زوال يوم السبت 9 مارس وقع لقاء/ حدث غني بالدلالات ببني ملال، حيث عاش تلاميذ وتلميذات ثانويات إقليمبني ملال على امتداد ثلاث ساعات، لقاءا مفتوحا مع ضيف القافلة الجهوية للتربية على المواطنة وحقوق الإنسان التي نظمتها اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بني ملالخريبكة، تحت شعار "جميعا من أجل أجيال كاملة المواطنة والحقوق". كان اللقاء مؤثرا وعميقا للاعتبارات التالية: - الضيف نوعي، إسمه الدكتور عبادي عبد القادر ابن زاوية الشيخ، المدير السياسي السابق لمجلس الأمن الدولي وأحد نواب الأمين العام للأمم المتحدة، كاتب ومؤلف وصحفي دولي ومراسل مقيم للجريدة المغربية الوحيدة المعتمدة لدى الأممالمتحدة "ملفات تادلة"، والمؤلف لكتاب المغرب المستقل 1956-1960 الصادر ضمن منشورات ملفات تادلة طبعة 2013، والمتضمن لقراءة توثيقية وتحليلية لأهم مرحلة في التاريخ السياسي المغربي المستقل، والذي قدم له البروفيسور محمد الحبابي والناشر في كلمة، اعتبرت أن المؤلف كتب عن مرحلة مفصلية وساخنة عاشها بالمغرب، بعد مسافة زمنية لأكثر من 50 سنة، وبعد رصيد ديبلوماسي دولي وازن في خباياه وتجاربه ودقة التعبير والتحليل، خصوصا أن المؤلف غير متموقع سياسيا، كل هذه العوامل تجعل من الكتاب قراءة هادئة وموضوعية. - الحضور نوعي، شباب شابات يحملون طموحات المستقبل وأسئلة حارقة، إزاء ديبلوماسي دولي ووطني صادق أظهر كفاءة وخبرة غير معتادة في هكذا لقاءات، بقدرته على تلقي الأسئلة وإدارة النقاش الساخن بأجوبة وتحاليل باردة وهادئة وعميقة، فكسر اللقاء مفهومي الزمان والمكان، حيث قدم عرضا عن حقوق الإنسان والشباب الذي لم يعد يسمى في عصرنا برجال ونساء الغذ بل بشباب اليوم، معددا أن عظماء العصر هم شباب الذين قادوا مهام كبرى واخترعوا في الثورة الإعلامية والتكنولوجيا: مخترع الميكروسوفت والآبل وكثير من الأمثلة، وفي المقابل فجر الحضور التلاميذي كل طاقاته وأفكاره في الأسئلة وتعدد الموضوعات في مفاهيم الديمقراطية والثورة والأمازيغية والتغيير والربيع العربي والصحوة الإسلامية وفلسطين وأمريكا وكل ما يخطر على بال وطنيا قوميا ودوليا. لم ينته اللقاء بل فرض الفراق بإصرار الكل على نيل توقيع عبد القادر على كتابه أو على مطويات لجنة حقوق الإنسان والإصرار كذلك على أخذ صور جماعية وفردية مع الضيف وحرمه الأمريكية التي حضيت مع زوجها بحفاوة استقبال حار ووداع اضطراري، حيث لم ينجوا من السؤال عن حياتهم الزوجية، وأجابوا عنها منذ التعارف والزواج والإبنتين والإبن الذين رزقوا بهما ودلالة حملهم لأسماء مغربية وإقامتهم لأعراسهم بالمغرب وكذلك الأحفاد رغم أن الكل يعيش بأمريكا ويعيش فيهم الوطن والتحدي والشباب المستمر. إذن لقد شكل ضيف الشرف الكبير في موقعه المعرفي الأممي والبسيط في انطلاقته من كهف بزاوية الشيخ من أسرة فقيرة، فعلا مرجعا للتلاميذ في التحدي والأمل والثقة في النفس، وهذا ما جعل الكل يشعر بأن الشيء الكثير تغير فيه واكتسب وضوحا وشعورا بالمسؤولية بعد اللقاء، في وطننا الجميل والجريح ليس فقط بالهشاشة الاجتماعية بل كذلك بثقافة اللاأمل. ذ.محمد الحجام مدير نشر جريدة ملفات تادلة