إن أي حديث عن السلوك المدني لابد أن ينطلق من سؤال مركزي: ما هو المجتمع الذي نريد بناءه لأجيال المستقبل؟ وعن هذا السؤال تتفرع أسئلة أخرى تبدأ من الدائرة الكبرى التي هي المجتمع، وصولا إلى الدوائر الصغرى المتمثلة في المجموعات والأفراد، ولذلك فإن التغيرات التي نسعى اليوم إلى إحداثها في جسم المجتمع لا ينبغي أن نخاطب فيها المرحلة الراهنة، بل إنها نوع من التأسيس لما ينبغي أن يكون عليه المستقبل. من المتفق عليه اليوم أن هناك ضغطا كبيرا تمارسه حركية التقلب السريع للقيم في إطار ما أصبح يصطلح عليه واقع العولمة، هذه العولمة التي تسير في اتجاه وضع الإنسانية بأكملها ضمن مصير واحد مشترك، لا شك أنه مصير غامض ومفتوح على كل الاحتمالات، ولكن مع ذلك فهو مشترك ، مما يدفع البعض إلى الحديث منذ الآن عن مفهوم جديد هو» مفهوم المواطنة العالمية «، وهو مفهوم يستند إلى مظهر من مظاهر توحيد القيم الوجدانية والانفتاح المتبادل بين الشعوب، كما يذهب البعض الآخر إلى الاستناد إلى البعد الكوني لمنظومة حقوق الإنسان باعتبارها منتوجا تحقق بفضل نضال الإنسانية قاطبة وبالتالي فهو ملك لها بغض النظر عن الموقع الجغرافي أو اللون أو العقيدة أو المذهب... أمام هذه التحولات المتسارعة في الأفكار والقيم وأنماط العيش التي يشهدها العالم اليوم أصبحت المدرسة مطالبة بأن تتجاوز حدود وظائفها التقليدية المتمثلة في التعليم والتعلم والتكوين والتأهيل، إلى وظائف أخرى تؤهلها لمواكبة هذه التحولات وتقديم إجابات ممكنة عنها من زاوية الممارسة التربوية. فما طبيعة الوظائف المنتظرة من مدرسة اليوم؟ وما موقع مقولة السلوك المدني فيها ؟؟ مفهوم السلوك المدني من المفيد منهجيا الإشارة في البداية إلى أن أي محاولة لتعريف مفهوم السلوك المدني تعني في العمق الوقوف عند شبكة من المفاهيم المتعددة والمتداخلة، وبالتالي فلا يمكن تقديم تعريف نهائي وأحادي الجانب لمفهوم السلوك المدني، إنه مفهوم تتداخل ضمنه مستويات أخرى، سواء من حيث التركيب أو من حيث الحقول الأخرى القريبة من هذا المفهوم : فمن حيث التركيب نجد أن عبارة المفهوم مركبة من لفظتين هما : السلوك والمدني، فالأولى تحيل على الوجه الفردي للممارسة الاجتماعية، في حين أن الثانية تحيل على معطى التمدن أي على مظهر من مظاهر تطور المجتمعات الإنسانية الذي تمت فيه عملية تنظيم بنيات المجتمع وفق تصورات فلسفية واقتصادية وسياسية معينة، وهذا يعني أن المفهوم ينطوي على حمولة سياسية وثقافية ترتبط بتاريخية تطور المجمتعات وبنوعية القيم المواكبة لذلك التطور، وهذا ما يفسر التداخل الموجود بين مفهوم السلوك المدني ومفاهيم أخرى، من مثل : التربية على المواطنة والتربية على حقوق الإنسان: o السلوك المدني: مرتبط بسلوكات الأفراد والجماعات o التربية على المواطنة: البعد القانوني لثنائية الحق والواجب o التربية على حقوق الإنسان: التشبع بالبعد الكوني الشمولي لقيم حقوق الإنسان. إن السلوك المدني وفق هذا التقسيم الثلاثي يعتبر معيارا أخلاقيا لضبط العلاقة بين النزوعات الفردية ( سلوكات ، مواقف... ) ومتطلبات الهيئة الاجتماعية التي ينتمي إليها الأفراد... وفي تعريف السلوك المدني لابد من استحضار مفهومين أساسين هما: المجتمع المدني، والتربية المدنية ... فلمفهوم المجتمع المدني خلفيات فلسفية وفكرية نرى أهمية الوقوف عندها من أجل تجلية مقاصده وإمكانات تفعيله في تربة اجتماعية غير التي أنتجته في الأصل، فإذا نظرنا إلى مفهوم المجتمع المدني من زاوية تاريخ الفكر نجد أنه تبلور في إطار التصدي للاستبداد السياسي، خصوصا في القرن الثامن عشر حيث بدأت السلطة السياسية تتمركز بفعل التطور الذي عرفته علاقات الإنتاج الرأسمالية، وهو ما ولد الحاجة إلى هامش يحد من هيمنة الدولة ويتيح المجال لمبادرات خارج هياكل السلطة الرسمية، مبادرات يغلب عليها الطابع الفئوي. لذلك كثيرا ما يميل الدارسون إلى المقابلة بين المجتمع السياسي ( الدولة وأجهزتها الرسمية ) والمجتمع المدني ( المنظمات غير الحكومية الفاعلة في المجتمع بصورة تطوعية أو مؤسساتية ولكنها موازية للهياكل الرسمية ). لقد ارتبط مفهوم المجتمع المدني بظهور حركات فلسفية واجتماعية واكبت النهوض الصناعي للرأسمالية الأوربية، من جهة، وأحدثت قطيعة نهائية مع العصور الوسطى من جهة ثانية... وإذا بحثنا عن العلاقة بين السلوك المدني والمجتمع المدني وجدنا هذا الأخير يقابل الدولة بمفهومها الذي يحيل على السلطة، أي أن البعد المدني يستدعي القيام بأفعال ليس تحت ضغط السلطة ولكن عن اقتناع مما يفتح المجال أمام ثقافة المبادرة الفردية والجماعية. وبإمكاننا الآن أن نتساءل : ضمن أي حقل يمكن إذا أن نضع الحديث عن السلوك المدني؟ كإجابة أولية نقول إنه يقع بين الأخلاق والقانون، أي أنه لا يمكن أن نتصور السلوك المدني إلا مؤطرا بمنظومة أخلاقية محددة وبإجراءات قانونية معينة. وبين هذين الموقعين توجد منظومة غير مصرح بها ، إلا وهي الأعراف والتقاليد والقيم الاجتماعية... ومما سبق نستنتج أن للسلوك المدني مجموعة من الأبعاد هي: . البعد الأخلاقي: القيم، التمثلات، التربية ... . البعد الاجتماعي: السلوكات السائدة في الحياة اليومية . البعد القانوني: القوانين المنظمة لعلاقة الحقوق والواجبات . البعد التربوي: السلوك المدني منتوج لعملية بنائية مستمرة تتطلب تدخل التنشئة لذلك لابد من التمييز في هذا الجانب بين مستويين: - مستوى المرجعيات المؤطرة للسلوك المدني... - مستوى الممارسات التي تترجم هذا السلوك في الواقع اليومي، أي ضمن الممارسة الاجتماعية... لذلك نميز في الحديث عن السلوك المدني / المواطنة بين مستويين اثنين: المستوى الثقافي المجتمعي والمستوى التربوي المدرسي.. المتحكم في المستوى الأول هو المعيار القيمي الأخلاقي، أما الثاني فيتحكم فيه المعيار المعرفي الوجداني، وعن هذين المستويين تتولد سلوكات الأفراد ومواقفهم التي تؤطر نقطة التقاطع بين هذين المستويين ... ومن زاوية التكامل بين هذين المستويين يمكن الوقوف على علاقة السلوك المدني بالمفهوم الآخر الذي هو التربية المدنية. فالتربية المدنية بهذا المعنى هي مجموع المعارف والمهارات والخبرات التي يكتسبها الفرد داخل منظومة تربوية أو اجتماعية محددة والتي تؤهله ليقوم بأدواره داخل مجتمعه ( أسرة – مدرسة – المجتمع – الإنسانية... ) بكفاءة وفعالية على قاعدة المسؤولية واقتران الحقوق بالواجبات... ولذلك تنطوي ضمن هذا المفهوم جملة من القيم الإنسانية من مثل الحوار المبني على التسامح واحترام حرية الآخر وتقدير حقه في الكرامة ، أي القيم التي تشكل أساس تنقسم إلى ثلاثة أجيال أساس هي: الجيل الأول- الحقوق المدنية والسياسية: وتمثل الحرية الفردية مركز هذه الحقوق، أي كل ما له صلة بحق الفرد في الحياة والسلامة الشخصية والحرية في التعبير والتفكير. الجيل الثاني- الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتتعلق بالحق في الغذاء والصحة والعمل والتعليم والعيش الكريم.. الجيل الثالث- الحقوق البيئية والنمائية: وتندرج ضمن كل ما يضمن حق الأفراد والجماعات في العيش في بيئة سليمة وآمنة والمشاركة في تحقيق التنمية والاستفادة من عائداتها. ويمكن أن نستنتج من هذا التقسيم الثلاثي أن البعد المدني للحقوق هو أول ما تنبهت البشرية إلى التنصيص عليه، وعنه ستتوالد أسر فرعية للحقوق بحسب تطور المجتمعات وتنوع حاجاتها في العيش والاستقرار... فالتربية المدنية بهذا المعنى مدخل لترسيخ قيم المواطنة التي تتطلب بالضرورة انتماء الفرد للمجموعة انتماء أساسه الكفاءة، مع استحضار كون التربية على المواطنة تهتم بالبعد القانوني للحقوق في علاقتها بحقوق الإنسان لذلك فهي تعنى أساسا بخلق الوعي لدى المواطن بضرورة الانخراط بشكل إيجابي في الحياة العامة وفق ما تقتضيه ممارسة الحريات العامة، ليتحول إلى فاعل مؤثر بشكل إيجابي في محيطه، ومساهم في النسيج السياسي والثقافي للمجتمع الذي يعيش فيه.. = المواطنة ليست فضيلة أخلاقية بالمعنى الاجتماعي المتداول، بل هي ممارسة مجتمعية يومية... = ويرتبط مفهوم السلوك المدني بمفهومين آخرين هما القيم والاتجاهات. فما المقصود بهما ؟ وفيم تتجلى علاقتهما بمفهوم السلوك المدني ؟ الفضاء المدرسي و متطلبات تنمية السلوك المدني وبالنظر إلى السياق التاريخي والثقافي الذي يمر به المجتمع المغربي راهنا يتبدى أن للمدرسة دورا مركزيا في إعادة قلب تربة القيم السائدة واستنبات منظومة قيمية قادرة على تحقيق التفاعل الإيجابي مع التحولات التي يعرفها المجتمع... ولذلك فالحديث عن السلوك المدني يندرج في إطار يستند إلى رؤية أخلاقية واجتماعية جديدة ويهدف إلى جعل المدرسة أداة للتحرر: أي مؤسسة تحرر الإنسان من كل يمس بكرامته وحريته ويحد من طاقاته في الفعل والإبداع. لابد أن نعترف بأن هناك التباسات عديدة ما تزال تحيط بوظيفة المدرسة في المجتمع المغربي، وأن هناك إفرازات اجتماعية داخل الفضاء التربوي ينبغي مساءلتها بالعلمية والجدية الضروريتين.، حتى تتمكن هذه المدرسة من تجديد وظائفها، من منظور ثقافة السلوك المدني ليس باعتباره غاية في حد ذاته، بقدر ما هو تمظهر لتطور وعي المتعلمين إزاء مجموعة من الظواهر التي يعايشونها يوميا في فضاءاتهم المدرسية. وفي تشخيصه لتجليات انعدام ثقافة السلوك المدني بالمؤسسات التربوية يشير تقرير المجلس الأعلى للتعليم إلى التمظهرات الآتية: العنف، والغش، وعدم احترام الأدوار وسوء المعاملة، عدم اعتبار ما للفضاء المدرسي والجامعي من قيمة، وتراجع الالتزام بالأنظمة الداخلية للمؤسسة التعليمية، والإضرار بالملك العام وبالبيئة. وبالنظر إلى هذه التمظهرات علينا أن نسائل أنفسنا جميعا عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذا الوضع ، فنتساءل مثلا: . إلى أي حد يمكن القول بأن فضاءات مؤسساتنا تسمح بإشاعة ثقافة المواطنة وقيم السلوك المدني ؟ . هل تلبي هذه الفضاءات حاجات وجدانية حقيقية لدى المتعلمين؟ . إلى أي حد تساهم في تحريك طاقات الإبداع لديهم؟ . ما نصيب الترفيه في الفضاء المدرسي؟ نطرح هذه التساؤلات انطلاقا من هاجس يرى ضرورة المواءمة في الوظيفة الإنتاجية للمدرسة بين المنتوج الكمي ( عدد المتخرجين، عدد الشعب والمسالك الدراسية، عدد المتمدرسين... ) والمنتوج النوعي ( نوعية القيم التي يروجها الخطاب المدرسي على مستوى التنشئة الاجتماعية ... )، ذلك أن مدرستنا تعاني من مجموعة من الأعطاب : o بدأت المدرسة تفقد عنصر القدوة، ليس بالمعنى الأخلاقي المباشر، بل بالمعنى المجتمعي المتكامل.. o المدرسة لا تقدم المعرفة في أبعادها الإنسانية بقدر ما تقدمها جاهزة وكأنها خارج أي قيم إنسانية... ولتجاوز هذه الأعطاب – ضمن سيرورة طويلة النفس – ينبغي إشاعة ثقافة السلوك المدني ( وهي ثقافة لا ينبغي أن نخاطب فيها المتعلمين فقط، بل مجموع الأطراف الفاعلة في الوسط المدرسي، فهناك سلوكات لا مدنية ليس المتعلمون مصدرها الوحيد بالضرورة ، لذلك نرى أهمية أن تركز « أنشطة « السلوك المدني بالدرجة الأولى على سلم القيم، أي أن تعنى بمهمة تكوين تمثلات إيجابية جديدة إزاء مجموعة من السلوكات السائدة في المجتمع المدرسي والتي تتنافى مع ثقافة حقوق الإنسان والموطنة، وبذلك تكون مهمة تنمية السلوك المدني مهمة تستند إلى ممارسة تربوية ذات بعد شمولي يتجاوز المعارف إلى الوجدان... وعلينا أن نتساءل : هل هناك نموذج جاهز لما ينبغي أن يكون عليه السلوك المدني بشكل خاص والسلوك الإنساني بشكل عام؟ ... أعتقد أن هناك اعتبارات أخلاقية وقانونية وإنسانية عامة تحدد مرجعية السلوك المدني، ولكن مع ذلك يمكن القول إن كل سياق محدد في الزمان والمكان يخضع السلوكات لتقييم خاص (الفرق بين المجتمعات والثقافات مثلا يؤدي بالضرورة إلى تفاوت في تقدير هذا السلوك أو ذاك ) ولتقديم صورة عن النموذج الذي يمكن الأخذ به نرى أن ثقافة السلوك المدني مرتبطة بمجموعة من الاعتبارات منها أنه: . لا يمكن أن يكون هناك سلوك مدني دون تنمية روح التسامح الإيجابي بين الأفراد داخل المجموعة، ذلك أن السلوك المدني يقتضي في المقام الأول الإيمان بحق الآخرين في التمتع بالحقوق نفسها، ومن هنا تأتي جدلية الحق والواجب كعنصر مركزي في هذه الثقافة. . لا يمكن أن يكون هناك سلوك مدني مع الأنانية والنفعية السلبية والتمركز المرضي حول الذات، ذلك أن السلوك المدني انفتاح مستمر على الآخر ومساهمة يومية في توسيع دوائر المشاركة المسؤولة والإشراك الهادف، أي الحفاظ على توازن الحق والواجب.... . لا يمكن للسلوك المدني أن ينتعش إلا ضمن قيم تنبذ عقلية الإقصاء وتعلي من شأن الإنسان والعقل والحرية، ذلك أن هناك علاقة تفاعل قوي بين السلوك المدني من جهة ، والحرية والمسؤولية من جهة ثانية. و من المهم في هذا الإطار تمكين المتعلمين من القدرة على تنسيب الحقائق من أجل إتاحة فرصة لقيم المبادرة والتعايش بين مختلف الأفكار والآراء و إشاعة ثقافة النقد والنقد الذاتي... . ثقافة السلوك المدني لا يمكن أن تسود داخل المؤسسات التربوية بدون وجود نماذج للاحتذاء ( عندما يرى المتعلم مدرسه يساومه في حضور الساعات الإضافية لا يمكن أن ننتظر منه أن يتشبع بقيم العطاء والتضحية.... ) . لابد أن يقتنع المتعلمون، في إطار تعاقدي واضح، بأن الانتماء للمؤسسة التربوية يقتضي اعتبار مجموعة من القواعد المنظمة لوجود هذه المؤسسة، وذلك في إطار جدلية مستمرة بين الحق والواجب... وهو انتماء يستدعي بالضرورة احترام الأدوار المتداولة داخل هذا الفضاء .... وانطلاقا من هذه الاعتبارات نرى أن المتعلم القادر على تمثل قواعد السلوك المدني هو ذلك الشخص الذي يمتلك هامشا ضروريا من الاستقلالية: شخصية مستقلة تعني شخصية قادرة على محاورة الآخرين من موقع الثقة بالذات دون تعصب أو إقصاء لرأي الآخر، شخصية قادرة على ممارسة النقد الذاتي بالقوة نفسها التي يمارس بها النقد إزاء الآخرين... [ وقد أثبت التاريخ ان الشعوب والأمم التي لا تثق في ذواتها هي التي تلتجئ دائما إلى ردود أفعال وإلى رفض الآخر والانغلاق حول حقائق مطلقة تجعل من الذات مركزا للعالم ]. والاستقلالية ليست معطى جاهزا سلفا، بل هي تراكم لمجموعة من الخبرات والمهارات والتجارب والتكيف الإيجابي مع مجموعة من المواقف والوضعيات والقدرة على الاستفادة من خبرات الآخرين في الحياة . آليات تفعيل ثقافة السلوك المدني في المدرسة المغربية كيف يمكن إذا تفعيل الآليات الضرورية لتنمية ثقافة السلوك المدني في مؤسساتنا التربوية؟ يمكن على سبيل الاقتراب من جواب ممكن أن نقول بأن سيادة ثقافة السلوك المدني وتفعيله داخل الفضاء المدرسي يستدعي جملة من الاعتبارات والشروط. وفي نظري هناك مجموعة من المداخل الأساس من شأنها أن تضمن التربة الملائمة لتنمية السلوك المدني في المؤسسات التربوية، وهي: o مدخل التواصل: أي أن المدرسة ينبغي أن تكون فضاء للحوار المستمر، وذلك من منظور يعتبر الحياة الاجتماعية كلها عبارة عن سلوكات متبادلة بين الأفراد والجماعات،مع تشجيع المناسبات التي يمكن أن تبلور ميولات التطوع لدى المتعلمين. o مدخل الثقة في فضاء المؤسسة: تعزيز الشعور لدى المتعلمين بالانتماء للمؤسسة ، وهذا بالطبع يقتضي تأهيل البنيات التحتية للمؤسسات لتكون في مستوى دعم ثقة المتعلمين بها ( ينبغي أن تلبي المؤسسات حاجات حقيقية لدى المتعلمين ). لابد للمدرسة أن تجدد الوعي بأهمية أخلاقيات المواطنة القائمة وحدة الوجدان الجماعي.( التلاميذ اليوم في مدارسنا عبارة عن جزر وجدانية متفرقة...) o مدخل جودة المنتوج التربوي: إعادة الاعتبار لمنطق المسؤولية – o العمل على تجاوز ما تعانيه المدرسة المغربية اليوم من تضخم في المعارف وغياب الفرص التي يعبر فيها المتعلمون عن ذواتهم ومشاعرهم وأحاسيسهم، ذلك أن ثقافة السلوك المدني لا تتطلب فقط معرفة قواعد هذا السلوك، بل الانخراط اليومي والإيجابي في تفعيلها... o الانتقال من مستوى الخطاب إلى تقنين الإرادة الكفيلة بتفعيل مقتضيات هذا السلوك في المؤسسات التربوية، وذلك عبر تشجيع ثقافة الانخراط في تدبير الشأن العام ، سواء داخل المؤسسة أو خارجها. o وجود تعاقدات قبلية بين الأطراف الفاعلة في الوسط المدرسي... o لابد أن تتوفر كل مؤسسة على دليل عملي يمكن من رصد مؤشرات حركية ثقافة السلوك المدني داخل المؤسسة والقيام بدراسة دورية لمنتوج التتبع والتشخيص المستمر لتلك الحركية في أفق تقويم ما ينبغي تقويمه وتعديله واقتراح الإجراءات الجديدة الكفيلة بتجاوز الوضعيات السلبية التي تنسف قيم السلوك المدني داخل الوسط المدرسي. o تخصيص حيز مهم للبحث العلمي الميداني الذي يشخص التفاعلات داخل الفضاءات المدرسية، فلا يمكن أن نصحح أوضاعا لم نفهمها الفهم الكافي والجيد. هناك ظواهر كثيرة تتعايش داخل مدارسنا محملة برواسب نفسية واجتماعية وثقافية، ولكن لم نعمل في أي وقت من الأوقات على مساءلتها علميا ... o تفعيل القوانين الداخلية للمؤسسات وذلك باعتماد منطق المحاسبة المسؤولة دون اعتبارات تبرر في كثير من الأحيان النزوع نحو إعطاء المصداقية للسلوكات المنحرفة داخل المؤسسات، كيفما كان مصدر هذه السلوكات ( إدارة ، تلاميذ أ وأساتذة أو أعوان ... ) o توعية التلاميذ والأسر- في إطار تعاقدي متفق بشأنه - بأن جانب السلوك عامل أساسي في تحديد النتائج المحصل عليها في آخر كل دورة أو موسم دراسي... بتصرف