نظمت الأطر التربوية والإدارية بمجموعة مدارس تكانت جماعة أفورار إقليمأزيلال، حفلا بهيجا للاحتفاء بالأستاذ “محند حكيم” وتكريمه بمناسبة إحالته على التقاعد حد السن، بعد قضائه زهاء أربعين من العطاء والجد في ميدان التربية والتعليم. وبهذه المناسبة ألقى محمد طعيم، مدير مجموعة مدارس تكانت كلمة عبر من خلالها عن سروره لحضور هذا الحفل، الذي اعتبره يوم الوفاء والعرفان، والذي تحييه مؤسسة تكانت احتفاء بالأستاذ الكريم (محند حكيم) الذي أنهى خدمته بعد مسيرة حافلة بالعطاء في ميدان الشرف، ميدان التربية والتعليم. وأضاف طعيم أن أطر المؤسسة يكرمون اليوم زميلا عزيزا، له في قلوبهم كل المحبة والتقدير، متطلعين في مجموعة مدارس تكانت إلى إرساء تقليد حضاري يكون فيه الاحتفاء بأهل الفضل، والعرفان بحق السابقين، واجبا لا مناص من تأديته، ونهجا لابد من مواصلته وترسيخه… وشكر مدير المؤسسة الجميع، على حضورهم ومشاركتهم في هذا الحفل، الذي يكرم فيه اليوم رجل ينتمي لأسرة تحمل أسمى رسالة، ألا وهي رسالة التربية والتعليم التي حملها خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم. وأبرز ذات المتحدث أن المعلم كان ولا يزال مربيا يقود الجاهل، ويهدي الضال، وينير الطريق لكل من التجأ إليه، فهو كالمنارة على رأسها نور وضياء، يراه من فقد الطريق، فيهتدي به وينتفع من نوره. و ما هذه الألوف المؤلفة من أبنائنا إلا أغراس تعهدها المعلم بماء علمه، فانبعثت وأثمرت وفاضت معرفة وفضلا. فجدير بنا يضيف طعيم أن نحتفي ونكرم من حمل هذه الرسالة وأداها على أكمل وجه. يف لا وقد كرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: »إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ فِى جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْر«. إن ما يحتاجه المعلم حتى يرتقي لمصاف الأنبياء، يؤكد مدير مدرسة تكانت شروط ثلاث: ضمير حي، وقلب محب، وإخلاص في العمل، وقد توفرت جميعها في معلم الأجيال محند جكيم طيلة حياتة المهنية، وهو ما يستحق عنه الحفاوة والعرفان بالجميل، لأنه أدى الأمانة، وحقق الرسالة، وسجل بصمات يشهد له بها تلامذته ومختلف الأطر التي اشتغل معهم، وستبقى شهاداتهم في حقه وساما فخريا يتوج سنين حياته. خاطب مدير المؤسسة المحتفى به قائلا: “إننا اليوم، إذ نتوجه بالتكريم إليكم، إنما نتوجه إليكم بتحية التقدير والاحترام لمرحلة من مراحل عطائكم الوظيفي، الذي أخذ سنوات من عمركم تميزت بالتضحية ونكران الذات، في سبيل أداء الأمانة، وإن أقل التفاتة شكر تقدم لكم، هي الاحتفال بكم وتكريمكم في حفل يحضره زملاؤكم الذين لايزالون في الخدمة”. وختم محمد طعيم كلمته بقوله: “أملنا كبير في أن تتقبلوا منا هذا الحفل التكريمي البسيط في ظاهره، الغني في رمزيته ودلالاته ، فهو عربون محبة وفاء وإخلاص. فلكم منا، باسم الإدارة المركزية والجهوية والإقليمية لوزارة التربية الوطنية، وباسم الأجيال التي تتلمذت على أيديكم، وباسم كافة نساء ورجال التعليم خالص الدعوات، وجزيل الشكر على ما كابدتموه من مشاق، وعانيتموه من صعاب من أجل تحقيق الغايات والأهداف التربوية النبيلة”. ومن جهته ألقى الأستاذ عمر أكرضي كلمة باسم الأطر التربوية بمجموعة مدارس تكانت قال فيها إنه في لحظات من التأمل والتفكير في حصاد العمل الطويل التي أمضاها الأستاذ (محند حكيم) في خدمة التربية والتعليم والتي ناهزت 40 عاما كأنها طيف حلم نتج عنها هذا اليوم الخالد، الذي يتطلع إليه كل إنسان عامل وهو يتمنى أن يسير في طريق الأصالة والمعالي والطموح، وأعظم أمنية يتمناها أن يسير في مشواره التربوي مع الطيبين الأخيار، وأن يجلس مجالس العلماء وأن يختم مشواره التربوي التعليمي بذلك الوسام وهو حب ورشا من حوله وخاصة أن ميدان التربية والتعليم يمثل أشرف المهن وأجلها في نفوس المجتمعات والأفراد، لذلك فإن الإنسان العامل يستمد أهميته من قيمة عطائه. وأشار أكرضي إلى أن مرحلة التقاعد أهم مرحلة في حياة الإنسان، تتطلب منه في وقت مبكر من عمره التفكير فيما سيقوم ، حتى يتمكن من إفادة نفسه وأبنائه ومجتمعه، وبداية جديدة مع الحياة وفرصة للتنفس والنمو واستثمار أوقات الفراغ والتطور العقلي وتعلم أشياء جديدة والمساهمة في بناء المجتمع وجني ثمار الجهد والعمل ونقل الخبرات، ولايعني ترك العمل في ميدان ما، نهاية المشوار أو توقف جيل من العطاء تماما لأن العطاء مستمر وله صور كثيرة وعديدة وهو مؤشر لقدوم يل جديد يتعاون مع الجيل السابق في البناء والعطاء، يستمد منه الخبرة والحنكة والرأي السديد وهو شاهد على ما قدمته الأجيال الأولى من عطاء وتضحيات وجهد وضعت به أساس المسيرة للنهضة والتنمية فسارت عليه بعد ذلك الأجيال تباعا ليتولى البناء على القواعد الصلبة التي أسستها الأجيال الأولى. وختم عمر أكرضي كلمته بشهادة في حق المحتفى به مفادها أنه “رغم قصر المدة التي جمعتنا بك إلا أن لها الأثر البالغ في النفس والذكريات الجميلة بما تعودناه منك من التواضع والإخلاص في العمل والتعاون الذي عرفناه فيك حيث شعارك الذي كنت تردده كل اجتماع ومناسبة”. وفي ذات السياق ألقى صالح العزماوي، رئيس جمعية أطلس تكانت كلمة جامعة مانعة في حق الأستاذ المحتفى به خصوصا وفي حق نساء ورجال التعليم عموما، عبر من خلالها باسمه وباسم أعضاء جمعية أطلس تگانت للثقافة والتنمية والتضامن والبيئة، عن ارتياحهم لهذه المبادرة الطيبة التي سنتها مجموعة مدارس تگانت بكل مكوناتها، وهي مبادرة تكريم زميل لهم وهو الأستاذ والمربي سي محند حكيم، لما تحمله هذه المبادرة من دلالات تبرز قوة ومتانة العلاقات بين أطر التربية والتعليم في بلدنا، وكلنا امل أن تترسخ ثقافة العمل التشاركي بين كل الفاعلين التربويين والإداريين والمجتمع المدني ، لما فيه من خير على منظومتنا التربوية، وتماسك فاعليها؛ لأننا نعتبر أنفسنا جميعا وسائل سخرها الله تعالى لخدمة أبناء الوطن، وتحقيق أهدافه ومن مواقع متنوعة ومختلفة :اختلاف تنوع وتكامل وإثراء. وأضاف العزماوي أن هذه اللحظة ليست لحظة تكريم عابرة، بل هي تجديد الصلة والتواصل مع أستاذ خدم هذا البلد لمدة من الزمن، وتخرج على أيديه أجيال وأجيال، لذا فهي لحظة للاعتراف بالجميل والجزاء بالإحسان، والتأسيس لثقافة الاعتراف يتطلب نوعا من التضحية ونكران الذات، والانفتاح على مجهود واجتهاد الغير، كمدخل لتوثيق أواصر المحبة بين الأطر التربوية، وأيضا التشجيع على المزيد من الإنتاج والعطاء. ومن دلالة هذا الحفل يضيف رئيس جمعية أطلس تكانت أن هيأة التربية والتعليم تسن سنة حسنة، قوامها الاعتراف بما يبذله أطرها من عمل دؤوب قصد الرفع من جودتها، والتي تتوخى الارتقاء بالوطن ورقيه، ولعل من أسباب الرقي الحضاري أن يكرم المرء ويقدر، لما أعطى وقدم، فبهذا التكريم يحس بقوة الانتماء إلى الأرض والأمة والشعب والتاريخ والماضي والحاضر والمستقبل، ويدرك أنه ليس وحده، ويزداد هذا الإحساس قوة عندما يكون التكريم من زملاء في المهنة، ومن داخل الوطن وليس من خارجه. وهنا يتخذ التكريم بعدا حضاريا، ولا تخفى علينا جميعا أهمية أن يكرم المربي أثناء حياته وهو محاط بأهله وخلانه. وأكد العزماوي أنه حين ندعو لإقامة حفل تكريم لأساتذتنا وزملائنا فإننا نكون أوفياء لقيمنا الأصيلة، النابعة من نصوص ديننا الحنيف التي حفظها الله تعالى من كل محاولات التحريف والتغيير، ذلك أن الأصل في فعل التكريم هو القرآن الكريم، الذي نص على تكريم الله للإنسان حين جعله على الأرض خليفة لقوله تعالى "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة"، وحين علمه الأسماء كلها "وعلم آدم الأسماء كلها"، وحين أسجد له الملائكة، "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا"، وحين منحه البر، وحمله في البحر، وفضله على كثير من خلقه "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا". كما أنه امتثال لتوجيهاته تعالى حين يقول: "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان"… فلا جرم أن لحظة التكريم تحمل مغازي كثيرة، وإلماعات بارعة، يدركها الحصيف، ويتقبلها المنصف بقبول حسن، أيا كان المضمار الذي يعمل فيه ذلك المرء؛ ولعل في مقدمة تلك المغازي إغراء أولي العمل والفضل من أساتذة وإداريين بمتابعة ما سنوه لأنفسهم من طرائق، وما درجوا عليه من مواصلة المثابرة وتحمل المشاق والمحن في سبيل ما نذروا نفوسهم لأجله من تربية وتعليم أبناء الوطن، فالتربية والتعليم تكرم اليوم برجالها وتكريم الإنسان المربي إنما يعني الاحتفاء بالتربية أولا، وبالموقف الإنساني ثانيا وعبر رئيس جمعية أطلس تكانت في ذات الكلمة أنه لا يمكن الوقوف في هذه العجالة من فسحة الزمان عند تعداد خصال الأستاذ المحتفى به، فهو رحلة من العمل المهني، وسفر في مسيرة من العطاء التربوي والتعليمي، رحلة زادها الصدق، ومسيرة خطاها الجهد النقي، واحتفاؤنا به اليوم احتفاء برجال حرصوا دائما على هويتهم، وأن تكون هذه الهوية غير مقطوعة الجذور، مترابطة الأوصال، تحافظ على أصالتها، من غير أن تتجمد أو تتقوقع، لتبقى منفتحة على كل ما يفيد منظومتنا القيمية والتربوية. وعرفت مختلف التدخلات إشادة بجدية وأخلاق الأستاذ المحتفى به مستحضرين محطات من حياته المهنية الطويلة والحافلة بالجد والمثابرة والعطاء، سائلين المولى عز وجل أن يطيل من عمره ويبارك في عمره ويرزقه حسن الخاتمة. وفي نهاية هذا الحفل البهيج الذي أصبح سنة حميدة لدى الأطر التربوية والإدارية بمجموعة مدارس تكانت تم توزيع مجموعة من الهدايا الرمزية على الأستاذ المحتفى به وكذا إقامة حفل شاي على شرف الحاضرين والحاضرات.