بني اعياط : موسم سيدي علي بن ابراهيم ينتهي بأحداث لم يعتدها السكان قبل يومين من بداية الموسم السنوي بسيدي علي بن إبراهيم بدأ الناس يتوافدون من كل مكان، رجالا وركبانا. عدد السيارات فاق المتوقع وصفوفها تمتد لثلاثة كيلومترات، ومواقفها امتلأت عن اخرها. حتما، لقد جاء الموسم مصادفا لظروف طبيعية جد ملائمة، خرير المياه في كل مكان، والربيع يكسوا الأرض خضرة و جمالا، والجو الصحو يبعث الاطمئنان في النفوس.كل ذلك كان وراء الحضور المكثف للزوار الذين جاءوا حتى من الدارالبيضاء. فالناظر الغريب عن المكان يرى أن الأمور تسير على أفضل الأحوال.لكن ابن المنطقة يدرك مواقع الخلل. فالمعتاد عندنا أن أضاحي العقيقة تكون ثلاث أو أربع،واليوم لا وجود إلا لواحدة.وخيام الجماعة تزيد عن اثنتان وهذه المرة لا أثر لأي منها.كما لا أثر للأعلام الوطنية ولا لرجال السلطة دركا ومخزنا ولا إسعاف و كأننا في تجمع غير قانوني. اليوم الأول من الموسم بدأ أصحاب الخيل يصطفون في ساحة المحرك كما يسميه أهل المنطقة، وانطلقت عملية التبوريدة.أخذ الناس مواقعهم ليشاهدوا العرض. فلوحظ أن بعض الفرق فقط هي التي تعمل بل ومنها من لا يفجر المكحلة، والكم الكثير من أصحاب الخيل واقف لا يتحرك. تساءلنا وسألناهم عن السبب فقالوا لا بارود لدينا. ففي الوقت المعتاد فإن المسئولين يأتون بالبارود قبل الموسم بيومين أو ثلاث.على أساس أن يتم توزيعه في صباح اليوم الأول من الموسم.استاء الكل من ذلك فتضامن الناس معهم، وتم تقسيم ما هو متوفر لديهم من البارود، لكن الكمية لم تكن تغطي إلا ساعات قليلة.ما اضطرهم إلى التوقف باكرا. في اليوم الثاني من الموسم جاء أحد من أبناء المنطقة بكيلوغرامين من البارود قسمه على ثلاث فرق فقط، بدؤوا العمل مجددا، والجمهور الكثيف ينظر بفرح وسرور لا يدري ما يجري. ترى الزوار يتجولون في كل مكان والأطفال يلعبون ويركبون السرك المتنقل، والضريح مليء بالنساء الزائرات.والجبال المجاورة مكسوة بالناس. جاء السيد القائد إلى عين المكان والسرور يغمره، دخل بسيارته إلى المحرك يريد الالتحاق بالخيم التي بناها أبناء القبيلة ليشاهد عرض الخيلة. وصل إلى وسط الملعب (المحرك)، فصرخ رجل : يا رجال إنه السيد القائد. فسارع الكل للترحيب به طبعا، في جو من الغضب والسخط. حاصروه بالخيل وأقسموا له ألا يخرج ما لم يأت السيد العامل ليرى ما فعله بهم السيد القائد والسيد رئيس الجماعة.دخل الجمهور من المشاهدين وعمت الفوضى، ووصل رجال المخزن يحاولون تهدئة الأوضاع. خرج السيد القائد من سيارته و اعتذر عن تأخير البارود و أكد لهم أن البارود في طريقه إلى ذات المنطقة. فانطلقت شعارات مضادة وأسئلة من كل مكان : أين الإسعاف ؟ أين الخيم ؟ أين البارود ؟ أين رجال المخزن ؟ أين التنظيم ؟ أين رئيس الجماعة و أصحابه ؟ و لماذا لم يحضروا ؟ ألم تكونوا تعلمون متى يبدأ الموسم ؟ أما تدري أنه لم يبق إلا يوم واحد من الموسم ؟ أما تدري كم كلفنا الوصول إلى هنا من الوقت و المال ؟ هنا أدرك السيد القائد أنه ارتكب خطأ فادحا ووعد بإحضار البارود فورا. فسمحوا له بالخروج. وبعد نصف ساعة عاد ومعه البارود. لكنه رفض التكفل به شخصيا. عرضوا عليه أن يوقعوا على استلامه وأن يتكفلوا به فرفض، ودخل سيارته ليغادر المكان لكنهم حاصروه مجددا ولم يسمحوا له بالذهاب. يبدوا أن السيد القائد قال لأحدهم يلعن دينك) . لم نسمعه ولكننا سمعناأصحاب الخيل يقولون تسب الدين يا عديم الأخلاق، والله لن تخرج من هنا. فحاصروهُ ثانية إلى أن تكلم أحدهم وقال : دعوه وهيا بنا في مسيرة على الخيول إلى أزيلال، وبدأ البعض يرددون ذلك إلى أن نطق اخر فقال: اليوم يوم عيد وفرح ، فدعونا لا نزيد من تعقيد الأمور. دعونا نحتفل الان ولنناقش هذه المسائل كلها فيما بعد،فأخذوا برأيه.فإذا بالبارود يوزع عليهم. في اليوم الثالث من الموسم كان يوم الجمعة ،اليوم الذي سيحضر فيه السيد العامل. ظهرت الإسعافات والأعلام وكل شيء بدا منظما. تم تزيين المسجد والضريح بفراش جديد، جاءوا به من مندوبية الأوقاف بأزيلال . حان وقت صلاة الجمعة، وصل السيد العامل في الوقت المناسب، لكنه بدأ بزيارة الضريح أولا ما أخر الصلاة نصف ساعة من الزمن. الأمر الذي خلق بلبلة داخل المسجد. أخذ الإمام يطمئن الناس ويهدئهم، إلى أن ظهر السيد القائد المتخلق من جديد ووقف يدعوا الناس إلى التريث قليلا، فهو ينظر إلى الناس بابتسامة وود، وهم ينظرون إلى حذائه المتسخ بغضب وسخط وهو واقف بقرب المنبر وكأنه في إسطبل. قبل أن يصرخوا في وجهه صرخة فاضحة. إنه يومه المفضل فأينما حل يرحبون به بحرارة لأخلاقه الحسنة. خرج السيد القائد بعد أن ازدادت الفوضى بالمسجد. ودخل السيد المندوب بجلبابه الأبيض النظيف وتكلم بكلام حسن: لقد كان مقررا أن يصلي السيد العامل الصلاة أولا لكن من برفقته افسدوا الخطة فاصبروا جزاكم الله خيرا. فهدأ الناس وعادت السكينة إلى المسجد. بعد صلاة الجمعة توجه السيد العامل لتناول وجبة الغذاء. ولدى خروجه وجد في استقباله فريق سيدي علي بن ابراهيم لكرة القدم مرتدين القميص و حاملين لافتة مكتوب عليها : لاعبي ومحبي سيدي علي بن ابراهيم يرحبون بعامل الإقليم. توجه إليهم وشكرهم بدوره على ترحيبهم وحسن ضيافتهم. وسألهم عن أحوال الرياضة في المنطقة أجابه عميد الفريق الذي كان يرتدي جلبابا بأن فرق سيدي علي بن ابراهيم الرياضية حققت نجاحا كبيرا وأنه معروف عنها أنها من أقوى الخصوم في منطقة بني عياط وحتى خارجها، رغم التحديات التي تواجهها. وذكر أيضا أن فريق كرة القدم فقد ملعبه المحلي بفعل الأمطار الطوفانية الاخيرة. وعد السيد العامل ببناء الملعب في أقرب وقت ممكن. وسأل إن كانت هناك أرضية صالحة، فأجابه السيد رئيس الجماعة بوجود أرضية جيدة قرب إعدادية سيدي علي بن ابراهيم - التي تبعد عن المكان ب 3 كيلومترات -. فاستاء الفريق والحاضرين معه من أهالي اكرط من كلامه، قبل أن يعقب عليه ممثل الدوار : مالنا وللإعدادية، كل مصلحة لأجلنا تحول إلى جانب الإعدادية، يريدون ملعبا محليا وليس جهويا يلجأون إليه مشيا على الأقدام لساعتين. رحب السيد العامل بالفكرة ووعد بتلبية طلبهم والوقوف بجانبهم،ثم انسحب. ما إن انسحب السيد العامل حتى بدأت النحيرة حيث اجتمع الاف الناس فوق البيوت والضريح وغيرها يراقبون فئة من الناس وهم يجرون عجلا سمينا.ويطاردونه في ساحة المحرك، وسط زغاريد النساء و الصلاة على النبي الكريم عليه السلام.لمدة ساعة من الزمن.ليختتموا الموسم بدبح العجل وتقسيمه في ما بعد على الدور. إنتهى الموسم و انتهى الاحتفال وبدأ الناس يركبون سياراتهم ووسائل النقل تجاه دورهم. ولم يبقى إلا القليل من الزوار ممن ارتأوا المبيت ليوم آخر. وأفراد الساكنة المحلية الذين أنهكتهم الأيام الثلاثة لما قاموا به من جهد في التنظيم و خدمة الزوار و الضيوف. لكن عملهم لم ينتهي بعد. فلازال أمامهم الكثير من العمل لإعادة الأمور إلى نصابها، بغسل الأوساخ وترتيب ما هو مبعثر وجمع الأزبال التي خلفها التجار والزوار وغيرهم.