسم الملك وما يمثله في السياسة الخارجية الإسبانية.