أشرف عامل إقليمأزيلال مرفوقا بالسيد المتوكل بلعسري الكاتب العام للعمالة، ورئيس المجلس العلمي المحلي بأزيلال، والمندوب الجهوي للشؤون الإسلامية بجهة بني ملالخنيفرة، والمندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية بأزيلال، وعدد من رؤساء المصالح الخارجية والأمنية، على مراسيم حفل افتتاح الموسم الدراسي الجديد 20192020 بمركزية مجموعة مدارس الشيخ سيدي إبراهيم البصير للتعليم العتيق بجماعة بني عياط. وبعد الافتتاح بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم من طرف طالبة بالمؤسسة، وترديد النشيد الوطني من طرف براعم المؤسسة، ألقى الشيخ مولاي إسماعيل بصير، المدير المشرف على مجموعة مدارس سيدي إبراهيم البصير للتعليم العتيق كلمة بالمناسبة رحب من خلالها بجميع الحاضرين والحاضرات في رحاب هذه المدرسة العتيقة لفعاليات هذا الحفل المنظم بمناسبة افتتاح الموسم الدراسي 2019/2020 تحت شعار: “إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم”. وخاطب مولاي إسماعيل بصير الطالبات والطلبة بقوله: “أبنائي بناتي نعود مرة أخرى إلى ساحة البناء، إلى دوحة العلم وروضة المعرفة وميدان التنافس، إلى المدرسة مصنع الرجال وبناء الأجيال، المدرسة مدرستكم هي عامرة بكم”، وعبر عن سروره رؤية وجوه الطلبة المشرقة ونظراتهم المتفتحة فيلمح فيها حبا للعلم وتطلعا للمعرفة وهمة وعزيمة ونشاطا وأملا باسما في مستقبل مشرق بإذن الله. وأضاف المدير المشرف على المؤسسة أنه بعد إجازة طويلة، تجدد النشاط وتريح الذهن وتنعش الفؤاد، “ها نحن نعود وقد تحقق بإذن الله كل ذلك فصرتم اليوم أكثر رغبة وأعظم همة وأتقى ذهنا، قد استعدت نفوسكم وعقولكم لعام دراسي جديد مليء بالحيوية والنشاط والانضباط، فلنجدد العزم ولتكن بداية موفقة، فمن أشرقت بدايته أشرقت نهايته”. وأكد مولاي إسماعيل بصير في حديثه للطلبة والطالبات أن هذه المدرسة هي بيتهم الثاني ومظهرها يدل على حال أهلها “فتميزها من تميزكم وتفوقها تفوقكم ونظافتها نظافتكم، وهي أيضا أمانة في ذمتكم، جدرانها وأثاثها وكتبها وكل ما فيها وضعت بين أيديكم لتنتفعوا بها وتعتبروها من أعز ما تملكون”. وأوضح المشرف العام على مجموعة مدارس سيدي إبراهيم البصير للتعليم العتيق أن الكل في خدمة الطلبة والطالبات ساهر من أجلهم، من أساتذة وإداريين وسلطة وأمير المؤمنين، كل هذا من أجلهم من أجل إنتاج جيل صالح لنفسه ولمجتمعه ولوطنه، وأنه لا يتم ذلك إلا بالعلم. وشدد مولاي إسماعيل بصير في ذات الكلمة أن الْعِلْمُ هُوَ أَيْسَرُ الطُّرُقِ وَأَحْسَنُهَا وَأوْضَحُهَا لِلْوُصُولِ إِلَى رِضْوانِ اللَّهِ وَجَنَّتِهِ؛ مستشهدا بالحديث الذي رَواه مُسْلِمٌ مِنْ حَديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ”، وبيَّنَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ فَضْلَ الْعِلْمِ وأَهْلِهِ؛ حَيثُ قَالَ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ، كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا، وإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ”، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاودَ والتِّرْمِذِيُّ. ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ رَبُّنَا جَلَّ وعَلا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَلَبِ التَّزَوُّدِ مِنْ شَيءْ إِلَّا مِنَ الْعِلْمِ؛ فَقَالَ لَهُ آمِرًا، ولِغَيْرِهِ مُرْشِدًا: ﴿وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾. وَأبرز ذات المتحدث أن دِينُنَا الإسلامي يُشَجِّعُ علَى كَسْبِ الْعُلُومِ والْمَعَارِفِ الَّتِي تُزَوِّدُ الأَفْرَادَ والْمُجْتَمَعَ بِكُلِّ صَالِحٍ ونَافِعٍ يُحَقِّقُ عَمَارَ الأَرْضِ وِفْقَ مَا أَرَادَ اللهُ جَلَّ وَعَلا، وَبِمَا يَضْمَنُ للأُمَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ العِزَّةَ والْكَرَامَةَ، والرِّفْعَةَ والسِّيَادَةَ، فَالْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وأَفْضَلُ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وفِي كُلٍّ خَيْرٌ.وأكد مولاي إسماعيل أن طلبة وطالبات مدرسة الشيخ سيدي إبراهيم البصير الخاصة للتعليم العتيق، ليثمنون بكل فخر واعتزاز جهود جلالة الملك لما يوليه من اهتمام للمدارس العتيقة ولطلبتها، وأجمع أمره على إنصاف هؤلاء الطلبة بإحداث مؤسسات علمية لاحتضانهم، وفتح المجال أمامهم ليواصلوا تعليمهم في التعليم العالي، بعدما كانوا يعانون التهميش والإقصاء؛ وذلك من خلال الظهير الشريف رقم09.02/1 الصادر في 15 من ذي القعدة 1422ه الموافق ل 29 يناير 2002 م. معبرا عن عجزه في وصف مدى حب وإخلاص وامتنان طلبة التعليم العتيق لجلالة الملك أمير المؤمنين على ما يوليه لهم من اهتمام ورعاية وعطف. وبهذه المناسبة تقدم المشرف العام لمجموعة مدارس سيدي إبراهيم البصير للتعليم العتيق بالشكر الجزيل إلى السيد عامل الإقليم على دعمه المادي والمعنوي حيث استفاد طلبة المؤسسة من 400 محفظة خلال هذا الموسم الدراسي من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بأزيلال. واستعرض مولاي إسماعيل بصير مجموعة من الإحصائيات المهمة حول مركزية مجموعة مدارس الشيخ سيدي إبراهيم البصير الخاصة للتعليم العتيق بإقليمأزيلال التي تؤوي 404 طالب وطالبة منهم 106 إناث يستفيدون من القسم الداخلي ذكورا وإناثا ماعدا التعليم الأولي. كما أن المؤسسة يشتغل بها عدد من الأساتذة والأطر الإدارية ومستخدمون حيث يبلغ عدد الأساتذة : 42 أستاذ و أستاذة، والإداريون 10 إداري، أما المستخدمون والأعوان فيبلغ عددهم 16. وأشار ذات المتحدث أن عدد الحاصلين على شهادة البكالوريا في الموسم الدراسي 2018/2019 بلغ 17 طالبا بميزات حسنة و جلهم التحقوا بمعاهد وجامعات لمتابعة دراستهم، واغتنم الفرصة لتوجيه شكره الجزيل إلى أهل الفضل والعطاء وأصحاب الأيادي البيضاء ممن أثاروا الآخرة على الدنيا وجعلوا من أموالهم نصيبا لأهل القرآن والعلم، دون أن ينسى شكر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المتمثلة في شخص المندوب الجهوي والمندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية على المجهودات الجبارة من مواكبة ومتابعة المنظومة التربوية في هذه المدرسة. وفي ذات السياق ألقى الدكتور محمد حافظ، رئيس المجلس العلمي المحلي بأزيلال كلمة بالمناسبة بين من خلالها أهمية العلم والتعلم والمتمثلة في رفع ظلمات الجهل وولوج باب المعارف الإنسانية من جميع الأبواب حسب الاختيار والقدرات. وتناول الدكتور محمد حافظ بالدرس والتحليل أهمية التعليم العتيق ببلادنا لارتباطه بالقرآن الكريم ومختلف العلوم الشرعية التي تعين على فهمه واستنباط أحكامه، وأبرز المكانة العظيمة التي يحتلها القرآن الكريم في حياة المغاربة قاطبة. وأشار حافظ إلى أنه تأسست في البدء بالمغرب رباطات لحفظ القرآن الكريم، قبل أن يطلق على هذه الأماكن اسم الزوايا، بالإضافة إلى وظيفة المساجد والجوامع، وبعد هذا تأسست أول جامعة في العالم الإسلامي جامعة القرويين بفاس، ثم تلا ذلك بناء مدارس منبثقة من المساجد كمدرسة بن يوسف بمراكش، وجاء تأسيس معاهد للتعليم الأصلي في مدن أخرى، وبعد دخول التعليم العصري إلى المغرب في بداية الحماية، أصبح يطلق اسم التعليم الأصلي على هذه المعاهد. وأشار رئيس المجلس العلمي بأزيلال إلى أن تسمية هذا النوع من التعليم بالأصلي والأصيل والعتيق تمييزا له عن التعليم العصري، مبرزا الدور الكبير الذي أداه هذا النوع من التعليم في ثقافة المغاربة وأصالتهم، حيث أنتج علماء كبارا في مختلف التخصصات. وأضاف ذات المتحدث أن من معاني اسم هذا النوع من التعليم (العتيق) الأصالة والأصيل والنفيس والتحرر والعلم، مؤكدا أنه من حسنات جلالة الملك محمد السادس نصره الله، حيث ولد في عهده وترعرع، وانتشرت مدارس التعليم العتيق في مختلف أرجاء البلاد، في المدن والبوادي مما مكن أبناء البوادي والحواضر من نيل حقهم في التربية والتعليم، ومحاربة الهدر المدرسي، والمحافظة على الهوية الدينية المغربية والحفاظ على حفظ القرآن وتحفيظه كعادة مغربية أصيلة، مع تطعيم هذا التعليم بثقافة هذا العصر كاللغات والرياضيات ومواد أخرى مما جعل تلاميذ هذا التعليم يندمجون سريعا في محيطهم ومن جهته أكد الدكتور عبد الرحيم مسكور، المندوب الجهوي للشؤون الإسلامية بجهة بني ملالخنيفرة أن مؤسسة سيدي إبراهيم البصير للتعليم العتيق مؤسسة نموذجية على المستوى الوطني والجهوي وذلك لسببين اثنين أولهما أنها زاوية محتضنة للعلم والعلماء وثانيهما هو حرصها على التحديث والتجديد، منوها بدور أساتذة التعليم العتيق في الرقي بمستوى هذا النوع من التعليم. واستعرض مسكور مجموعة من الإحصائيات حول التعليم العتيق بجهة بني ملالخنيفرة، حيث تتواجد 17 مؤسسة تعليمية للتعليم العتيق، سجل بها من المتمدرسين 2290 طالبا وطالبة، ويشتغل بها 252 من الأطر التربوية وتحتضن 67 من الأطر الإدارية والمستخدمين؛ كما أن الجهة تحتضن 530 كتابا قرآنيا يدرس بها 4290. وأشار الدكتور عبد الرحيم مسكور إلى أن مدارس التعليم العتيق من المؤسسات ذات الاستقطاب المحدود، لأنها مرهونة بشرط أساس وهو حفظ القرآن، وأن جهة بني ملالخنيفرة تحتل الرتبة الخامسة من بين جهات المغرب من حيث عدد المدارس والكتاتيب القرآنية وعدد المتمدرسين بها. و أوضح الدكتور جمال الدين امحمدي، المندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية بأزيلال، أن التعليم العتيق يعد نظاما تعليميا أصيلا نشأ في أحضان الحضارة العربية الإسلامية وازدهر في عصورها الماضية، مضيفا أن هذا النوع من التعليم تطور في ظل هذه الحضارة، ونما ليفي بحاجات المجتمعات الإسلامية مسترشدا بالمنهج النبوي في تعليم الصحابة في أمور دينهم ودنياهم؛ ثم تطور هذا المنهج بتطور مجتمع المسلمين وتطور حاجاتهم وازدهار المعارف والعلوم الإسلامية فيها، وأنه كان دائما محافظا على المواءمة بين التربية والتعليم، ومقارنا للعلم بالعمل، ورابطا للمعرفة بالتطبيق. واعتبر الدكتور امحمدي التعليم العتيق وتحفيظ القرآن الكريم بصفة عامة من أقدم أنماط التعليم ببلاد المغرب، وأنه أسهم قرونا طويلة وإلى يومنا هذا في تثبيت دعائم الدين الإسلامي والحفاظ على لحمة المجتمع المغربي دينيا واجتماعيا وثقافيا، وصيانة ثوابت الأمة الدينية والوطنية من كل محاولات التحريف والتغيير. وأكد المندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية بأزيلال، أن الإقليم يحتضن أربع مؤسسات للتعليم العتيق، مدرسة عمومية ويتعلق الأمر بمدرسة سيدي علي بن إبراهيم، وثلاث مدارس خاصة هي مدرسة الشيخ سيدي إبراهيم البصير، مدرسة أوحلو بإمليل و مدرسة تيزي نوبادو بأيت بلال، ويتمدرس بها ما يقارب 1000 طالب وطالبة، يؤطرهم حوالي 150 إطارا تربويا وإداريا، ويستفيد غالبية الطلبة من النظام الداخلي، كما يضم الإقليم حوالي 380 كتابا قرآنيا يستفيد منها 6000 طالبا وطالبة نظاميين وغير نظاميين. وفي كلمة له بالمناسبة، ركز الدكتور عبد المغيث بصير، عضو المجلس الأكاديمي لمؤسسة محمد بصير للأبحاث والدراسات والإعلام، على مركزية القرآن في حياة الإنسان، وكذا الاهتمام الكبير للمغاربة بالقرآن الكريم حفظا وتلاوة ورسما. كما توقف الدكتور عبد المغيث بصير عند قول الله تعالى “إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم”، الذي اختارته مؤسسة سيدي إبراهيم البصير شعار لحفل افتتاح موسمها الدراسي الحالي، معتبرا أن كل آية في القرآن الكريم تهدي للتي هي أقوم، فكل من حفظ آية من القرآن عليه التدبر والتفكير كيف تهديه للتي هي أقوم. واستحضر بصير بعض النماذج من خريجي مدرسة الزاوية البصيرية الذين هداهم الله بهدايته وفتح عليهم ورزقوا الكفاف والعفاف عن الناس ووصلوا إلى الأمن الروحي والإيماني، بالإضافة إلى ما يتمتعون به من السمعة الطيبة والكفاءة العلمية وهم من المواطنين الصالحين النافعين لمجتمعهم ووطنهم. وشدد عبد المغيث بصير على ضرورة تحمل جميع مكونات المدرسة البصيرية لمسؤوليتهم وأدائهم للواجب أحسن قيام، وأن الكل يجب أن يكون على قلب رجل واحد “إذا أردنا النجاح وتحقيق نتائج أفضل” على حد تعبيره. وأشار عضو المجلس الأكاديمي لمؤسسة محمد بصير، إلى أن الزاوية البصيرية بنيت قبل مائة سنة أو يزيد وأنها تنبني على أربعة أركان أساسية: العلم ،التربية، التزكية، والإطعام والإيواء للفئات الهشة، أنها تلعب دورا مهما في المجتمع، فمنذ أن أسست وهي تربي وتعلم وتخرج الأجيال. وختم الدكتور عبد المغيث بصير بالتأكيد على أن مؤسسة سيدي إبراهيم البصير رفعت شعارا مهما هو “علم وسلوك” في زمن غاب فيه دور الأسرة و المدرسة في تربية وتخريج المواطن النافع للمجتمع، مشددا على ضرورة الجمع بين طلب العلم وأخلاق العلم، وحث طلبة المؤسسة على الصبر في طلب العلم، لأن التفوق لا بد له من صبر ومكابدة ومجاهدة. وبعد انتهاء فقرات هذا الحفل بتلاوة جماعية للقرآن الكريم لطلبة المؤسسة وقراءة لمتن جماعي من طرف طالبات المؤسسة والختم بالدعاء الصالح، قام عامل الإقليم والوفد المرافق له بزيارة تفقدية لمختلف مرافق المؤسسة والاطلاع على السير الدراسي بها.