((قال الإمام شمس الدّين الذّهبيّ في (سير أعلام النبلاء): قال يونس بن عبد الأعلى الصدفيّ: ما رأيت أعقل من الشّافعيّ! ناظرتُه يوماً في مسألةٍ ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتّفق في مسألة. ثم علّق الذّهبيّ على ذلك بالقول: «هذا يدلّ على كمال عقل ». هذه القصة هي إحدى روائع تاريخنا الفكريّ المضيء، وهي تكشف أن اختلاف السّلف في الرّأي لم يكن داعيا إلى الفرقة، ولا باعثا على القطيعة، ولا دافعا إلى السّبّ أو الشّتم أو التّجهيل والتّسفيه والتّحقير، فضلا عن التّفسيق والتّبديع والتّضليل والتّكفير، بل غاية ما كان يدور في صدر الواحد منهم أنّ مخالفه أخطأ في تلك المسألة؛ لا في كلّ المسائل، بل كان الواحد منهم يشكر من دلَّه على خطئه، أو أبان له عن فساد ما مال إليه من الرّأي، ما دام أمر القلوب مجتمعا وطريقة التّعبير عن الرّأي راقية خالية من الألفاظ النّابية والتّعبيرات المُسِفَّة، وما دام لدى كل طرف حسن ظنّ بالآخر))، هذا هو المنهج الذي أطمئنّ إليه والذي أحب أن أشارك إخوتي وأخواتي في بعثه والأخذ به حتى تستقيم حياتنا الفكريّة والعقديّة والاجتماعيّة، فتعود الأمّة إلى ما كان عليه هذا السّلف من وحدة وعزّة وكريم خلق وعلوّ همّة، رحم الله الإمام الذّهبيّ، سعدت والله بهذا النّقل المبارك، أرجو الله جلّت قدرته وتعالى ذكره أن يحيي في هذه الأمّة مثل هذا السّلوك القويم، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمّد وآله الطّاهرين محمّد محمّد المحب