أستسمح قرائي الأعزاء لكتابة هذه المقالة الصغيرة، لإيصال رسالة شفافة واضحة المعالم والمعاني والطريق لمن يهمهم الأمر. فقد شاخت عقولهم عن التفكير، وهرمت أمخاخهم عن التمييز، وداخت لهم "الحلوفة"، فأصبحت أعينهم تدور في جماجمهم، فلا ترى إلا إسم هذا العبد الضعيف، وصورته في كل المقالات التي تعري وتفضح هشاشة وضع سكان إقليمأزيلال وحرمانهم وتهميشهم، وتبذير ميزانياتهم في "التخربيق" في إطار سياسة "تدويخ الفأر، ويجندون بعض، وأركز على بعض، أي قلة قليلة من المجموع، من المرتزقة لتلميع صورة وأحذية بعض المسؤولين وذلك ضمن خطة "زوقني نعطيك"، أو "سكت علي نميك عليك". أصبح أصدقائي، هؤلاء، يحللون كل المقالات التي تنشر على هذا الموقع المحترم جدا،وي"شمشمون" رائحة أسلوبي في الكتابة، لكي يقنعوا أسيادهم، أنني صاحب "الفعلة". طبعا، إلى حدود هنا فالأمر عادي جدا. فقد سبق أن رسمني البعض في كاريكاتير ونعتني ب"بوسكا"، وهذا اعتراف ضمني أن مقالاتي شديدة اللدغة، ولم أحرك ساكنا، فكل من يصبو إلى الإصلاح والتغيير، ويحاول فضح الفساد وإبراز النواقص والإختلالات، سيواجه بقوة وسيحارب بكل الوسائل. فهذا طبيعي، ويعرفه الشرفاء المناضلون عبر التاريخ والجغرافيا. غير أن ما دفعني لفتح هاته النافذة، لكي أطل على أصدقائي في أسفل وادي عبقر هذه المرة، هو أنهم تجاوزوا الخطوط الحمراء والسوداء معا. فأن يسبوني ويشتموتي ويتجسسوا علي عادي جدا وجاري به العمل، في دول العالم الثالث، أما أن يسبوا أمي بكلام ناب ساقط، وهي التي ودعتنا إلى دار البقاء منذ ثماني سنوات، فهذا ما لا أقبله، ولا أطيقه، ولن أسكت عنه، مهما كلفني ذلك من ثمن. أيها الجبناء الأعزاء: سأريح أعصابكم المريضة، وأقول لكم أنني ماض في طريق الكتابة، وسأضيف إليه التعليق الشفهي، وسأواصل، بإذن العزيز القهار، نضالي بالقلم والكاميرا، من أجل أولئك الذين لا يستطيعون البوح بمعاناتهم، في الكهوف وعلى رؤوس الجبال، وبين ضفاف الوديان. سأكتب من أجل المرضى والثكالى واليتامى والعجائز والأطفال والشباب، الذين يموتون حبا في وطنهم وملكهم، ويموتون جوعا ومرضا وفاقة بسبب إهمال وتهميش ونسيان بعض، وأركز على بعض، المسؤولين الذين تخلوا عن مسؤولياتهم، وتفرغوا ل"زيادة الشحمة فظهر المعلوف"، عوض تخفيف آلام مواطنين يعانون، منذ عقود، في صمت وخوف. أيها الأصدقاء الجبناء: أنتم تعلمون أنني لست من يخاف أو يهاب أو يتم ترهيبه أو ترويعه. فعندما أمسك بقلمي، وأقرر الكتابة، بكل حرية وأريحية، فإنني أستحضر كل المتاعب والمصاعب التي سأواجهها. فخدمة الوطن، والشعب، والملك تستحق مني التحمل والصبر والتضحية. وإذا ما قدر أن تكون روحي ثمنا لقول الحق، وكشف الحقيقة، ونصرة المظلومين، وتعرية ناهبي المال العام، فسأبذلها رخيصة في سبيل ذلك، ولن أتردد. فلست أملك بيتا ولا سيارة ولا حسابا بنكيا منتفخا، لأنني قررت أن أحافظ على استقلالية قلمي وحرية تعبيري وأفكاري. طبعا لست ملاكا، فزلاتي أكثر من أن تحصى، ولكنني لا أبيع قلمي وكلماتي ومشاعري بآهات ودمعات المكلومين والمحاصرين بين الفجاج، يحلمون بمستشفى أو طريق، أو مدرسة، أو إدارة تخفف بعضا من معاناة أبنائهم، أو أحفادهم. أما هم فقد ألفوا الضيم والظلم والظلمة والحگرة، منذ زمان، ولم يعد حلم غد مشرق يزورهم. هم فقط يحملون هم أطفال يعلمون يقينا أنهم لن يصبروا ولن يتحملوا كل الألم الذي عاشه أجدادهم وآباؤهم… لي رجاء واحد، أيها الجبناء الحقراء، لا تسبوا والداي فقد فقدتهما، وهما أغلى ما أملك، ولم يعد لدي ما أخشاه مطلقا، فجبيني يركع ويخضع لله وحده، وإني نذرت لوطني وشعبه الكريم ألا أخذله ولا أبيعه. فافعلوا ما تؤمرون، فستجدونني إن شاء الله صابرا محتسبا. فالإصلاح مسار شاق وطويل، فاللهم ثبتنا على الحق والصدق والخير إلى أن نلقاك. والسلام على من اتبع الهدى!