تزوجت في سن العاشرة واختبأت رفقة أهلها في غار لمدة ستة أشهر هي امرأة نحيفة وقصيرة القامة كثيرة التعفف،اسمها هدا أوشكني لازالت تتمتع بذاكرة قوية رغم أن سنها تجاوز مائة سنة وحصره العديد من أقاربها وسكان الدوار مابين 103و115سنة كل من يسألها عن سنها تجيب "حينما دخل الاستعمار بالطائرات يقصف المنطقة اختبأت رفقة أخي وزوجته في الغار..."وكان سنها حينها سبع سنوات ،تزوجت وعمرها عشر سنوات من رجل متزوج بثلاث نساء ،لم تزر الطبيب سوى ثلاث مرات في حياتها عندما كانت صغيرة ،اقتلعت أسنانها منذ حوالي أربعين سنة ،لكنها لازالت تحافظ على بصرها وتمشي جيدا في الطريق الجبلي لمسافات طويلة .تتكئ هدا أوشكني على مخدة فتعود بذاكرتها للوراء وعنقها ويداها تزينها نقوس من الوشم وعيناها الجميلتين تضع بهما كحلا ،فتحكي بلهجة أمازيغية من عمق جبال الأطلس المتوسط والابتسامة لاتفارقها. ولدت هدا أوشكني بجيري بتيفرت نايت حمزة التابعة لقيادة تاكلفت بإقليم أزيلال، تحدد تاريخ ولادتها في سنة 1906،وتتذكر قصف الطائرات الفرنسية لجيري حيث كان سنها آنذاك سبع سنوات ،وكانت تعيش مع أخيها وزوجته وكيف صعد رجال المنطقة الأقوياء للأشجار حاملين الأحجار والبنادق من نوع التاعية وبوشفر وتاثليث التي ترمي ثلاث رصاصات ،بعدما طلبوا من النساء والأطفال والرجال الضعاف الاختباء في المغارات لأن الطائرات اقتربت ،فيما هم ظلوا يردون على القصف رغم أنهم يسقطون قتلى، لأن عدد الطائرات كان يفوق الخمسين. تتذكر هذه المرأة كيف قتل الفرنسيون شقيقها وجرته الكلاب خارج الغار وبقي هناك ولم يتم دفنه إلا بعد أربعة أيام "لأننا كنا نخاف الخروج من الغار فيقتلوننا بالرصاص مثله، ولم نكن نخرج سوى عندما تغادر الطائرات، ولما نشعرأنها اقتربت من المنطقة نعود للاختباء". وذات يوم" كنا نسقي الماء القادم من عين تازكزاوت ،وصعد رجل من جيري لعالية الجبل فشاهد رصاص الطائرات يقتل العديد من الناس في العين فنادانا بصوت مرتفع يطلب منا التوقف عن ملء الأواني لأن الدماء ستصلنا ، وماهي إلا لحظات حتى غمرت العين بدماء سكان جيري .وقد مكثنا مختبئين في الغار لمدة حوالي ستة أشهر ولما اكتشفنا جنود سود أخرجونا من الغار ونزعوا ملابسنا وكبلونا بالسلاسل واقتادونا مجرورين إلى أغبالة حيث بنوا لنا سجونا من الأحجار وظلوا يمدوننا بالأكل الذي كان يتشكل من الإسفنج وشربة الشعرية،والخبز ، وكانت زوجة أخي تحميني من الاعتداءات ،وكان عدد المعتقلين كثيرا ،مكثنا مدة بهذا السجن ثم ساقونا على الأقدام ونحن مكبلين بالسلاسل ، إلى تاسرافت ثم بوتفردة وإملشيل واستغرقت رحلتنا على الأقدام أربعة أيام لكي نصل لإملشيل حيث مكثنا هناك ستة أشهر في السجن بعدها أطلقوا سراحنا فعدنا لجيري بتيفرت على الأقدام لكن وجدنا بيوتنا قد تهدمت ومحاصلنا الزراعية اخترقت وبهائمنا وماشيتنا قد تم الاستيلاء عليها ،فأصبحنا فقراء فاستقرينا بمسجد بجوار عين أزرار ،وبدأنا نتسول. تزوجت وعمري عشر سنوات من رجل متزوج بثلاث نساء أحببنا بعضنا بجنون ،مكثت معه لعدة سنوات لكنني لم أنجب ،فتطلقت منه وتزوجت مرتين من أجل الإنجاب ،لكنني لم أنجب فتطلقت منهما وعدت لزوجي الأول وبقيت أرعاه ،وبعدما توفي منذ حوالي ستين سنة لم أتزوج رغم الكثير من العرسان الذين تقدموا لخطبتي ولازلت لحد الساعة أعيش على ذكرى زوجي." الكبيرة ثعبان الأحداث المغربية الإثنين 6أبريل 2009،ص.02،ع.3698