مما لاشك فيه أن أي إنسان يستحضر شبابه وربيع عمره ،لما يصل إلى خريفه،شباب تمرد فيه على النظام المدرسي لما كان تلميذا ، وعدم التزامه بالميثاق الذي تم تسطيره ،في شكل تعاقد بين الطرفين..ومؤشرات التواصل بينهما والتفاعل والانسجام ،يختلف حسب كل مرحلة تعليمية باختلاف العمر ، أخطرها فترة المراهقة ، بحثا عن المجهول ، يرفع فيها التحدي العفوي للتلميذ ..يبقى فيها ميثاق القسم مجرد حبر على ورق ... ذكرني هذا بالشاب الذي تسلل إلى البت الأبيض لقتل الرئيس الأمريكي ،ليس ضد الجوع والبطالة وإنما كتحد وشجاعة أمام فتاة رفضت ربط علاقة حب معه .. ومن أسبابه كذلك في مدارسنا ،الإكتظاظ الذي يستحيل معه خلق تواصل وضبط تام ،إلا بممارسة العنف لتلجيمه... إضافة إلى الإرهاق والى المدرس نظرا لكثرة المواد..واستعداده اليومي الغائب مع المعاناة اليومية ... عرف الإنسان الشغب منذ ظهوره ،وتفاقم كثيرا بعد اكتشافه المعادن ودخوله عصر الصناعة ،ترتب عنها تراتبية اجتماعية، طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء ..هذا الأخير الذي لاحظ تناقضات بين أطراف المجتمع في الوقت الذي كانوا بالأمس متساويين .يمارسان الزراعة.. في الدول المتقدمة كان أول قانون شغب سنة 1715م في بريطانيا ،اعتبر أي اجتماع بقصد البلبلة ومخلا للأمن وجريمة يعاقب عليه القانون.. وبعد تفشي الشغب في الدول العربية خاصة مصر ، أسس عادل إمام ويوسف شلبي والمرحوم زكي أحمد " مدرسة المشاغبين" ،نستعرضها كل صباح في مدارسنا المغربية ... ظاهرة الشغب أصبحت متفشية وصارت تعرف تصاعدا ملحوظا سواء في المجتمع والأسرة أو في الوسط المدرسي ..يكون ضحيته الأولى رأس مال المستقبل الطفل... شغب يواجه بتدخلات سافرة ،سواء في الاحتجاجات التي تشهدها الشوارع للتصدي إليها باعتباره المساس بحرية الآخرين ،ونهب ممتلكاتهم او الاعتداء عليها ... والطفل باعتباره إنسانا ،يحق له التمتع بجميع الحقوق التي يضمنها " الإعلان الجماعي لحقوق الإنسان"فالأطفال في حاجة إلى رعاية وحماية خاصتين ،وساعدتهم على تنمية إمكانياتهم وقدراتهم ... شغب يجعل الأنفاس بدورها غير مضبوطة ،خاصة إذا ترافق مع شغب داخلي نتيجة توترات ل الاجتماعية والنفسية للفرد أ والجماعة. تناقلت وسائل الإعلام ،الطعنات التي تلقاها أستاذ من تلميذ في مدينة سلا مؤخرا ،كرد فعل لعنف سواء كان نفسيا أو جسديا أو معنويا .... وتشكل العقوبة البدنية التي يلجا إليها المربون إلى تطبيقها على الأطفال،نوعا من العنف الذي يعتبر خرقا سافرا لحقوق الطفل مما يوجب مقاضاة مرتكبيها ..بحيث لا يمكن لإصلاح الأطفال أو تهذيبهم ،ولا يمكن أن يتحقق بأي حال من الأحوال بواسطة العنف ..الذي يلحق بالطفل جروحا وإصابات بليغة ...فالعقاب بالأمس نوع من السلطة المطلقة ، تتحول فيه الحصة إلى أشواط من مباراة في الملاكمة ،والتعذيب الذي يمارس تماما في السجون..تقمع فيها حرية التعبير ،وينتظر التلميذ فقط مرور الحصة بسلام ..وقد يتغيب الأستاذ ولكن لا أحد يستطيع التفوه ولو بكلمة الخروج لقضاء المآرب...،والسبب هو الخوف والعنف النفسي الممارس علي التلميذ .... عكس حالنا اليوم ،ومع كثرة الحقوق المثقل بها التلميذ ،كل تقصير في العمل أو التهاون ينتج عنه شغب التلاميذ ،يواجهه بعنف مضاد .أو انطلاقا من حزازات ضيقة..حال التلميذ التي أحيل إلى "المجلس التأديبي "بسبب انتمائه السياسي المختلف مع انتماء الأستاذ...كل ذلك له تأثير مباشر على نمو شخصيته نموا طبيعيا .. ففي الملاعب يفهم من الشغب انه تعبير عن حاجات تحقيق الذات ،يستغله البعض في محاولة منه التعبير عن مفاهيمهم الخاصة خاصة في مرحلة المراهقة ،والمتعلقة بالرجولة والمغامرة والمخاطرة ...ينتج عنه كذلك الاعتداء على ممتلكات الغير وبلبلة حريته... وخلصت الدراسات على أن الشغب في المدارس يعود إلى أسباب اجتماعية واقتصادية ،تسيطر فيه القيم المادية على الوجدانية ..كما يغلب عليها عنصر التقليد للآخر ،وتأثير رفقاء السوء... يقع هذا مع انشغالات الأسرة المادية...والخلافات وسطها ا.. كما أن هناك عنف الأستاذ لتلميذه لأنه الوسيلة الوحيدة في اعتقاده ،لقمع حريته ،والانصياع إلى أمره أو الذي سيدفعه إلى مراجعة دروسه ،اوتحضير واجباته اليومية... فلوم التلميذ المشاغب أمام زملائه ،سيترتب عنه عنف مضاد ،لهذا يجب التحلي بالصبر والحكمة... فالحكيم وحده هو من يوجه غضبه نحو المشاكل ليجد حلولا لها وليس نحو البشر... لهذا فالموضوع مفتوح من كل جوانبه....... أحمد ونناش