هذا الخبر : " بناء على تقارير لجن تفتيش حلت بكل من أكاديمية مراكش ونيابة قلعة السراغنة والتي سجلت خروقات واختلالات خطيرة همت الموارد البشرية والشؤون المالية والمادية والإدارية وتدبير الحياة المدرسية تم إعفاء : رئيس مصلحة البناءات والتجهيز، ورئيس المصلحة الشؤون المالية والإدارية، ورئيس مصلحة الموارد البشرية، وتقنيين إثنين ، وستمتد عملية التفتيش والإفتحاص لتشمل جميع نيابات جهة مراكش تانسيفت الحوز ...." عن المجلة الإلكترونية "المسائية العربية" بتصرف . عندما تتعطل الحافلة وتتوقف في منتصف الطريق، ماذا يصنع أصحابها لإنقاذ الرحلة؟ في الدول التي تحترم مواطنيها يتم تغيير قطع الغيار الفاسدة بأخرى صالحة، أما عندنا فالاختيار يقع على تغيير السائق. والنتيجة أن حافلات الدول التي تحترم مواطنيها تتابع رحلتها بعد إصلاح العطب، فيما حافلاتنا تظل واقفة على الطريق، يتغير سائقوها في كل مرة دون أن تبرح الحافلة مكانها. ودعونا نعطي أمثلة من واقع الميدان الذي نحن منه وإليه ، ميدان التربية و التعليم ، اذ يعتقد اصحاب الحل والعقد أنه بمجرد تغير الوزير أو تنصيب أكثر من وزير على قطاع التعليم ستحل جميع مشاكله وتفك كل أزماته وترحل عنه كل مآسيه ومعاناته . والحال أن المشكل العميق الذي يعيق مشروع النهوض بقطاع حيوي كالتعليم في بلد كالمغرب الذي ينخره الفساد هذا الإرث الفظيع الذي تركه السابقون، يكمن تحديدا في تلك الفئة من الموظفين الإداريين العاملين بالمصالح المركزية والجهوية والإقليمية كبارا وصغارا -وليس كلهم طبعا ،ففيهم الشرفاء على قلتهم - ويكمن كذلك في تلك الشرذمة من ممثلي الموظفين الذين فيهم كذلك الشرفاء ولكن ما اقلهم ، الذين سطوا ( موظفين ونقابيين ) على القطاع منذ سنوات طويلة وهربوه واحتكروه لأنفسهم دون غيرهم .وتفننوا في حبك تمثيليات الحوار التي لاتنتهي والتي لم تعد تنطلي حيلتها على أحد . وبالنسبة لهؤلاء الموظفين ومن يدور في فلكهم جاء الوزير أو الوزيرة أو هما معا أو ذهابهما سيان وقافلتهم تسير .... المشكلة يا سادة يا كرام تكمن فساد في المنظومة برمتها ، وليس في شخص الوزير وحده باعتباره المسؤول وحده أمام البرلمان/ الشعب. وهو وحده – في نظرنا – المسؤول عن تردي الأوضاع المادية والمعنوية للمدرسة العمومية. ولا احد يتوجه باللوم لمديري المديريات ولرؤساء الاقسام والمصالح والمكاتب الذين هم المسؤولون الحقيقيون على ما آلت إليه أوضاع هذه المنظومة المهترئة والمريضة ، أنا هنا لا أقصد الإستراتيجية العامة للوزارة وتوجهاتها التي يجب أن تنسجم مع المخطط الحكومي ومع التوجهات العامة للدولة، بل ما اقصد ه هو جانب التدبير اليومي لملفات الموظفين من ترقية وحركة وما إلى ذلك أنا اقصد تتبع تنفيذ البرامج والمناهج أنا اعني بالتحديد مراقبة صرف اعتمادات التسيير والاستثمار . ففي هذه الجوانب لا شيء تغيير رغم تعاقب الوزراء وكتاب الدولة . إن مأساة التربية الوطنية ليست هي الوزير أو الوزيرة وحدهما. نعم الوزير هو المسؤول الأول عن الوزارة ، وباسمه يتم اتخاذ جميع القرارات. لكن المسيرين الحقيقيين للشأن اليومي للمنظومة ، هم أولئك الموظفين ومن يؤازرهم والذين يتصرفون في التفاصيل. والشيطان، كما يقول الفرنسيون، يختفي دائما في التفاصيل. وما ينطبق على الوزارة ينطبق على الأكاديميات والنيابات فالمسؤولية يتحملها دائما المسؤولون الجهويون والإقليميون وغالبا ما يتم إعفاؤهم أو استبدالهم، ولكن ومع ذلك لا شيء يتغير تبقى نفس أسباب الإعفاء أو الإقالة قائمة : العشوائية والإرتجالية والفوضى . فأين يكمن الخلل إذن من فضلكم ؟؟؟؟؟، والجواب هو ما اشرت إليه في المقدمة : إننا نستبدل السائق بذلا من استبدال قطاع الغيار الفاسدة . فاسدة ، إما لكونها أصبحت متجاوزة ولم تعد قادرة على العطاء ، ومن هنا لا بد من ضخ دماء جديدة ، وإما أنها جيوب لمناهضة التغيير، وبقاء الأوضاع على ما هي عليه يخدم مصالحها الشخصية بالدرجة الأولى ، وإما أن ولاءها يذهب لجهات نافذة كنقابات أو أحزاب أو أشخاص أقوى من الولاء الذي يجب أن يكون للمسؤولية الإدارية وللمهام المنوطة بها ، وإما انها بكثرة ما عمرت في الإدارة نسجت علاقات اخطبوطية في جميع الاتجاهات وترسخ في ذهنها بأنها رقم مهم يصعب الاستغناء عنه ....وأظن ان القاريء الكريم ليس في حاجة للأمثلة فإدارتنا التعليمية المركزية والجهوية والإقليمية تعج بمثل هذه النماذج .... سيذهب هذا الوزير وسيتبعه هذا المدير وسيليهما هذا النائب ، فهل ستتغير الأوضاع ؟؟ في اعتقادي فإنها ستزداد سوءا، لان الوباء اسشترى في جسم هذه المنظومة من قمة رأسها إلى أخمص قدميها . وكل مدير أو نائب حاول أن يغير أو يصلح او يصحح سيجد مقاومة شرسة وضارية من اصحاب المصالح ومن والاهم ، وأقصد بهم بعض النقابات التي دست بعض أتباعها في دواليب الإدارة لتحقيق أهدافها الدنيئة التي لا تمت للعمل النقابي بصلة ، كما سيتكالب عليه( المسؤول) أذرع أخطبوط أصحاب المصالح الذين نسجوا علاقات مشبوهة مع جهات مختلفة ، هذه الجهات التي لا تذخر أي جهد في التأثير على المسؤول لثنيه عن مواصلة سياسة التغيير تغيير قطاع الغيار الفاسد : " الله أخليك هذاك السيد راه ديالنا .." ويقنعونه بانه مجرد عابر سبيل وبأن الموظف دائم في منصبه إذن فلا داعي لكل هذه الرجة وهذا "صداع الراس " وإذا تبين للجميع انه متشبت برأيه فإن الآلة الدعائية الجهنمية تشتغل ، ولا تستني في ذلك أخص خصوصياته . ولا يستبعد أن تفبرك له قضية أو فضيحة ..هذا ناهيك عن البيانات والإحتجاجات من وقفات واعتصامات إذا سولت له نفسه التقرب من عش الزنابير الذي نسجته الآلة الجهنية لهذه الفئة من الموظفين .... وكمثال حي فنيابة..... تناوب على تسييرها 3 نواب في ظرف وجيز ومع ذلك فهي تتخبط في نفس المشاكل فهل يعزى ذلك – في رأيكم - للمسؤول الأول فقط ؟؟؟ أم أن هناك بالإضافة إليه من يجب أن يحاسب ؟؟ وهل هناك من حل لهذه المعضلة ؟ لكي يكون هناك إصلاح جذري في قطاع التربية الوطنية ، يجب أولا وضع حد لطغيان بعض "مسامير الميدة" المشار إلى بعض اصنافهم اعلاه . وفي حال عدم وضع حد لهذا السرطان المنتشر مركزيا وجهويا وإقليميا فإن المنظومة ستمستر في الصعود .... ولكن إلى الهاوية . لذلك فمحاربة الفساد التي تقتصر ‘لى إعفاء المسؤول الأول أو استبداله هو إصلاح مغشوش لأنه يكتفي برش المساحيق على السطح غافلا الغوص في الأعماق . والإصلاح الذي يكتفي بالشكل دون الجوهر هو إصلاح يقتصر على تغيير السائق والإبقاء على قطع الغيار الفاسدة لن يفيد في تحريك حافلة قطاع التعليم المتوقفة في وسط الطريق . إن المطلوب لكي تتحرك الحافلة هو أن يتم تخليصها من "مسامير الميدة " التي صدئت في أماكنها، وتعويضها بدماء متجددة تتدفق داخل شرايينها المتصلبة وتطعيمها بقطع غيار جديدة بتاريخ صلاحية مضبوط وبمهام محددة وبتوجيه وتكوين وتتبع ومراقبة ومحاسبة وفق هذا وذاك بتعويضات وتحفيزات محترمة .بذلا من توزيع للأتوات على بعض المقربين و المتزلفين والمنافقين الذين لايعرف أي أحد مهامهم الرسمية بالضبط . وحتى لا أكتفي بتشخيص استسمحكم في اقتراح بعض الحلول لمعضلة مسامير الميدة الذين لا تكاد تخلو منهم إدارة ، أقترح : 1- مساءلة ومحاسبة المسؤول الأول وطاقمه الإداري ومساعديه من رؤساء أقسام مصالح ومكاتب ، إذ الملاحظ أنه غالبا ما يتم إعفاء المسؤول الأول فيما المخططون الحقيقيون واللصوص الفعليون يستمرون في أداء مهامهم . الامثلة كثيرة ومتعددة أمامكم . 2- التقليص من هذا العدد الهائل من الموظفين المكدسين بالشكل الذي يفوق العدد المطلوب بكثير في الوزارة و الأكاديميات والنيابات فيما مؤسسات التربية والتكوين في حاجة ماسة إلى مساعدين إداريين . 3- إقرار آلية لتدريب ولتكوين لفائدة الموظفين لتطوير مؤهلاتهم . 4- إقرار آلية ديمقراطية شفافة لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب لإسناد مناصب المسؤولية بذل ما نراه اليوم من اعتبارات حزبية ونقابية وغيرها التي تحكم هذه العملية . 5- تحديد المهام والمسؤوليات بشكل واضح و: 6- إقرار تعويضات محترمة للموظفين عن المهام وتعويضات عن الساعات الإضافية . الخبر المشار إليه في المدخل هو ما أوحى لي بهذا المقال وتحياتي الخالصة عيدكم مبارك وسعيد وكل عام وانتم بخير عيون الساقية الحمراء:في 06/11/2011