يحيل مفهوم الثقافة ، إلى الثقافة بمعناها العام . والكلام عن مفهوم الثقافة السياسية ، يحيل عن الجوانب التي لها علاقة بالسياسة ، في ثقافة مجتمع ما . وقد استعمل مفهوم الثقافة كمفهوم أداتي ، لتفسير وتحليل أنماط السلوك ، والمؤثرات التي تواجه هذا السلوك في المجتماعات البشرية ، فتم تحديد الثقافة كنسق مكون من مجموعة عناصر ثقافية، سلوكية ، تمثلات ، تصورات ... إلى غير ذلك . عناصر مرتبطة فيما بينها بعلاقات تأثير متبادل ، وفي تبعية متبادلة بعضها بالبعض ، وبعد ذلك تم إستعمال مفهوم الثقافة كأداة متميزة لفهم السلوك السياسي للأفراد . فبصفة عامة يمكن تحديد مفهوم الثقافة السياسية إنطلاقا من العناصر المكونة بشكل عام ، فالثقافة تعتبر مجموعة من التصورات ، والتمثلات ، وطرق الإحساس ، والسلوك ، التي تحدد سلوك الأفراد تجعلهم يحسون بالإنتماء ، وتجعل الأفراد يتبنون مواقف معينة ، حيث يمكن معرفة المواقف السياسية . ومن الممكن إستنتاجها ، من خلال منطق أرتدادي ، حيث مثلا أن غياب رد فعل عن تدبير معين لموضوع ما ، يعبر عن موقف قبول لهذا التدبير . يمكن كذلك معرفة المواقف السياسية من خلال استجواب الأفراد ( إستطلاع الراي ، مقابلات ...) ويمكن تصنيف المواقف السياسية إلى ثلاثة أصناف : المواقف الإدراكية ، تتجلى في المعرفة التي يراكمها الفرد حول السياسة ، وحول المؤسسات السياسية ، وحول رجال السياسة ( النخب السياسية ) . وقد تكون هذه المعرفة خاطئة ، ولكن هذا ليس بالمهم ، المهم هو أن الفرد يعيش هذه المعرفة ذاتيا ، بمعنى أنها تحدد وتبرر المواقف التي يستنتجها منها ، ثم المواقف العاطفية ، فهذا العنصر يتحدد بالمشاعر والإحاسيس ، فتتجلى في التعاطف مثلا او عدم التعاطف مع رجل سياسة أو اخر ، او حزب سياسي أو اخر ، هذه الإيديولجية أم لا ، إلى غير ذلك . ثم الصنف الثالث المواقف التقويمية : التي تتكون من خلال إعطاء الوقائع السياسية ، طابعا إيجابيا أو سلبيا ، حسب تقييم الفرد ، ويمكن تحديد ثلاثة نماذج للثقافات السياسية : الثقافة الهامشية ، ثقافة الخضوع ، وثقافة المشاركة . فالثقافة الهامشية تعرف بعدم الإهتمام التام من طرف الفرد ، الذي يعيش على إيقاع إنتمائاته الهامشية ، ولا يعير أي اهتمام لما يسري من شؤون سياسية . أما النموذج الثاني ثقافة الخضوع ، يكون لدى الأفراد مواقف إيجابية ، أو سلبية ، إلا أنه في أغلبيتها سلبية .حيث انها لا تتسم بردود أفعال على قرارات يمكن أن تكون غير مقبولة . أما الصنف الثالث ثقافة المشاركة ، نجد أن الأفراد يتبنون مواقف تجعل منهم أفراد يشاركون فعلا في الحياة السياسية . من هنا تبرز أهمية الثقافة السياسية ، في النهوض بالشؤون الخاصة بالمجتمع ، حيث ثقافة المشاركة الفاعلة هي ثمرة لثقافة واعية لن تكون إلا فاعلة في الوسط . ذ:سعيد أيت أرحو: متخصص في القانون العام ، وعلم السياسة .