لا يحتاج القارئ المغربي لمرافعة فايسبوكية من فؤاد عبد المومني، مشبعة بالإنكار والهروب إلى الأمام، ليعرف من هو، أو بالأحرى من هم، الأشخاص الذين يقفون وراء الهجوم غير الأخلاقي وحملة التشهير المغرضة التي استهدفت ملك المغرب عبر وسيلة إعلامية بريطانية. فعندما طالبت مواقع إخبارية مغربية فؤاد عبد المومني وكريم التازي وغيرهما ببعض الجرأة والجسارة، فليس من أجل كشف علاقاتهم المشهودة بالصحافي البريطاني نيكولاس بيلهام، والتي يعرفها القاصي والداني، وإنما كانت الجسارة المطلوبة هي أن تتحمل هذه "المصادر الجبانة" تبعات نشرها للأخبار الزائفة ضد الجالس على العرش، وانخراطها في حملة تشويه وتشهير بغيضة تحرّكها خلفيات غير أخلاقية. فمن الخزي والعار أن ينخرط هؤلاء الجبناء، والذين يتظاهرون رياءا بالجرأة، في نشر الإشاعات عن الملك وصحته، رغم أن جميع نوبات المرض التي طالت الملك محمد السادس شكلت موضوع بلاغات صحافية ينشرها باستمرار الديوان الملكي، من أزمة نظميات القلب إلى نزلات البرد وعدوى كورونا. ومن المخجل كذلك أن يتهامس هؤلاء الجبناء، في سجال النميمة والغيبة في شرفات المقاهي، متعرضين لعلاقات الملك وشبكات معارفه بكثير من التشهير والتدجين. فليس من الوطنية، ولا الجرأة كما يزعم فؤاد عبد المومني، أن يتم شحن صحافي بريطاني، مشحون مسبقا، بالإشاعات المغرضة ودفعه لتبنّيها أصالة عن نفسه وبالنيابة عن كل هؤلاء الجبناء المتربصين في الخلف. ولئن كان المغاربة ليسوا بحاجة لإنكار فؤاد عبد المومني، فهم كذلك ليسوا بحاجة لدليل أو قرينة مادية لإثبات هوية هذه المصادر الجبانة التي وفرت المادة الخام التي استخدمها الصحافي البريطاني في حملة التشهير والتشويه ضد ملك البلاد. فالأفكار المستخدمة، والإشاعات المروجة، والمخالطات المشهودة، ونبوءات موت المخزن!! تغني عن البيان، ما دام أن السكوت في معرض الحاجة إلى بيان فهو بيان. فالكثير ممن يتابعون الشأن الإعلامي ببلادنا يعرفون جيدا قائمة معارف الصحافي البريطاني المشهِّر (بتشديد الهاء وكسرها)، والتي يجالسها ويعتمدها كمصادر لمقالاته كلما ساقته "الطلبات المأجورة" نحو المغرب! وعندما أشارت مواقع إخبارية مغربية إلى بعض هذه المصادر، وخصّت بالذكر كل من فؤاد عبد المومني وكريم التازي، فهي كانت تدرك جيدا هذه الحقيقة الساطعة، لكنها كانت تنتظر جرأة أكبر في الكشف والبوح والاعتراف لا جرأة في الإنكار وتخراج العينين. فجميع الصحافيين يعرفون جيدا أن نيكولاس بيلهام كان يتباهى بعلاقته وجلساته مع هشام العلوي، المعروف أكثر بلقبه ̈الأمير الأزرق ̈، وذلك خلال زياراته للمغرب، بل ويعتبر هذه الجلسات بأنها المدخل الأساسي لمعرفة خبايا البلاط الملكي، خصوصا وأن هذا الصحافي كان دائما يبحث ويستفسر عن مصادر داخل القصر في كل اتصالاته مع صحافيين ونشطاء مغاربة. والمثير كذلك أن نيكولاس بيلهام كان لا يخفي جلساته المتزامنة والمتتالية، في آخر زياراته للمغرب، مع الأمير الأزرق وفؤاد عبد المومني وأحمد رضى بنشمسي والناشط الأمازيغي منير كجي ورجل الأعمال كريم التازي! كما كان لا يستنكف عن استعراض صداقته المعروفة بأستاذ الانتروبولوجيا عبد الله حمودي. فنشر مقال طويل يتعرض بكثير من الخبث لعاهل البلاد، يحتاج طبعا لمصادر من داخل المغرب، ممن يثق فيها نيكولاس بيلهام، وممن تتقاطع أفكارها مع محتوى المقال. ولن يجد هذا الصحافي البريطاني أفضل من مخالطاته وزمرة أصدقائه المشار إليهم، أو إلى بعضهم أعلاه، وذلك لتأثيث مقاله المتحامل على الملك محمد السادس. لكن الطامة الكبرى هي أن التئام كل هذه المصادر الجبانة، واتحاد كل هذه الشبكة من المخالطات والمعارف السرية، لم تفرز في الأخير سوى مقال تركيبي للقيل والقال، ومجرد تجميع للإشاعات المنقولة بدون سند أو بسند ضعيف، مما جعلها تسيء للصحافي ولكل تلك المصادر التي فضلت الركون إلى الظلام. بل إن المعلومات والمعطيات التي أوردها هذا الصحافي البريطاني عن الإخوة ازعيتر لم تكن جديدة ولا تشكل سبقا صحافيا، بل إن الصحافة المغربية تداولتها وعالجتها بشكل مكثف في العديد من المواد الإعلامية. وقتها كانت هذه المصادر الجبانة تتهم الصحافيين المغاربة ب"الخضوع للأوامر وتصريف أجندات جهة معينة داخل النظام"، واليوم بعدما تناولها صحافي الإيكونوميست صارت بقدرة قادر عملا استقصائيا وتحقيقا خطيرا !! وفي المقابل، يبقى السؤال المطروح هو لماذا غابت الجرأة، وحضر فقط الجبن عند هذه المصادر المعروفة بعلاقتها المشهودة بالصحافي نيكولاس بيلهام؟ الجواب ليس هو الخوف من "القمع" كما زعم فؤاد عبد المومني بكثير من الشعبوية والصفاقة. لأن هذا الأخير لم يهب هذا القمع المزعوم حتى وهو يفبرك صورة المجاعة على سحنة المغاربة ويبيعها على حسابه في موقع الفايسبوك. والسبب الراجح الذي جعل هذه المصادر، أو بتعبير أكثر وضوحا "شبكة المعارف والعلاقات"، تلوذ بالعتمة وتفضل عدم ذكر هويتها في المقال، هو خوفها من ردة فعل الشارع المغربي وليس ردة فعل النظام! فهم يدركون جيدا بأن الشارع المغربي يرفض التعرض للملك بهذه الطريقة الجبانة وغير الأخلاقية، لذلك هم فضلوا الاختباء وراء جبنهم تفاديا لردة فعل غاضبة أو ناقمة من مختلف أطياف المجتمع. أما مزاعم الخوف من "القمع"، التي تدثر بها فؤاد عبد المومني، فهي مجرد مناورة فايسبوكية مفضوحة أملتها واقعة انكشاف الوجه الحقيقي لهذه المصادر الجبانة. وقريبا سوف يتم فضح حقيقة هذه المصادر المغرضة بالأدلة التي تستعصي على الإنكار الفايسبوكي.