المغاربة ومعهم شريحة واسعة من أبناء الوطن العربي والقارة الإفريقية يتساءلون اليوم بكثير من التذمر والحسرة، لماذا وصل الرئيس عبد المجيد تبون والطغمة العسكرية الحاكمة في حقدهما وعدائهما للمغرب إلى هذه الدرجة السفلى من الدناءة والضغينة والغل. كيف اهتدى الحاكم الفعلي للجزائر الكابران شنقريحة وخادمه عبد المجيد تبون، بعد جلسات خمرية منتظمة كالمعتاد، إلى نقل بطولة قارية من الساحة الرياضية إلى الساحة الدبلوماسية والسياسية برفضهما أولا فتح المجال الجوي أمام الطيران المغربي لنقل المنتخب الوطني وحرمانه بذلك من المشاركة في الشان 2023، وإقحامهما ثانيا شيف زولفوليل، الذي يقول عن نفسه إنه حفيد الزعيم الثوري الجنوب إفريقي، نيلسون ماندبلا، لتصريف قاذوراته الكلامية وأسطوانته المشروخة في مهاجمة المغرب، ودعوة الانفصاليين "للقتال" ضد الشعب المغربي. تصريحات حفيد الزعيم الثوري نيلسون مانديلا الإرهابية، بقدر ما هي تنكّر مفضوح لامتنان جدّه الكبير للمغرب لما قدمه من مال وسلاح وتدريب للمقاومة ضد نظام الأبارتايد في جنوب إفريقيا، فهي تنمّ عن تضليل ومغالطات ضمن حملة مكشوفة من الأكاذيب والتهجمات التحريضية والعدائية الشبيهة بالحملات الهتليرية النازية القائمة على نظرية "كلما كبرت الكذبة كان تصديقها أسهل". نظرية تنطبق على حفيد منديلا الذي نهل باحترافية عالية من قاموس نازي شوفيني متطرف، مستغلا القضية الفلسطينية كمطية لتحويل النظر عن الشحنة العدائية التي غلف بها خطابه تجاه المغرب. ويغيب عن السياسوي المراهق، حفيد مانديلا، أنه مهما نطق بعبارات متعفنة تجاه المغرب، ومهما بلغت شدة المغالطات والتضليل، فإنها لن تنال من متانة الصداقة العميقة بين الشعبين المغربي والجزائري في ظل بروز جيل جديد من الجزائريين يصعب عليه فهم دعم بلاده لمليشيات البوليساريو والمبالغ الباهظة التي تصرفها عصابة الجنرالات لخدمة أطروحة زائفة مفتعلة، وتفويت سنوات من النماء والتقدم على الشعب الجزائري المثقل بهمومه المعيشية ومخاوفه الأمنية اليومية. الجماهير الإفريقية والعربية وهي تتابع التدخل الجرثومي للجنوب الإفريقي في حفل افتتاح حدث رياضي لا يمت للسياسة بصلة، أدركت على التّو أن قاذوراته الكلامية تُخفي علاوات وهدايا ثمينة حصل عليها ما يسمي نفسه بحفيد مانديلا، من اللصوص الحاكمين في الجزائر الذين استنزفوا آلاف المليارات من الدولارات طيلة نصف قرن من النصب والتخاريف على الشعب الجزائري وعلى شعوب إفريقيا.. نصف قرن من المتاجرة في سوق النخاسة الإفريقية. حفل افتتاح "الشان" وسبقه إغلاق المجال الجوي أمام الطيران المغربي لحرمان المنتخب الوطني من المشاركة في البطولة الإفريقية، يدفعنا، من جهة، إلى طرح سؤال عريض وإعادة طرحه مرات ومرات حول دوافع هذا التوجه القذر نحو التوظيف السياسي للرياضة، الذي ينم عن إحباط دبلوماسي قاتل وعن مرتبة حضيضية من المسؤولية الأخلاقية والسياسية. ويجعلنا، من جهة أخرى نتساءل عما إذا كانت الطغمة الحاكمة في الجزائر تدرك ما سينجم عن حساباتها السياسوية البغيضة من استنكار عربي وإفريقي واسع، ومن إدانة مغربية فاضحة للنهج العدائي الجزاىري الذي تفاقم بشكل مخز في عهد الثنائي تبون شنقريحة، وقد انقضا على فرصة تنظيم الشان 2023 لإقحام السياسة في كرة القدم. ولأنه، أي عبد المجيد تبون، صاحب مكر ودهاء، فسيستغل فترة التخدير التي ستنسى فيها الجماهير الجزائرية واقعها وأوضاعها، أي بطولة الشان، للركوب عليها بما يخدم أجندته الانتخابية القادمة ويقوي فرص إعادة انتخابه. وقد اهتدى بإيعاز من محيطه الرئاسي منذ كأس الأمم الإفريقية التي فازت بها الجزائر، إلى ترسيخ حقيقة وهمية في أذهان الجزائريين مفادها أن كرة القدم هي عقيدتهم الوطنية الأولى التي بها يقاس مجد الأمة وشرفها. كرة القدم غدت، تحت عملية تخدير مدروسة، رمزا للوطنية. ومن هنا نفهم هول الصاعقة التي أصابتهم بعد إقصائهم من نهائيات كأس العالم بقطر. اليوم وقد شب الضمير السياسي الإفريقي، وهبّت على القارة السمراء نسائم الديمقراطية، وانبثق جيل جديد لم تعد تطربه أبواق الدعاية الجزائرية، ولم يعد يقبل بالهبات والعلاوات التي كان يتقاضاها بعض القادة الأفارقة بصورة منتظمة من خزينة الدولة الجزائرية، ارتأى لصوص الجزائر وفي مقدمتهم شنقريحة وغريمه تبون، اللعب في الميدان الرياضي بغاية خلط الأوراق وزرع بدور الشقاق في الجسد الرياضي الإفريقي، وهي دبلوماسية أقل ما يقال عنها إنها حضيضية استحمارية ستُثبت بالتأكيد محدوديتها في الحشد والاستقطاب، وسينقلب السحر على الطغمة الجزائرية التي ظلت طوال نصف قرن تقول وتكرر أن لا علاقة لها بقضية الصحراء، وأن المشكلة ثنائية بين المغرب والبوليساريو فقط. وفي انتظار ما سيتخذه الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "الكاف" من إجراءات بخصوص النازلة، بعد أن دعته الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى "تحمل كامل مسؤولياته أمام الخروقات الجزائرية السافرة البعيدة عن مبادئ وأخلاق كرة القدم"، لم يعد للمغرب من بُدّ سوى الانتقال من موقع الدفاع، إلى طور العمل الفعلي القاضي بطرح تقرير المصير لجمهورية القبايل في جميع المحافل الدولية السياسية منها والاقتصادية وحتى الثقافية والرياضية. آن الأوان أن نحتضن حكومة القبايل ونُعرّف بها وبتطلعاتها، كرد دبلوماسي طبيعي على عقود من التحامل العدائي لاستهداف المغرب في كيانه السيادي ووحدته الترابية. عقيدة الجزائر السياسية أن ترجح التصادم على التحاور واليد المقبوضة على اليد الممدودة. فقد انتقلنا من رجل (الرئيس بوتفليقة رحمه الله) كان لوضعه الصحي والنفسي غير المتوازنين، تأثير كبير على علاقة الجزائر بمحيطها، إلى رجل كشف لأول وهلة أنه ميال إلى تغليب المزاجية والغطرسة في علاقات الجوار، على روابط الجغرافيا واللغة والدين والمصير المشترك.