عقد الفرع المحلي لحزب العدالة والتنمية الحاكم ببني عياط جمعه العام لاختيار منتدبيه في المؤتمر الوطني الذي سينعقد يومي 14و 15 يوليوز المقبل بالمركب الدولي للشباب ببوزنيقة . استهل اللقاء بكلمة لنائب الكاتب المحلي للحزب الأستاذ عبد الله ازنزار، وهو الكاتب الاقليمي للمصباح أيضا، معربا في البداية عن تعازيه الحارة لأسرة الفقيد عضو الحزب لحسن عبد اللوى الذي وافته المنية اثر حادثة سير مميتة . بعد ذلك حاول أن يركز في مداخلته المستفيضة على أهم " المحطات السياسية الكبرى في تاريخ حزب العدالة والتنمية ، هذا الأخير الذي تأسس سنة 1967 على اثر انشقاق داخل الحركة الشعبية ، قاده زعيم الحزب آنذاك ورئيس أول برلمان مغربي الدكتور عبد الكريم الخطيب بعد امتناعه عن موافقة ملك البلاد لإعلانه حالة الاستثناء " ، الأمر الذي لم يرق للقصر في تلك الفترة – حسب تعبيره- فقام " بالتضييق على الخطيب ومورست على حزبه، الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية ، مجموعة من المضايقات والعراقيل دفعته للانسحاب من الساحة السياسية ومقاطعة الانتخابات لسنوات عدة" وأضاف الأستاذ ازنزار في ذات السياق أن " موافقة الخطيب على إلحاق أبناء حركة التوحيد والإصلاح بحزبه سنة 1992 وعقد المؤتمر الاستثنائي لتمكين بعض قيادات الحركة من العضوية في أمانته العامة، جعل متتبعي الشأن السياسي للبلاد منذ ذلك الحين ينظرون إلىه باعتباره حزبا إسلاميا". وفي وقفة تاريخية وكرونولوجية لمسار المشاركة السياسية لحزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية،اعتبر نائب الكاتب المحلي أن " الحزب شارك لأول مرة في الانتخابات التشريعية لسنة 1997 وحقق فوزا لا يستهان به، بالنظر إلى محدودية الدوائر التي شارك بها(24 من أصل 325) ، حيث حصل على 9 مقاعد أغلبها في العاصمة الاقتصادية،تضاف إليها ثلاثة مقاعد إضافية أحرزها الحزب بعد إعادة الانتخابات في بعض الدوائر الأخرى" كما أن "التحاق عضوين من أعضاء المجلس بفريقه جعل عدد فريقه يصل إلى 14 عضوا في مجلس النواب" . وركز في معرض مداخلته كذلك على " المشاركة الملفتة للحزب في الانتخابات التشريعية لسنة 2002 حيث حصل على 42 مقعدا، كما حصل في الانتخابات التشريعية لسنة 2007 على 46 مقعدا" رغم "التزوير الممنهج الذي مورس ضد نتائج حزبه في كلتا المحطتين السالفتين" يضيف الأستاذ ازنزار . وفي سياق متصل ، أشار نائب الكاتب المحلي إلى أن الحزب خاض" عدة معارك كبرى أهمها معركته ضد ما سمي آنذاك بالخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية " مؤكدا على كون مشاركته " الواسعة في المسيرة المليونية بالدار البيضاء بتاريخ 12 مارس 2002 كانت من أقوى لحظات تلك المرحلة". ولم تفته الفرصة أيضا للحديث ، وباستفاضة وتحليل واسعين ، عن أحداث 16 ماي 2003 الإرهابية بالدار البيضاء ، معتبرا إياها " منعطفا تاريخيا خطيرا في تاريخ حزب العدالة والتنمية، جراء توظيفها سياسيا ضده من طرف خصومه ومنافسيه الذين جعلوه في قفص الاتهام" ، محملين حزب المصباح " المسؤولية المعنوية فيما وقع" . كما أسهب في تداعيات ذلك و تأثيراتها السلبية على الحزب خاصة بعدما "منع من المشاركة في المسيرة المنددة بالأحداث الإرهابية التي دعت إليها القوى المدنية رغم إصداره لبيان الإدانة في اليوم الموالي لهذه الأحداث".وقد زاد من خطورة الموقف "مطالبة بعض الأحزاب اليسارية بحل الحزب و نجحت – إلى حد ما - في وضع قضية حل حزب العدالة والتنمية على أجندة لقاء المجلس الحكومي". وقد ختم الأستاذ عبد الله ازنزار مداخلته بعرض المبادئ الخمسة التي تقوم عليها منهجية العمل داخل هياكل حزب العدالة والتنمية والتي أجملها في : - الالتزام بالثوابث الوطنية - اعتبار العمل السياسي مسؤولية والتزام - اعتماد الاختيار الديمقراطي - التدرج في الإصلاح - التعاون مع قوى الإصلاح داخل المجتمع. من جهة ثانية، جاءت مداخلة الأستاذ الباحث وعضو حزب المصباح عبد النبي ابو العراب عبارة عن " قراءة في رهانات المؤتمر السابع لحزب العدالة والتنمية" ، حيث أشار من البداية إلى أن "تحول مصير حزب العدالة والتنمية في وقت قياسي من دور المستضعف المطارد داخل مجموعة الأحزاب المعارضة المغضوب عليها، إلى دور الريادة السياسية والقيادة الحكومية،هو تحول لم يصنعه الحزب" بل " شاءت الأقدار -حسب تعبيره- أن تعصف رياح الربيع العربي قوية لتعيد توزيع الأدوار في المشهد السياسي العربي عامة، والمغربي خاصة" ليكون بذلك" طالع حزب العدالة والتنمية أن يتولى المسؤولية الحكومية، بعد انتخابات نزيهة لأول مرة في تاريخ المغرب" . وأضاف الأستاذ ابو العراب في معرض مداخلته انه مع هذه التغيرات الخارجية والداخلية، تغير معها دور حزب العدالة والتنمية ، حيث انتقل "من دور المفعول به ، إلى دور الفاعل المؤثر المهيكل للمجال السياسي ببلادنا" مستدلا بذلك " بمسؤوليته الكبرى في تنزيل الدستور الجديد عبر مختلف القوانين التنظيمية التي شرع في إخراجها، ومن خلال التحكم في سياسات الدولة ووسائلها وآليات اشتغالها ورؤاها الإستراتيجية في مختلف القطاعات". وفي ذات السياق دعا الأستاذ ابو العرب الحزب إلى " ضرورة العمزل على تثبيت الإصلاح الديمقراطي ببلادنا" معتبرا أن تبوأه اليوم " المسئولية الحكومية ، بعد أن كان في موقع الحزب الأكثر تعرضا للتضييق والتزوير الانتخابي، ينيط به مسؤولية خاصة في التفعيل الحقيقي لأوراش الإصلاح الشامل" داعيا أيضا كل قيادات حزب المصباح ومنخرطيه ، من خلال المؤتمر الوطني السابع للصيف المقبل،إلى أن "يعطوا القدوة السياسية والحزبية من خلال التأكيد على التزامه بمشروعه الإصلاحي، ووعيه برهانات المرحلة، وتطويره للأدوات النظرية والتنظيمية التي ستمكنه من النجاح في تجاوز عقباتها وتحدياتها" حتى يتمكن الحزب من حماية نفسه، وهو يخوض غمار الحكم لأول مرة في تاريخه" والابتعاد عن " كل أشكال الخضوع للتدجين و التطبيع والتفاعل مع ممارسات المخزن، كما حدث لكل الأحزاب التي خاضت تجربة الحكم قبله، والتي اثبت التاريخ أنها تمحق المشروعية النضالية والشعبية للأحزاب كما تمحق النار الشمعة المشتعلة". حسب تعبيره. وفي قراءة له في تجارب الأحزاب الحاكمة السابقة مع الحكم ، خلص الأستاذ عبد النبي إلى " التمييز بين نوعين منهما :الأولى استطاعت البقاء في زمرة الأحزاب الكبرى رغم توليها للمسئوليات الحكومية، ولم يتأتى لها ذلك بنضالاتها الشعبية، ولكن بانغماسها أكثر في نسق المخزن من خلال التحول إلى تجمع للأعيان تخدم أهدافها فقط (أحزاب الاستقلال والأحرار والاتحاد الدستوري أكثر الأحزاب تمثيلا لهذا الصنف). أما الثانية، فهي أحزاب أتت تجربتها ومشاركتها في الحكم على رصيدها التاريخي في النضال فأحرقته، وأفقدتها مشروعيتها النضالية التاريخية وقضت على عمقها الشعبي" . وقد ختم الأستاذ ابو العراب مداخلته بالتأكيد على أن" حزب العدالة والتنمية يحمل اليوم مسؤولية تاريخية من حيث أنه يعتبر الفرصة الأخيرة التي تبقت أمام بلادنا من أجل القيام بالتغيير اللازم دون المرور من خانة الثورة التي عاشتها بلدان أخرى" على حد قوله . وفي هذا الإطار، اعتبر أن " محطة المؤتمر السابع لحظة تاريخية خاصة على درب المشروع الإصلاحي الطموح، الذي يجب على الحزب تحقيقه مع الحفاظ على رصيده النضالي وعلى مشروعيته الشعبية وقدرته التغييرية، من أجل الاستمرار في التأثير على المشهد الوطني في اتجاه الإصلاح السياسي والديمقراطي لصالح الوطن والمواطنين." وقد كان لمداخلات الحاضرين اغناء موسعا للنقاش في كل ما يتعلق بالحزب ومستقبله في ضوء التغيرات الجديدة التي يعرفها المشهد السياسي الوطني. نورالدين حنين/ كاتب ومراسل صحفي [image] [image] [image]