الطالبي العلمي .. إقلاع الجنوب رهين بتحقيق السلم والتوظيف الجيد لإمكانياتنا    التحالف الديمقراطي الاجتماعي في العالم العربي يؤكد دعمه للوحدة الترابية للمملكة ويرفض أي مساس بسيادة المغرب على كامل ترابه    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    أورونج المغرب تعلن عن اضطرابات في خدمة الإنترنت بسبب انقطاع كهربائي بإسبانيا والبرتغال    انقطاع الكهرباء في إسبانيا والبرتغال والسبب مجهول…    شبهات هجوم سيبراني بخصوص الشلل الكهربائي الشامل في إسبانيا    دوري أبطال أوروبا.. إنتر يواجه برشلونة من دون بافار    الرياح القوية تلغي الملاحة البحرية بميناء طنجة المدينة    أزيد من 3000 مشاركة في محطة تزنيت من «خطوات النصر النسائية»    نزهة بدوان رئيسة لمنطقة شمال إفريقيا بالاتحاد الإفريقي للرياضة للجميع    يضرب موعد قويا مع سيمبا التنزاني .. نهضة بركان في نهائي كأس الكونفيدرالية الإفريقية للمرة الخامسة في العقد الأخير    في بيان التحالف الديمقراطي الاجتماعي في العالم العربي التشديد على الالتزام الثابت بوحدة المملكة المغربية وسيادتها ورفض قاطع لكل محاولات الانفصال أو المساس بالوحدة الترابية    منتدى الحوار البرلماني جنوب- جنوب محفل هام لتوطيد التعاون بشأن القضايا المطروحة إقليميا وقاريا ودوليا (ولد الرشيد)    بوتين يعلن هدنة مؤقتة لمدة ثلاثة أيام    لماذا المغرب هو البلد الوحيد المؤهل للحصول على خط ائتمان مرن من صندوق النقد الدولي؟ محلل اقتصادي يجيب "رسالة 24"    الدار البيضاء.. توقيف عشريني بشبهة الاعتداء على ممتلكات خاصة    يوم انهيار الخدمات .. شل كهربائي ومائي واتصالاتي يضرب إسبانيا ودول مجاورة    أبوظبي .. المغرب يعمل تحت قيادة جلالة الملك على دمقرطة الولوج إلى الثقافة (بنسعيد)    منظمة الصحة العالمية: التلقيح ينقذ 1.8 مليون شخص بإفريقيا في عام واحد    لماذا لا يغطي صندوق الضمان الاجتماعي بعض الأدوية المضادة لسرطان المعدة؟    انقطاع كهربائي غير مسبوق يضرب إسبانيا والبرتغال    مزور يؤكد على التزام المغرب بتعزيز علاقاته الاقتصادية مع الصين في إطار المنتدى الصيني العربي    هشام مبشور يفوز بلقب النسخة الثامنة لكأس الغولف للصحافيين الرياضيين بأكادير    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    403 ألف زاروا المعرض الدولي للكتاب بمشاركة 775 عارضا ينتمون إلى 51 بلدا    فعاليات المناظرة الجهوية حول التشجيع الرياضي لجهة الشرق    مصر تفتتح "الكان" بفوز مهم على جنوب إفريقيا    ترايل أمزميز.. العداؤون المغاربة يتألقون في النسخة السابعة    حمودي: "العدالة والتنمية" نجح في الخروج من أزمة غير مسبوقة ومؤتمره الوطني تتويج لمسار التعافي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ندوة توعوية بوجدة تفتح النقاش حول التحرش الجنسي بالمدارس    تكريم سعيد بودرا المدير الإقليمي السابق لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالمضيق الفنيدق    هيئة حقوقية تدين حملات التشهير ضد ساكنة بن أحمد    خط جوي مباشر يربط الدار البيضاء بكاتانيا الإيطالية    الذهب يهبط وسط انحسار التوتر بين أمريكا والصين    انطلاق جلسات استماع في محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل الإنسانية    "البيجيدي" يحسم أسماء أعضاء الأمانة العامة والمعتصم رئيسا للمجلس الوطني    منظمات حقوقية تنتقد حملة إعلامية "مسيئة" للأشخاص في وضعية إعاقة    متصرفو قطاع التربية الوطنية يطالبون بتدخل عاجل من أخنوش    عبد الله البقالي يترأس أشغال المجلس الاقليمي لحزب الاستقلال بالحسيمة    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    رد حكيم من بوريطة.. إسكات استفزازات العالم الاخر ومسه بسيادة العراق    كيوسك الاثنين | قرار وزاري يضع حدا لتعقيدات إدارية دامت لسنوات    ثروة معدنية هائلة ترى النور بسيروا بورزازات: اكتشاف ضخم يعزز آفاق الاقتصاد الوطني    المرزوقي يدعو التونسيين لإسقاط نظام قيس سعيد واستعادة مسار الثورة    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    التنسيقية الصحراوية للوديان الثلاث وادنون الساقية الحمراء واد الذهب للدفاع عن الارض والعرض تستنكر… ارض الصحراويين خط أحمر    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مولاي عيسى بن إدريس دفين آيت عتاب 2-
نشر في أزيلال أون لاين يوم 29 - 11 - 2011

...وأضعفهم وأنتم ستة رجال، فقالوا: خونهم، فدعا لهم : اللهم اجعل بركة هذه الستين في هذه الستة، فأمرهم بالرجوع فرجع معهم".
ويمكن أن نستخلص من هذه الفقرات أن مولاي عيسى بن إدريس :
◄ كان يعيش بين سكان المنطقة بدليل أنه رجع إلى فاس، و أن هؤلاء السكان قد تبعوه ملتمسين منه العودة من جديد إلى المنطقة فلبى طلبهم.
◄ كان متمسكا بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف و حريصاعلى أن يسير الناس على منوال هذالدين ومنهاجه
و أن يطبقوا تعاليمه، لدلك خرج غضبانا و رجع إلى فاس لما تبين له سكان المنطقة اتبعوا أهواء أنفسهم وحللوا الحرام وحرموا الحلال.
◄ كان ذا معرفة كبيرة ،إذ أنه سأل كل واحد منهم عن قبيلته ، و لن يتأتى ذلك إلا بعد مخالطة وعشرة طويلتين.
◄ كان يكن عطفا خاصا لآيت عتاب يتجلى في دعائه لهم "اللهم اجعل بركة هذه الستين في هذه الستة" الدين كانوا يمثلون قبيلة آيت عتاب ضمن الوفد الذي زاره في فاس.
و مع ذلك يحق لنا أن نؤكد أن المصادر التاريخية المعروفة لم تسلط الأضواء الكافية على تاريخ مولاي عيسى بن إدريس خلال جميع مراحل حياته و بالتالي فإن الدور الذي لعبة الموقع الذي يحمل اليوم اسم آيت عتاب في تلك الحقبة من الزمن قد عفا عنه الزمن وطاله النسيان وفي مقابل ذلك فقد ظل ضريح مولاي عيسى بن إدريس محط اهتمام الزوار من آيت عتاب و من خارج آيت عتاب فضلا عن قيام أبي الحسن المريني كما سبقت الإشارة إلى دلك ببناء قبة على قبره. ومن بين الشخصيات التي زارته المؤرخ أبو القاسم الزياني الذي قال: " و زرته - أي مولاي عيسى بن إدريس – لما قدمت عليه من تافيلالت على طريق آيت عتاب و بت بقصبة المخزن فأوقفوني على قبره، عليه قبة فيقصده أهل تلك النواحي كلها للزيارة". ويبقى أكبر مظهر من مظاهر الاحتفاء بمولاي عيسى بن إدريس سواء من لدن أبناء آيت عتاب أو من لدن كل سكان المنطقة و حتى من خارجها هو الاحتفال السنوي بموسم مولاي عيسى بن إدريس، فما هو أصل هذا الاحتفال؟ و ما هي مظاهره؟
ه- الاحتفال بموسم مولاي عيسى بن إدريس:
إن المصادر التي وقفنا عليها لم تشر إلى تاريخ بداية الاحتفال بهذا الموسم، لذلك فإنه ليس أمامنا سوى الرواية الشفوية و بعض االقرائن التي يمكن الاستئناس بها في هذا الصدد، على أنه تجدر الإشارة في البداية إلى أن هذا الموسم يشارك فيه جميع سكان آيت عتا ب رجالا و نساء وأطفالا بل حتى النساء و الفتيات اللواتي يبقين في مدا شرهن يجتمعن فيما بينهن و يقمن احتفالات بالمناسبة، أما الرجال فلا يستثنى منهم إلا من يعود ليلا للحراسة و تشاركهم في هذا الاحتفال كل القبائل المجاورة سواء من الجبل مثل هنتيفة و بني مساط و آيت بوزيد و بني عياط أو من السهل مثل أولاد عياد و أولاد امبارك و أولاد بركات ، و الأمر هنا يتعلق بالقبائل التي تشارك بفرق للفروسية، و هناك بعض الفرق التي تشارك في هذا الموسم من مناطق نائية مثل أبي الجعد التي يتتبع المهتمون بألعاب الفروسية دورهم بعناية كبيرة. ويختلف عدد فرق ألعاب الفروسية التي تشارك في هذا الموسم من سنة لأخرى، بحيث يصل هذا العدد في بعض الأحيان إلى مائة و أربعين فرقة للخيول و التي يخضع ترتيب أدوارها لتنظيم محكم. والملاحظ في هذا الصدد هو أن أية فرقة للخيل سواء من آيت عتاب أو من خارجها لا يمكن أن تطأ ملعب الفروسية في أيا م الموسم إلا إدا مرت منه "سربة" أهل تسقي الدين يطلق عليهم اسم "العلامة" مفردها "العلام". و هذا يدعو إلى التساؤل عن السبب في دلك، و لمادا أهل تسقي بالضبط و ليس أهل السدات الدين يوجد من بنهم حفدة مولاي عيسى بن إدريس؟ يذهب البعض إلى أن السبب في ذلك هو أن أهل تسقي كانوا دائما يتقدمون الحملات العسكرية أو "الحركات" التي تشارك فيها قبيلة آيت عتاب و هم حاملون للعلم،
و يذهب البعض الآخر إلى أن السبب في ذلك يرجع إلى علاقتهم الوثيقة بمولاي عيسى بن إدريس و التي لم تسمح لنا المعطيات التي نتوفر عليها من تحديد طبيعتها، كل ما وقفنا عليه هو أن علاقة أهل تسقي به كانت وثيقة به مند أن وطئت قدماه آيت عتاب حيث كانوا أول من آواه وبر به و تفانى في حبه. و قد روى لي أحد الشرفاء الأدارسة في بني ملال أن أحد أبناء عيسى بن إدريس مدفون في تيسقي. غير أنني لم أتمكن في ما قمت به من تحريات و أنا من مواليد هذه القرية لا من تأكيد هذه الرواية و لا من نفيها،غير أنه ثبت لدي بأن هذه العلاقة قد استمرت بشكل آخر، علاوة على توقف القيام بألعاب الفروسية بمناسبة الموسم على مرورهم من "المحرك" و هو أنهم كانوا يحصلون على الهدايا "الزيارة" التي تقدم إلى الولي يوم الجمعة إلا أنهم تنازلوا عنها لفائدة حفظة القرآن الكريم. أما عن الأشخاص الذين يحضرون الموسم فرادى أو جماعات صغيرة فلا يخلو منهم أي تجمع سكاني من التجمعات المجاورة و غيرها من بني موسى و بني عمير و بني ملال و السراغنة فضلا عن أبناء آيت عتاب المتواجدين في مختلف جهات البلاد و خارجها و من ضمنهم قدماء تلاميذ آيت عتاب الذين كان ينص القانون الأساسي لجمعيتهم على عقد جمعهم العام السنوي بهذه المناسبة، و قد روى لي عدد من المسنين أن حفظة القرآن الكريم الذين كانوا يقدمون على ضريح مولاي عيسى بن إدريس بمناسبة إقامة الموسم يتراوح عددهم بين 100 و 300 طالب يأتون من جميع قبائل سهول و جبال تادلة والحوز، و هذا ما جعل أهل تسقي يتنازلون عن هدايا يوم الجمعة التي كانت من نصيبهم لفائدتهم.
ويقام الموسم السنوي لمولاي عيسى بن إدريس إلى جوار ضريحه في المكان المعروف ب "أبادو" لمدة ثلاثة أيام ابتداء من يوم الأربعاء الثانية من شهر مارس الفلاحي (يصادف يوم فاتح مارس الفلاحي اليوم الرابع عشر من شهر مارس الإداري)، ويقع الإعلام عنه بواسطة النداء في الناس (لبريح) في يوم الأربعاء الأولى من هذا الشهر والدي يصادف يوم السوق الأسبوعية المعروفة ب"سوق أربعاء آيت عتاب" وأول الإشارات المكتوبة إلى هذا الموسم كانت من الفرنسيين في أوائل هذا القرن في مرحلة احتلالهم للمنطقة. وإلى عهد ليس بالبعيد حسب الرواية المستقاة من عدد من المسنين العتابيين فإن مدة الموسم لم تكن تتعدى يومين اثنين هما يوم الخميس ويوم الجمعة، وكان الناس لا يقضون ليلة الخميس إلى الجمعة في مكان إقامة الموسم بل يعود القريبون منهم إلى منازل سكناهم ويوزعون الزوار من خارج القبيلة في ما بينهم حيث يقضون هذه الليلة في ضيافتهم، وفي صباح اليوم الموالي أي يوم الجمعة يعود الجميع إلى موقع الموسم لمواصلة الاحتفال إلى آخر النهار حيث ينتهي الموسم ويتفرق الجميع.
و-أصل الاحتفال بموسم مولاي عيسى ابن إدريس:
أما عن تاريخ بداية هذا الاحتفال فإننا نرى بأنه يعود إلى عهد مولاي عيسى بن إدريس نفسه للتعبير عن محبة سكان هذه المنطقة لآل البيت، وبعد وفاته احتفاء بذكراه، إلا أن ذلك الاحتفال لا يتم بالشكل الذي يجري به الآن، وإنما كان سكان المنطقة يحرصون على إكرامه في حياته الشيء الذي اتخذوا منه عادة فأصبحوا يحضرون الطعام إلى ضريحه في مواعد معينة لإكرام حفدته ونزلاء ذلك الضريح، وهو ما توارثه الخلف عن السلف ، ومن بين قرائننا على ذلك فضلا عن الذبائح التي يقدمها الأفراد طيلة السنة بمناسبة الموسم نسجل ما يلي:
☼ ما تزال بعض القبائل في المنطقة معروفة إلى يومنا هذا بأنواع الأطعمة التي تحرص على إحضارها في مواعد معينة إلى ضريح مولاي عيسى بن إدريس خاصة بمناسبة إقامة الموسم السنوي حيث تقدم إلى جميع النزلاء ومن ضمنهم حفظة القرآن الكريم الذين كانوا يتوافدون على ضريحه بكثرة من المنطقة ومن المناطق المجاورة، ومن ذلك أن قبيلة آيت بوزيد التي تحضر الخبز إلى الضريح يوم الأربعاء في حين أن مشيخة آيت يعزم يهيئون نوع الطعام المعروف ب "التشيشة".
☼ ما زال سكان آت عتاب وبالأخص المسنون منهم عند اقتراب موعد مولاي عيسى بن إدريس لا يتداولون في من بينهم كلمة "الموسم" وإنما يصفونه ب "الخدمة" فيقولون اقترب موعد الخدمة أو أنهم يستعدون لخدمة مولاي عيسى بن إدريس، وكلمة "الخدمة" تعني هنا "تهيئ الطعام للغير" من "طواجين" و "تريد" بالخصوص وهو اصطلاح لا زال مستعملا إلى يومنا هذا في أوساط فئات عريضة من السكان حيث يساهم الجيران والأقارب والأصهار والأصدقاء بما تيسر لهم من طواجين أو قصاع تريد في الحفلات التي يقيمها دووهم أو معارفهم من زواج وختان وعقيقة وحفلات توديع أو استقبال الحجاج خلافا للأطعمة التي يساهمون بها في المآتم فإنهم لا يسمونها خدمة أي أن الخدمة ترتبط دائما بالمناسبات السعيدة.
وفي كل ذلك يقولون بأنهم "يخدمون" لصاحب الحفل بل إن الطعام الذي يهيئونه لهذه الغاية نفسه يسمى "الخدمة" وإذا كانت كلمة "الخدمة" قد ترجع في أصلها إلى عادة تهيئ الطعام لتقديمه إلى مولاي عيسى بن إدريس تكريما له في حياته أو احتفالا بذكراه بعد مماته فإنها أصبحت اليوم تطلق فقط على زيارة الموسم السنوي الذي يقام عليه.
ز- مظاهر الاحتفال بموسم مولاي عيسى ابن إدريس:
أما اليوم فإن الاحتفال بهذا الموسم يتخذ المظاهر التالية:
♥ إقامة ألعاب الفروسية طيلة أيام الموسم بمشاركة جميع الفرق التي تحضر الموسم حسب ترتيب محكم معروف مسبقا من لدن الجميع، ويتابع هذه الألعاب باهتمام كبير كل زوار الموسم.
♥ يتخذ الموسم شكل ملتقى تجاري تعرض فيه مختلف أنواع السلع وخاصة السلع الاستهلاكية سواء من طرف تجار القبيلة أو غيرهم، وكثير منهم يمارسون التجارة بكيفية عرضية، وتعرف بعض الخدمات مثل المقاهي والمطاعم التي تقام في الهواء الطلق وكدا المواد المرتبطة بها رواجا استثنائيا. كما تعرف بعض أنواع السلع والمنتجات مثل الفواكه الجافة من حمص وتين وثمر وزبيب ولوز وجوز وكاوكاو وحلويات وغيرها إقبالا متزايدا، بحيث يشتري كل زائر للموسم ما تيسر له من هذه الفواكه أو بعضها حسب الاستطاعة لتقديمها لعائلته تحت اسم "الزيارة" للتبرك بها، وتشهد الخضر والفواكه الطرية واللحوم في الموسم استهلاكا كبيرا في عين المكان من طرف الوافدين عليه فضلا عما يقتنى منها للاستهلاك في المنازل، ويسمى العتابيون اللحم الذي يشترونه للاستهلاك في منازلهم أيام الموسم ب "الوزيعة" وينتهز عدد من سكان المنطقة هذه المناسبة لاقتناء بعض أنواع الملابس واللعب لإدخال الفرحة على نسائهم وأطفالهم.
♥ وإذا كان الناس يقضون نهارهم خلال أيام الموسم بين مشاهدة ألعاب الفروسية والألعاب البهلوانية والحلقات التي تنظم بهذه المناسبة، وبين تبادل الزيارات في الخيام وقضاء مآربهم إلى جانب ممارستهم لشعائرهم الدينية في الجو الذي تمليه هذه المناسبة ، فإن فئة لا يستهان بها من بينهم تحيي خلال ليالي هذا الموسم سهرات غنائية يستمر بعضها إلى آخر ساعات الليل وذلك على نغمات ورقصات الفرق المحلية أو المجلوبة من المناطق المجاورة. وبحكم الموقع الجغرافي لقبيلة آيت عتاب وتركيبة سكانها فإن هذه السهرات تمتزج فيها الأهازيج الشعبية العربية بالموالات الأمازيغية.
♥ أما المظهر الديني لهذا الموسم فإنه يتجلى على مستويات متعددة منها على الخصوص تلاوة آيا ت بينات من كتاب الله عز وجل وأمداح نبوية شريفة بضريح مولاي عيسى بن إدريس طيلة أيام وليالي الموسم.
♥ إقامة صلاة الجمعة بمسجد ضريح مولاي عيسى بن إدريس وما أن ينادي المؤذن لصلاة الجمعة حتى تتوقف كل الأنشطة بما فيها ألعاب الفروسية ويسعى الناس إلى ذكر الله. والجدير بالملاحظة في هذا الصدد أن صلاة الجمعة قد نقلت مراسيمها مرة واحدة بمناسبة الموسم في أوائل الثمانينات مباشرة على أمواج الإذاعة من مسجد ضريح مولاي عيسى بن إدريس بآيت عتاب.
♥ قيام معظم زوار الموسم من رجال ونساء وأطفال ومن ضمنهم فرق الفروسية طيلة أيام الموسم بزيارة ضريح مولاي عيسى بن إدريس، ويقوم عدد من هؤلاء الزوار بتقديم ما تيسر لهم من هدايا في شكل نقود أو ذبائح أو شمع أو غيرها.
♥ وإلى جانب هذه المظاهر الشعبية للاحتفال بموسم مولاي عيسى بن إدريس هناك طابع رسمي لهذا الموسم يتمثل في قيام الهيئة المنتخبة بتعاون مع السلطة المحلية بتنصيب خيمة كبيرة لاستقبال ضيوفهم الرسميين وغيرهم فضلا عن السهر على إعطاء هذا الموسم المظهر اللائق به وتوفير الظروف الملائمة لحسن سيره من أمن وإنارة ونظام، ويتميز آخر يوم من أيام الموسم وهو يوم الجمعة بالزيارة الرسمية التي يقوم بها عامل الإقليم الذي لوحظ ولاسيما في عقدي السبعينات والثمانينات بأنه يكون برفقته واحد أو أكثر من أعضاء الحكومة.
♥ وكان هذا الموسم في ما مضى يعد مناسبة لرؤساء قبيلة آيت عتاب والقبائل المجاورة للاجتماع بقصد التشاور فيما بينهم حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، بل ويتخذون أثناءها بعض القرارات الحاسمة.
ومن ذلك ما احتفظت به التقارير الفرنسية من أن زعماء القبائل المتاخمة لقصبة بني ملال قد اتفقوا بمناسبة انعقاد هذا الموسم في سنة 1915 على خطة هجوم مشتركة على جيش الاحتلال الفرنسي، ونفد فعلا هذا الهجوم يوم 15 مايو 1915م.
وتجدر الإشارة في الأخير إلى أن مولاي عيسى بن إدريس له بعض الآثار في الحياة اليومية لسكان قبيلة آيت عتاب كما يتضح دلك من الأمثلة التالية:
♠ كان حجاج آيت عتاب في القديم، عندما يعقدون العزم على أداء هذه الفريضة راجلين، قبل خروجهم من آيت عتاب يجتمعون في ضريح مولاي عيسى بن إدريس، ومنه ينطلقون وهم يرددون: "مايران الحج هاتوادا" أي (من يريد الحج ها نحن ذاهبون).
♠ هناك عدد من سكان آيت عتاب يسمون أبنائهم باسم عيسى تيمنا باسم هذا الولي الصالح، وعلاوة على الأسماء الشخصية هناك من يتخذ من هذا الاسم اسما عائليا له.
♠ تستحضر بعض الفئات وفي بعض المناسبات اسم مولاي عيسى بن إدريس للتبرك به ومنها فرق الفنون الشعبية المحلية المعروف ب"العامة" التي تستهل أي حفل لها بالعبارات التالية: "أشاي الله ، أضيف الله ، أيا مول القبيبة مولاي إدريس"، والمقصود بمولاي إدريس هو مولاي عيسى بن إدريس، وكدا الفلاحون الدين يرددون عند عملية درس الحبوب باستخدام الحيوانات التي تدور على كومة السنابل المحصودة العبارة التالية، "الهريس، الهريس، أمولاي إدريس" متوسلين بهذا الوالي إلى الله سبحانه وتعالى بأن يسهل عملية الدرس.
♠ ومن جهة أخرى فإن ضريح مولاي عيسى بن إدريس كان وإلى عهد قريب يعرف موسما سنويا مصغرا بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف تجتمع فيه الفتيات البالغات سن الزواج والراغبات فيه من المداشر المجاورة رفقة جداتهن أو أمهاتهن أو إحدى النساء المسنات من الأقارب أو الجيران حيث يمكن لمن يرغب في الزواج من أحداهن أن ينظر إليها بهذه المناسبة، وإذا ما وقع اختيار أحدهم على إحداهن فإنه يتصل بالمرأة المسنة المرافقة لها فيطلب المعلومات التي يراها ضرورية عنها، ويشتري لها كهدية شيئا من التمر والحناء وبعض المأكولات المتوفرة في عين المكان، كما يعرفها بنفسه لتبليغ الأمر إلى عائلتها، بعد ذلك يتقدم إلى ولي أمرها لطلب خطبتها، وإتمام باقي الإجراءات إدا حصل الاتفاق بين الطرفين. وإن إقامة مثل هذا الموسم المصغر ليس خاصا بمولاي عيسى بن إدريس، بل إن هذه العادة كانت معروفة أيضا على مستوى أضرحة أولياء آخرين في القبيلة نفسها مثل مولاي بوعنان في أولاد غنام وسيدي حديدو في آيت يعزم .
ب.م
إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل
إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل
إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل
إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل
إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.