مهام تنسيق التفتيش الجهوي اختزلت وأصبحت سيف على رقاب فئة معينة من موظفي قطاع التربية والتكوين دون غيرها، وهذا لا يعني أن هذه الفئة سليمة من جانب تدبيرها وتسييرها للمؤسسسات التعليمية التي أوكل لها الإشراف عليها ، بل تجد من بينها نماذج أساؤوا إلى القطاع الذي ينتمون إليه إلى حد أن الوضع يتطلب متابعتهم قضائيا وليس فقط إعفاءهم من مهام الإدارة التربوية، و يذكر أن هذه الفئة تزاول مهام جمة ومتشعبة في غياب الوسائل الكفيلة بأداء واجبها المهني على الوجه الأكمل ، وتحقيق نسبة مقبولة إن لم نقل مشرفة من المنتوج الإداري التربوي. وبالرجوع إلى تنسيق التفتيش الجهوي فمن بين ما هو مكفول إليه حسب مقتضيات النظام الأساسي ، افتحاص المصالح الإدارية والمالية والمصالح المكلفة بتدبير الموارد البشرية للأكاديمية ، المراقبة العامة في الميادين التربوية والإدارية والمالية والتخطيط الجهوي التربوي والشؤون المادية والمالية ، وتتبع ومراقبة تنفيذ عمليات اللاتركيز، لكن شكايات عدة تتعلق بمختلف اطر المنظومة التربوية رفعت إلى منسقية التفتيش الجهوي ببعض الأكاديميات ذات المواضيع التالية : الإخلال بالواجب المهني ، الفساد المالي والإداري والتربوي ، توتر العلاقات وحصول تصرفات لا أخلاقية ولا تربوية ، تفشي ظاهرة الدروس والمراقبة التربوية الخصوصية ، عمليات التكوين المستمر ، مبادرة مليون محفظة ،.....ولم يتم إعطاءها ما تستحقه من عناية بحيث الافتحاص وتقصي الحقائق بشأنها،لنقف على أن المشاع بنسبة كبيرة هو إجراء البحث في سوء تسيير المؤسسات التعليمية ، والغريب أن حالات عدة غير مرفق المؤسسات التعليمية كان لها عنوان عريض ألا وهو الإخفاق في تحمل المسؤولية المسندة و فساد تدبير الشأن التربوي والممارسة البيداغوجية ، ولم تجرأ هذه المنسقيات من فتح بحث وتحقيق شفاف ونزيه بخصوصها ، واكتفت لدر الرماد في العيون وإسكات المنددين بالخروقات والتجاوزات ، بزيارات خاطفة أنجزت على إثرها تقارير لاتسمن ولا تغني من فائدة . ولنا كذلك أن نشير إلى ما مدى احترام مقتضيات المذكرة الوزارية رقم 81 بتاريخ 03 / 06 / 2009 ذات الموضوع : " التكليف بمهام تنسيق التفتيش الجهوي "؟ والتي نصت على أن تنسيق التفتيش الجهوي جاء لتعزيز أدوار المفتشية العامة للتربية والتكوين ، مع تزويد مجال اشتغالها بالأطر الكفأة من أجل تسريع وتيرة إصلاح منظومة التربية والتكوين ، ليبقى السؤال المطروح : هل من تم إعفاءهم من مهام المسؤولية الإقليمية والجهوية لعدم أهليتهم " بدون مساءلة ومحاسبة ومتابعة قضائية" يعتبرون من الأطر الكفأة حتى يتم إدراجهم ضمن تشكيلة لجنة تنسيق التفتيش الجهوي ؟ وهل بالفعل بمثل هؤلاء سيتم مواصلة النهج الذي تعتمده الوزارة في تدبير الموارد البشرية لمبدئي الشفافية وتكافؤ الفرص كما جاء في المذكرة المشار إليه سلفا. وأما الإصلاح الذي يتوخاه الجميع لمنظومة التربية والتكوين فمن بين ما يقوم عليه الحقوق والواجبات والمساءلة للجميع مهما كانت المرتبة أو الإطار أو المسؤولية ، فلا يعقل أن نائبا إقليميا للوزارة بجهة سوس ماسة درعة رفع راية العصيان بعدم احترامه وتنفيذه لمراسلة جهوية ذات مرجعية ، بل تحدى المساطر الإدارية وجاء بعكس ما تنص عليه هذه المراسلة ، لنطرح القضية على تنسيقة التفتيش الجهوي وما عساها كانت فاعلة ، وحالة أخرى لرئيس مصلحة بإحدى النيابات بنفس الجهة والذي تم الاقتصار على إعفاءه من مهامه وإعادة تعيينه بمقر نيابة إقليمية مجاورة للعاصمة الإدارية للمملكة ، مع الإشارة أن منذ إدماجه بالقطاع إلى حين إعفاءه من المسؤولية كان كله خارج المعمول به تشريعيا ، فلماذا هذا الاستثناء و لماذا غض الطرف ولم يتم فتح تحقيق في هذا التجاوز للقانون ، فالنازلة تستدعي تعيينه بمؤسسته الأصلية وليس مكافئته ونقله إلى مقر سكناه . وكما أنه سبق أن أعطيت تعليمات لتنسيق التفتيش الجهوي بإعفاء مدير مؤسسة تعليمية ، وكان من بين أعضاءه عضوين سبق إعفاءهما من مهامهما الإقليمية، ومع عدم الوقوف على أي سبب من الأسباب التي تقتضي إعفاء هذا المدير من الإدارة التربوية كما ينص عليه القانون، اجتهد هذا التنسيق اجتهادا لم يأت به زمان ولا مكان فنسبوا إليه الآتي : تراميكم على صلاحية الغير مما جعل المديرين يراسلونكم في مواضيع شتى " وفي راواية أخرى " خلقك إدارة موازية للنيابة " ، ليستوجب الأمر طرح عمل هذه اللجن أمام محك الاستقلالية والجرأة النزيهة في اقتراح القرار والدفاع عنه من باب إعطاء لكل ذي حق حقه. ونعتقد أن قطاع التربية والتكوين يستلزم من الجميع إدارة وأطرا وشركاء اجتماعيين و جمعيات المجتمع المدني وسلطات الإسهام ديمقراطيا في ورش القضية الثانية وطنيا بدون مزايدات سياسوية أو نقابوية أو غيرها ولا أكثر ولا أقل من المصلحة العامة . و نذكر بأن من الدعامة الثانية القائم عليها الدستور المغربي الجديد " ربط المسؤولية بالمحاسبة " ، وما أقدم عليه مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة سوس ماسة درعة في بداية مشواره بهذه الجهة بحيث إحالته ملف الاختلالات الإدارية والمالية للأكاديمية على المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة لوزارة المالية يعتبر تحديا واختبارا حقيقيا لمدخل عهد ما بعد المصادقة على الدستور الجديد ، فهذه البادرة لقيت استحسانا عظيما و يتطلع الجمهور إلى ما ستسفر عليه من نتائج حتى يطمأن الجميع على مستقبل التعليم . و نعتقد كذلك أن من بين الشعارات التي يتطلب الحال رفعها هو : المتابعة القضائية لكل مسؤول فاسد ، وعدم الإفلات من العقاب مدخل رئيسي وأساسي لكل إصلاح وتغيير. و إن لم يكن ذلك فما لنا إلا أن ننتظر حراكا من نوع آخر و بصيغ أخرى لعلنا نصل إلى فجر يوم الكرامة والعدالة المهنية.