ترامب يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية    رغم التوتر.. كندا تبدي استعدادها للانضمام إلى مشروع ترامب    "الفيفا" يوقف عضوية الاتحاد الكونغولي لكرة القدم    طقس بارد في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    وزارة الصحة: لقاح الحمى الشوكية لم يعد إلزاميًا لأداء العمرة    الشرطة توقف 14 شخصا بعد أحداث عنف بالدار البيضاء    عمدة ميونخ يرفض استضافة دوري الأمم الأوروبية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    تهجير الفلسطينيين: حملة تضليل مكشوفة.. كيف تُصنع الإشاعات لاستهداف المغرب؟    الولايات المتحدة تأمر بوقف عشرات المنح المقدمة لبرنامج الأغذية العالمي    قطاع الصناعة التقليدية يحقق رقم معاملات يقدر ب 140 مليار درهم على المستوى الوطني ويساهم ب 7 في المائة في الناتج الداخلي الخام    تعليق العمل بإلزامية لقاح الحمى الشوكية بالنسبة للمعتمرين    كأس انجلترا: ليفربول يتأهل للمباراة النهائية بفوز عريض على توتنهام (4-0)    ‪ إلغاء لقاح الحمى الشوكية للمعتمرين    إنتخاب المستشارة الاستقلالية مينة مشبال نائبة سابعة لرئيس جماعة الجديدة    فيدرالية الاحياء السكنية بالجديدة تستعرض قضايا المدينة وحصيلة انشطتها الاخيرة    الزهراوي: خبر إمكانية استقبال المغرب للفلسطينيين المهجرين "شائعات مضللة"    لقجع: افتتاح مركب محمد الخامس بالدار البيضاء نهاية شهر مارس المقبل    ندوة علمية بطنجة تستشرف آفاق مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد    غوغل تطور تقنيات ذكاء اصطناعي مبتكرة لتحدي "DeepSeek"    مسيرة عظيمة.. رونالدو يودّع مارسيلو برسالة مليئة بالمشاعر    "جامعيو الأحرار" يناقشون فرص وإكراهات جلب الاستثمارات إلى جهة الشرق    إعلان طنجة في منتدى "نيكسوس"    الشاب خالد، نجم الراي العالمي، يختار الاستقرار الدائم مع أسرته في طنجة    لقجع: مركب محمد الخامس جاهز لاستقبال الجماهير في مارس المقبل    "ما نرجع".. أحدث إبداعات حمدي المهيري الموسيقية    من الرباط.. رئيس البرلمان الموريتاني: المحيط الأطلسي شريان حيوي للتنمية والتكامل الإقليمي    طنجة المتوسط يقود نمو رواج الموانئ المغربية خلال سنة 2024    تدشين سفينة للأبحاث البحرية بأكادير    توقيف صيدلي وثلاثة أشخاص وحجز 6934 قرصا مخدرا في عملية أمنية محكمة    قادما من الشمال.. المجلس الحكومي يصادق على تعيين محمد عواج مديرا للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة    رئيس النيابة العامة يتباحث مع رئيس ديوان المظالم بالمملكة العربية السعودية    إسرائيل تدعو لتسهيل مغادرة سكان غزة وحماس تطالب بقمة عربية عاجلة    التهراوي يكشف الخطة المعتمدة للحد من انتشار "بوحمرون"    العيون تحتضن المؤتمر العربي الأول حول السياسات العمومية والحكامة الترابية    بايتاس يكشف الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة بشأن لقاح التهاب السحايا    خبراء إسرائيليون يزورون المغرب للإشراف على وحدة تصنيع طائرات بدون طيار    الأرصاد الجوية تكشف استقرار الأجواء وتترقب تساقطات محدودة بالشمال    شركة الطيران تطلق خطين جويين جديدين نحو المغرب الاقتصاد والمال    نقابي بالناظور يتوعد حزب أخنوش بالهزيمة في الانتخابات: العمال سيحاسبون الحكومة في صناديق الاقتراع    ريال مدريد يحجز بطاقته لنصف نهاية كأس ملك إسبانيا على حساب ليغانيس (ملخص)    عرض الفيلم المغربي "طاكسي بيض 2" في لييج    إنتاجات جديدة تهتم بالموروث الثقافي المغربي.. القناة الأولى تقدم برمجة استثنائية في رمضان (صور)    نورا فتحي بخطى ثابتة نحو العالمية    أخبار الساحة    "جواز الشباب" يخدم شراء السكن    بعد عام من القضايا المتبادلة.. شيرين عبد الوهاب تنتصر على روتانا    6 أفلام مغربية تستفيد من دعم قطري    مرصد أوروبي يكشف أن "يناير" الماضي الأعلى حرارة على الإطلاق    مواجهات عنيفة بين الجيش الجزائري وعصابة البوليساريو بتندوف (فيديو)    المغرب يعزز قدراته الدفاعية بتسلم طائرات "بيرقدار أكينجي" التركية المتطورة    أستاذ مغربي في مجال الذكاء الاصطناعي يتويج بجامعة نيويورك    الرباط.. العرض ما قبل الأول لفيلم "الوصايا" لسناء عكرود    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقاهي ليست فقط لتقديم المشروبات !

استعدادا لرفع حالة الطوارئ الصحية على النحو التدريجي المعلن عنه من لدن السلطات العمومية ببلادنا، تلقى أرباب المطاعم والمقاهي مساء يوم الخميس 28 ماي 2020 عبر بلاغ صادر عن وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، إذنا صريحا بإمكانية إعادة فتح محلاتهم التجارية ابتداء من صباح اليوم الموالي الجمعة 29 ماي 2020، واستئناف أنشطتهم التجارية بعد توقف دام أزيد من شهرين، في إطار الإجراءات الاحترازية والوقائية للحد من انتشار جائحة كورونا أو “كوفيد 19″، وذلك وفق حزمة من الشروط الواجب احترامها.
وبعيدا عما ظل يترقبه أرباب المقاهي من دعم صندوق كورونا لأجل تخفيف جزء من معاناتهم في ما يرتبط بتراكم الديون والضرائب المفروضة عليهم وفواتير الماء والكهرباء، وعما يمكن للجنة اليقظة الاقتصادية أن تتخذه من تدابير لفائدتهم، لاسيما أن نشاطهم التجاري متوقف منذ 16 مارس 2020.
وبعيدا عما خلفه قرار السلطات المتسرع وغير المحسوب العواقب من ارتباك واضح بهذا الشأن، حيث أن الجمعية المغربية لأرباب المقاهي والمطاعم أبدت رفضها التام للقرار وتشبثها بالاستمرار في إغلاق المحلات المعنية إلى ما بعد رفع الحجر الصحي وتحقيق مطالب المهنيين عبر حوار جاد ومسؤول يأخذ بعين الاعتبار أوضاعهم ويراعي مجموعة من الإكراهات آثار جائحة كورونا.
وبعيدا كذلك عما يوفره قطاع حيوي هام بحجم قطاع المقاهي والمطاعم الذي ما انفك يتوسع بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة، في مختلف المدن المغربية والمناطق المجاورة لها والرابطة بينها، من مناصب شغل وتأمين موارد رزق لآلاف الأسر الفقيرة.
وبصرف النظر عما يلاقيه المستخدمون إناثا وذكورا من إجحاف وهضم لحقوقهم، من حيث عدم تطبيق الكثير من المقاهي على وجه خاص لقانون الشغل، وحرمانهم من بطاقة الشغل وبيانات الأجرة والحد الأدنى القانوني للأجور، والحماية الاجتماعية والتصريح بهم في الصنوق الوطني للضمان الاجتماعي، وغير ذلك كثير.
فإن ما لفت انتباهنا وأثار استغراب الكثيرين، هو أن يتم إلى جانب شروط السلامة الصحية وضع إجراءات تعجيزية من قبيل عدم السماح للزبناء في المرحلة الأولى بالجلوس في المقاهي والمطاعم، والاقتصار فقط على تقديم الخدمات عبر عملية توصيل الطلبات إلى عناوين أصحابها أو تسليمها لهم مباشرة خارج فضاءات الغرف الخاصة بتناول القهوة والشاي وباقي المشروبات أو مختلف الأطعمة…
فالمقاهي ليست محلات خاصة ببيع القهوة وحملها لأماكن أخرى، ولا فضاءات تتاح فيها فرصة الجلوس لتناول القهوة أو الشاي وغيرهما من المشروبات، أو تضرب فيها مواعيد اللقاءات بين الناس، أو لتجمع المتقاعدين وغيرهم للعب الورق أو الشطرنج فيما بينهم، أو لممارسة القمار والرهان على الخيول والكلاب، أو ملتقى للمولعين بالموسيقى وروائع الطرب العربي أو عشاق المستديرة لمشاهدة المقابلات الرياضية في البطولات الوطنية والأجنبية على القنوات الفضائية المشفرة، بل هي ظاهرة اقتصادية واجتماعية وثقافية، إذ يعد المقهى فضاء اجتماعيا بامتياز، يساهم في نسج علاقات عاطفية واجتماعية وعقد الصفقات المالية وخلق فرص التعارف مع أصدقاء جدد.
ولا يمكن لأي كان أن ينفي بأن المقاهي بالمغرب تعد من بين المشاريع الاقتصادية المربحة كما يدل على ذلك تناسلها اللافت، وما باتت تعرفه من رواج كبير في ظل انتشار البطالة وغياب الفضاءات التي يمكن استقبال الشباب ومساعدتهم على حسن استثمار أوقاتهم واالإسهام في صقل مواهبهم وتنمية أفكارهم وتفجير طاقاتهم، من قبيل دور الشباب والثقافة والرياضة، ولم تعد تلك الفضاءات الخاصة بالاستراحة أمام الموظفين والتجار أو باحات للتأمل بعيدا عن صخب الحياة، بل صار المقهى هو المكان الوحيد المتاح ولوجه أمام الجميع، باعتباره فضاء أساسيا واجتماعيا ذا بعد ثقافي ورمزي، فيه يمكن للمواطن الهروب من مشاكل البيت والأبناء وتكسير الملل بالإبحار في عوالم افتراضية عبر الانترنت، وفيه يتاح لرواده إمكانية الكتابة والقراءة وتبادل الأفكار بأريحية، والاطلاع على مختلف مواد الصحف اليومية، وهو كذلك “أندية” عامة مفتوحة أمام التلاميذ والطلبة لاستذكار دروسهم والتحضير للامتحانات خلال العطل المدرسية والجامعية.
وجدير بالذكر أن المقاهي كانت في ما مضى منصات إخبارية بين الأصدقاء سواء منها ما يتعلق بترويج الأخبار السياسية أو الثقافية أو الرياضية، وظلت تشكل منتديات للفكر والثقافة والإبداع ومراكز لاجتماع الأدباء والشعراء والفنانين ورجال السياسة، بيد أنه سرعان ما بدأ بريق ذلك الإشعاع الثقافي في الخفوت وتراجعت الكثير من إيجابياتها خلال السنوات الأخيرة أمام ظهور أشكال جديدة من وسائل التواصل الاجتماعي، وصار بإمكان مستخدميها الانخراط بيسر في المناقشات والألعاب عبر الشبكة العنكبوتية، وبقيت فقط بعض المقاهي القليلة جدا في مدن الدار البيضاء والرباط وطنجة ومراكش تحتفظ بعاداتها النبيلة…
إننا إذ نأسف لما آلت إليه أوضاع عديد المقاهي من ترد وخاصة في الأحياء الشعبية، التي تحولت إلى أمكنة لهدر الوقت والممارسات غير المحمودة، وما أصبح عليه معظم أربابها من جشع في تحقيق أرباح مرتفعة بكل الجهات، فإننا نأسف كذلك لما يعانيه المستخدمون من قهر وظلم، ونأمل في أن يعاد لها مجدها الضائع، وأن تسهر الجهات المختصة على حماية الحقوق المشروعة لكل العاملات والعاملين بها وضمان استقرارهم والاستفادة من التغطية الصحية والاجتماعية ومعاش التقاعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.