أحيا سكان طنجة موسم الولي الصالح سيدي بوعراقية، الجمعة المنصرم، بعد فترة توقف دامت أزيد من ثلاثين سنة، ويأتي إحياء هذا الموسم الديني بمبادرة والي المدينة، الذي اقتنع بفكرة تنظيم إحياء هذه العرف، الذي يجري عادة في اليوم السابع لعيد المولد النبوي.جانب من مظاهر الاحتفال الشعبي بسابع المولد (العاقل) كانت آخر مرة احتفت فيها طنجة بموسم الولي الصالح سيدي بوعراقية سنة 1972، وبعد غياب طال لأكثر من 30 سنة، بادرت سلطات المدينة إلى إحياء هذا الاحتفال وتشجيعه، وشارك في ذلك هيئات وجمعيات رسمية ومدنية عديدة، منها ولاية جهة طنجة تطوان، والجماعة الحضرية لطنجة، والغرفة التجارية والفلاحية والصناعة التقليدية، ومندوبية الصحة. وبدأت الاحتفالات بانطلاق موكب الهدايا من ساحة الأمم، بشارع محمد الخامس، متوجها إلى ضريح الولي سيدي بوعراقية بشارع الحسن الثاني، إذ ضم الموكب أطباقا ذهبية وفضية من طراز تقليدي وعصري، وهدية عبارة عن عدد من الثيران معدة للذبح وتوزيع لحمها بين الفقراء. ورافقت الموكب مجموعات فلكلورية، من الدقة المراكشية، وكناوة، والفرقة النحاسية التابعة للكشاف الملكي، و"البواردية"، وهم رماة يحملون بنادق وملابس تقليدية، بالإضافة إلى طلبة المدارس القرآنية. ولدى وصول الموكب إلى ضريح سيدي بوعراقية، وأداء صلاة المغرب، أقيم حفل ديني كبير بالمناسبة، تخلله ابتهالات دينية وسماع ومديح، وفي اليوم الموالي من الاحتفال، جرى ختان الأطفال بكل من مستشفى القرطبي ومستشفى محمد الخامس، وتوزيع هدايا وألبسة بالمناسبة. ولد الولي الصالح سيدي محمد الحاج البقالي، المعروف بأبي العراقية الخضراء، أو بوعراقية، بقبيلة بني حسان بدائرة تطوان، في أواسط القرن الحادي عشر الهجري، في بيت علم وشرف ودين، وتوفي سنة 1130 هجرية، بمنزله، الكائن قرب المسجد المعروف بالجامع الجديد، ودفن بمكان المعروف بقبة السلاطين، ولم يخلف سوى بنت واحدة، هي رقية الغزواني. وكان لهذا الولي الصالح أخ من أبيه يسمى سيدي قاسم، ونسبه هو محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد، المعروف بذي القبرين بن الشيخ علي الحاج، وينتهي نسبه إلى سيدي حمزة بن إدريس الثاني. ويروي المؤرخون أن أصل جد الشرفاء البقاليين من الساقية الحمراء، حيث استقروا في فاس، ومنها رحلوا إلى قبيلة اغزاوة، بناحية شفشاون. وكان سيدي بوعراقية عالما كبيرا ذائع الصيت، ورعا نقيا، زاهدا، ووليا صالحا، ومجاهدا، وله عدة كرامات، مازال أهل طنجة يروونها عنه، وأطلق عليه لقب ضامن البلاد، لأنه كان يضمن سلامتها ضد الغزاة والمحتلين عبر الجهاد. يستقطب ضريح سيدي بوعراقية العديد من الزوار من مختلف المدن المجاورة لطنجة، وخصوصا في العشر الأواخر من رمضان، التي تصادف ليلة القدر المباركة، إذ يُنظم حفل ديني كبير، تشارك فيه فرق المديح والابتهالات والمقامات الصوفية. ويحكي سكان طنجة أن مسؤولين من رتب مختلفة في قطاعات متعددة، يقومون، بمجرد تنصيبهم على رأس مهمة معينة بمدينة البوغاز، بزيارة ضريح سيدي بوعراقية "أملا في أن يظلوا في مناصبهم لفترة طويلة"، حسب رواية سكان المدينة.