تحكي الأساطير القديمة ما زالت تؤكده الحقائق الحديثة والتصرفات اليومية المقيتة،من أن العديد من القناصين يعتبرون من شر الخلق،وأن الفطريون الطيبون منهم قليل،إن لم يكونوا قد انقرضوا بفعل ما دأبوا عليه من عادة القنص السيء،والرمي المجاني والعشوائي لا على الفرائس وحدها،بل حتى على أنفسهم وعلى بعضهم البعض؟؟.ومرجع ذلك كله،ما تحكيه الأسطورة من أن القناصون يعتقدون أن الله تعالى لما خلق الكون وخلقهم والكائنات،أعطى الفلاحون الفأس وتكلفوا بفلاحة الأرض،وأعطى الرعاة السهم وتكلفوا برعاية الماشية،وأعطى القناصون القوس وتكلفوا منذ تلك اللحظة الأزلية بالصيد أجدادا وأحفادا،وظيفتهم على الدوام هي جني كل تعب الآخرين بمجرد رمية قوس يطلقونها دون عناء ودون حساب؟؟. وطبعا،كان القنص في البداية فطريا ولسد بعض الحاجة وإحداث التوازن في الطبيعة،غير أنه سرعان ما تطور إلى آفة قتل مجاني وبشع يخرب مجهودات الآخرين ويدمر الحياة الطبيعية بينهم،بحيث أصبحت رسالة الصيادين ممارسة الصيد من أجل الصيد؟؟.فتطوروا من مجرد أفراد عاديين إلى جماعات شرسة وشركات ضخمة ومقاولات عابرة للقارات، وطوروا وسائل الصيد من مجرد أسهم بسيطة إلى أسهم مسمومة قاتلة وحفر وفخاخ وشباك وأقفاص في الغابة لا تبقي من الدواب ولا تذر،الشيء الذي كان يأتيهم بقطعان الغابة ما يصطادون منها وما لا يصطادون،وما يحتاجون مما يصطادون وما لا يحتاجون؟؟.وطبعا أيضا، تخنثت طباعهم فأصبحوا يصطادون الوحيش ليس من أجل لحومها ورد جوعتهم،بل من أجل جلودها وقرونها فقط،ومن أجل التجارة والمباهاة كذلك،يصطادون الكثير من الجبي ولا يقتربون أو يلمسون لحومها ولا يدعون أحدا يفعل خلافهم،بل يتركونها جيفا ولا يوزعونها كالسابق على فقراء العشائر والقبائل،بل إن الكل من سوء الطباع في التغذية قد أصيبوا بأمراض العصر الفتاكة،وأصبحوا لا يتغذون إلا على الفتاة كالضباع لا تتغذى إلا على بقايا الجيف وما عافته السباع؟؟. ورغم ذلك فآفة القنص قد استحكمت في أهلها،ولا يعرفون ممارسة أو العيش بغيرها،ولم يفتهم حتى تقدم الصناعة والتكنولوجيا في أن يستثمروها في صيدهم البري والبحري والجوي،وكان مما حرصوا عليه في ثورة قنصهم واستحواذهم على كل الثروات،هو استعمالهم لبندقية الرجل المحارب،يصطادون بها حتى الحيتان في الماء والطيور في السماء،وكأنهم في حرب برية بحرية وجوية شاملة؟؟.بل زاد من جشعهم وفساد طباعهم أن استحلوا سرقة سلاحهم من أصحابه المستعمرين الذين طالما اصطادوهم به بالأمس وكانوا عرضة لناره وعذابه وقيوده،فأصبحوا اليوم يمارسون لعبة الأعداء بالأمس ويصطاد بعضهم البعض،ويهجرون بعضهم البعض،بل ويتزايدون على بعضهم البعض في تلك الصفقات،ولا يثنيهم عن ذلك لا قوانين البر والبحر،فبالأحرى توصيات واعتبارات Cop21 و Cop22؟؟. فماذا سيفيد الحكومة الفلاحة المسكينة والراعية الأمينة،مثل هؤلاء الصنف من البشر والذين تشكلوا ضدها في جمعيات وأحزاب رباعية وسداسية وثمانية..،وأرادوا تنظيم رحلاتهم ومواسم صيديهم وقنصهم بزي موحد "برودكتنات"جلدية وقبعات حديدية ونظارات شمسية بمروحيات حربية في السماء وسيارات رباعيات الدفع على الأرض وبنادق ورصاصات ورخص وجوازات...، ل"يحيحوا" في غابة النخب والسلطة والتسلط،يصطادون كل الصفقات ويحرزون كل المشاريع، صيدهم للأرانب والحجلات وإحرازهم على الحلاليف والغزالاات،كل أرنب يا أرنب،وكل حلوف يا حلوف،ولو أصبحت تكلفة كل ذلك الوحيش الحلال والحرام أضعاف مضاعفة،وفوق ثمنها وثمنهم في الأسواق،أسواق 07 أكتوبر 2016 وقبلها 04 شتنبر 2015،والتي حملت رسالة سياسية للجميع مفادها أن عهد التسلط والتحكم قد انتهى،أدرك ذلك المدركون أو لم يدركوه،وأن سفينة الوطن أولا هي وحدها المنطلقة والسالكة،ركبها من الراكبين من ركب أو لم يركب؟؟. فلا يقولن أحد بعد اليوم،يريد أن يكون الكل من نصيبه وحده و به و له،ويكون دور بقية الحلفاء في الحكومة مجرد دور كلاب الصيد أن تدله على الفريسة ومكان القنص و وقت "تحياحت" وتأتيه بما يرميه منها، بل ويسقط له بصراخه وشعبيته وقوافله ومسيراته ما خانته سياسته المتوحشة في أن يسقطه ويحوزه إليه؟؟.و الويل الويل لمن يبدي أي قدرا من الرفض وأي نوع من المقاومة،فسيؤدي الثمن رغما عنه ولو من مكتسباته الدستورية التي تحفظ الأرزاق وتأمن الأعناق؟؟،فتحية لكل المناضلين الصامدين والذين يريدون تشكيل الحكومة ويسعون إلى ذلك،ولكن ليست أية حكومة ولا بأي ثمن،ليست حكومة على حساب الإرادة الشعبية ولا حكومة الابتزاز والصيد في الماء العكر وتوزيع "الوزيعة"،والقنص الجماعي لإرادة الشعب ومحو انتظاراته،ولا حكومة القنص الجماعي لمكتسبات الشعب في الممارسة الديمقراطية وشرعية المؤسسات ومصداقية النخب،تحية للسيد رئيس الحكومة المعين على صموده الأسطوري والاضطراري،تحية للسيد عبد الإلة بنكيران،فللشعب رب يحميه و هو مدبر شأنها،فليحذر الجميع إدراج القناصين في تشكيل الحكومة المقبلة،فلا زال الأمر لزاما عليكم،لا زال الأمر لزاما عليكم ونداء الوطن في هذه اللحظة التاريخية والمفصلية معولا عليكم؟؟. الحبيب عكي