كنت قد انتهيت من كتابة إحدى مقالاتي المتواضعة، لطرحها هنا بهذا الصرح العريق، لأناس أعزهم، لأجل “أخبار اليوم” المدرسة الصامدة بقيادة هيكل المغرب توفيق بوعشرين. ومن عادتي أن أُحضر المواضيع التي أكتبُها على الأوراق لمُراجعتها، ولذلك جلست أقرأ الموضوع عدة مرات لتصحيح ما أراه يحتاج إلى تصويب، انتبهت إلى صوت نحيب وبُكاء خافت، صوت يشبه صوت إنسان يحتضر، زاغت عيني هنا وهناك تبحث عن مصدر الصوت، فإذا بي ألمح قلمي يبدو مُنهكا وحزين، فتلك هي المرة الأولى التي أُلقيه في دُرج مكتبي، فقد اعتدت أن أضعهُ في المقلمة، واقفا كالحارس على أوراقي وأشيائي المُبعثرة مددت له يدي وأمسكتهُ برفق وكأنني أعتذر له عن ذنب اقترفته حين أهملتهُ. وقلت له: ما بك يا صاحبي؟! قال قلمي: اعلم يا صديقي أننى شارفت على انتهاء دوري معك وأنا متحمس لإكمال مسيرة بدأنها معا وهي الكتابة لأجل إنقاذ الصوت الحر للصحافة المغربية، صوت أخبار اليوم. ولم يتبق لي سوى نقطة حبر لن تكفى لمواصلة مشواري معك، الذي عشناه معا فى الفرح والحزن والبحث احتواء ما نكتبه، وأود يا صديقي أن تكمل المسيرة كما بدأناها ولا تتوقف، إلا بموتك كما انتهيت أنا الآن، أكتب أي شيء وعن كل شيء عبر عن أحاسيسك عن آلامك، لا تكتمها بداخلك حتى لا تموت مثل الأشجار التي تموت وهى واقفة، ولا يشعر بها أحد فهي خُلقت لتخرُج إلى النور، ساهم في إظهار ما لا يراه الناس فالكلمة الطيبة صدقة. قلت له: وها أنا على العهد يا صديقي، أعاهدك أن أواصل المسيرة ولن تحتضر أنامل قلمي من بعدك، فسأظل وفيا لقضية بدأنا الكتابة فيها معا، قضية وطنية بالدرجة الأولى، قضية تخص الصحافة الوطنية كاملة، و ليس “أخبار اليوم” وحدها. قال قلمي: تبقى لدي نقطة حبر أهديها لك يا صاحبي. قلت له: سأكتب بها في دفتري الخاص كلمه واحدة: الضمير فهل سينصت قضاتنا لضميرهم هذه المرة أم لهواتفهم كما قال عباس الفاسي خصوصا لما آلت إليه أحكامهم الظالمة. رجاءا لأجل قلمي أيها القضاة أحكموا بالعدل ...فلا تظلمونا.