تلامذتي الأعزاء: كلما اقترب الإمتحان إلا وتسارعت عقارب الساعة فتتحول الأيام بأكملها إلى مجرد ساعات، كما تتسارع نبضات قلوب بعضكم (هناك من هو غير "متسوق")، مما قد يوقف عجلة النوم على الدوران، وشهية الأكل عن الهضم، رغم أن أغلبيتكم يتقنون "السريط والمريط وحتى حاجة ما تشيط"! الإمتحان ليس سوى اختبار، و الإختبار ليس إلا ابتلاء، والإبتلاء ليس إلا مجموعة من التمارين التي تستوجب الصبر على القضاء خيره وشره. إذن، فالإمتحان، في نهاية المطاف، ليس إلا تمارين أبسط، في الغالب، من تمارين وأسئلة الفروض المحروسة التي تنجزونها طيلة السنة. فلم الخوف و"الخلعة" إذن؟ إن ما يجعل الإمتحان، سواء الجهوي أو الوطني، متميزا هو تلك الهالة الهائلة التي تحيط به، والتي تجعل منه "شبحا" مخيفا و"بعبعا" مرعبا. و الحقيقة الحقيقية العلمية أنه ليس أكثر من تمارين بسيطة تحتوي الأسئلة، ونصف الأجوبة على الأقل، في ثناياها. وبعبارة أخرى، فامتحانات آخر الزمان، التي أنتم محظوظون باجتيازها، تضمن لكم الحصول على المعدل فقط إذا فهمتم الأسئلة، حتى ولو تذاكروا ولا "وزة"! توجيها لجهودكم، وترشيدا لاستعداداتكم لاجتياز الإمتحانات بنجاح وتفوق، أقترح عليكم اتباع النصائح التالية: #أولا: قبل القيام بأي سبب، أحسنوا وأخلصو ا التوكل على الله مسبب الأسباب وواهب الأوهاب ومجري السحاب. تضرعوا إليه واسألوه النجاح والتوفيق والثبات، في تلك اللحظات الصعبة.. كونوا على يقين يقيني أن الله يجيب المضطر إذا دعاه.. ادعوا بالدعاء المأثور: "اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا". #ثانيا: في المواد الأدبية، التي تحتاج "الحفظ" احرصوا على أن تكون لديكم فكرة عامة، عبارة عن خطاطة ذهنية، عن كل درس، وليس بالضرورة التفاصيل التفصيلية (الأسماء والتواريخ…). #ثالثا: رددوا ورسخوا في أذهانكم أن الإمتحان ما هو إلا مرادف لفرض محروس في مواد معينة. وتذكروا اجتيازكم للفروض بأريحية وإجابتكم عن الأسئلة بسهولة ونجاح. فالإعداد النفسي الذهني أهم بكثير من الإعداد المعرفي الكمي. #رابعا: لا تفكروا، مطلقا، فيمن سيحرسكم في الإمتحان فهم أساتذة تماما مثل الأساتذة الذين يدرسونكم طيلة السنة، وربما ألطف وأظرف منهم، فليسوا عناصر سلطة مدججين بالأسلحة. ولا تهتموا، أبدا، بمحيطكم الخارجي من إدارة و لجن مراقبة وزملاء… اهتموا، فقط، بأن تكون نفسيتكم و معنوياتكم عالية جدا، و ركزوا على ورقة الإمتحان وحاولوا فهم الأسئلة جيدا قبل الشروع في الإجابة. حتى ولو سقط سقف القاعة، لا تكثرتوا لما يجري بجانبكم. احشدوا كل قواكم وطاقتكم لإنهاء تمارينكم في الوقت المحدد. أي تشويش خارجي قد يؤثر على تركيزكم، وبالتالي قدرتكم على الإجابة السليمة. #خامسا: إياكم والغش، فإن الإعتماد على النجاح بالغش، يعني إلغاء عقلك ودماغك وذاكرتك، ووضعهم في منطقة "الكوفر" من الجمجمة. وهذا خطير جدا. فأنا لا أتحدث هنا عن الجوانب الأخلاقية والقانونية المعروفة العواقب، وإنما على برمجتك اللغوية العصبية حيث تلغي خاصية التفكير لديك وتعتمد كليا على "فرضية الغش" التي حتما لن تنجح. وكما أقول دائما لتلامذتي: لكي تغش يجب أن تكون ذكيا، وإذا كنت ذكيا فلا تحتاج أن تغش. #سادسا: الجانب الصحي غاية في الأهمية: النوم ثم النوم ثم النوم، تجنبوا السهر يومين قبل الإمتحان، على الأقل، أمر واجب وحاسم. فالذهاب إلى الإمتحان بجسد منهك، وعينين "مبوقتين" بالنعاس يعني " باي باي الباك". و أكل وجبتي الفطور والسحور خفيفتين، ليلة الإمتحان، أمر ضروري. يجب تفادي أي طعام قد ينغص عليكم نهار الإختبار. عصير وفواكه أو تمر وحليب، ماشي سنطرال، وما شابه من الأغذية المغذية وسهلة الهضم أفضل. تحتاجون جسدا وروحا ودماغا يعملون بتناغم وحيوية واي خلل في أحدهم سيحعل مهمة "الباك" صعبة. #سابعا: احضروا من الأدوات "الدوبل" ما أمكن، خاصة الأقلام. فقد يصاب قلمكم الأزرق، مثلا، بالعين الحاسدة فيتوقف عن الكتابة فجأة، والوقت لا يرحم.. الإستعداد الطواريء ضروري. واجلبوا ساعة يدوية ضعوها أمامكم. #ثامنا: طريقة كتابة الجواب أهم من الجواب نفسه، بمعنى فن صياغة الأجوبة أهم من كمية وحجم المعلومات والمعارف التي ستكتبونها. فغالبا ما يكون الجواب "مختفيا" في مكان ما من نص الموضوع أو نص الفهم أو السؤال نفسه… فقط عليكم إعادة صياغته بأسلوبكم الخاص. جمل قصيرة مباشرة خالية من الأخطاء الإملائية أفضل من الأجوبة "المعنكشة". اعتمدوا قاعدة: ما قل و دل. المصحح يتعامل مع ما هو مكتوب في الورقة، وليس "ما تودون قوله". لا مجال لشرح ما كنتم تقصدونه بكذا وكذا.. لذلك قولوه بشكل واضح وبسيط. #تاسعا: ابدؤوا الإجابة عن الأسئلة السهلة التي أنتم متأكدون من الجواب الصحيح، و قسموا وقت الإختبار حسب النقطة المخصصة لكل سؤال. فلا يعقل تضييع وقت أكبر في سؤال يستحق نصف نقطة، وتنسون سؤالا على خمس نقط مثلا. #عاشرا: إحرصوا جيدا أن تقبلوا جبين ورأس ويدي والديكم قبل مغادرة المنزل يوم الإمتحان. اسألوهم الدعاء في السجود. تأكدوا أنكم تزودتم برضاء الأبوين جيدا. احرصوا، كذلك، على أن تكون علاقاتكم، العائلية بالخصوص، جيدة. فأي اضطراب عائلي قد يؤثر على نفسيتكم في الإمتحان. وأخيرا أتمنى من الله العلي القدير التوفيق والسداد لجميع المقبلين على الإمتحانات الإشهادية. وتذكروا أن "الباك" هو كذلك نصيب ورزق و "مكتاب". فقط ذاكروا وراجعوا واستعدوا بطريقة ذكية تعتمد الكيف عوض الكم، وركزوا على الجانب النفسي الصحي وطريقة الكتابة والتحرير، و سوف تنجحون بإذن الله الذي يجب أن تتوكلوا وتعتمدوا عليه في البداية والمنتهى! جمال أسكى أستاذ اللغة الإنجليزية