كان يا مكان في سالف العصر والزمان شهريار : كيف حالك الليلة يا عزيزتي؟ شهرزاد : بخير يا سيدي 00 شهريار : أمازلت تفكرين في الترشح؟ شهرزاد : نعم 0 يا سيدي شهريار : وماذا لو ساعدتك قليلا؟ شهرزاد : تساعدني؟! وكيف ؟؟ شهريار : سوف أقصر عليك الطريق يا عزيزتي 00 شهرزاد : تقصر الطريق 00 لا أفهمك شهريار : ماذا لو جعلت منك ملكة؟ شهرزاد : ملكة ؟! ملكة ؟! شهريار : نعم 0 ماذا لو كنت ملكة؟ شهرزاد وهي تكاد تطير من شدة الفرح ) سوف أشتري سيارة ٬ و محمولا ٬ و أي بود ٬ و أي باد ٬ و أي فون ٬( كل ما يبتدئ ب أي ) شهريار : ما عهدتك بلهاء يا شهرزاد 00 أقول ملكة 00 ملكة 00 هل تفهمين؟ شهرزاد : ( وقد عادت لها نفسها ) آه نعم0 ملكة يعني أنا أملك كل هذا 00إذن سوف أشتري أسطولا بحريا ٬ و أسطولا جويا ٬ و أسطولا بريا ٬و سوف أبني لي عرشا من ذهب ٬ وقصرا من ذهب ٬ وأشرب في أنية من ذهب ٬ وأبني خزينة من الفولاذ لها ألف باب٬ و ألف قفل ٬ ولا تضم إلا الزمرد والجواهر ٬ والماس والذهب ٬ فأكنز ما أكنزه لأولادي ٬ و أحفادي ٬ و أحفاد أحفادي ٬ و أتكئ على كنبات جلبت من أقاصي العالم ويخدمني ألف عبد ٬ يقومون على تنفيذ رغباتي مهما غلت ومهما علت ويسهر على حراستي وحراسة أموالي جيش من ألف كتيبة٬ فلا يدخل الهواء قصري إلا إذا قدم أوراقه الثبوتية فأنا الملكة 00 ملكة الملكات (وكأن أصابها جنون العظمة 00) فلست أقل من ملك ملوك إفريقيا ؟ شهريار : وماذا عن الشعب يا عزيزتي شهرزاد : آسفة يا سيدي لقد نسيته 000 مع كل هذه الممتلكات ربما لن أتذكره مطلقا000 شهريار يأخذ شهرزاد من يدها ٬ ويتجه بها نحو كرسي العرش ويجلسها) شهريار : هذا مكانك الجديد يا عزيزتي00 انه لك 00 لكن قبل ذلك أود أن أحكي لك قصة أحد الأباطرة شهرزاد : الليلة أنت تأخذ دوري ٬وأنا أخذ دورك(وتقول في نفسها ما أجمل أن يكون المرء ملكا 000 لن أكون اليوم الرواية) شهريار: ( وهو يقف فوق إحدى الكنبات ٬ وقد تهجم وجهه٬ وجحظت عيناه ٬ورفع سيفه ) وقال : « مزقوا هؤلاء الأعداء إربا إربا ٬ اطردهم أمامكم ٬ استولوا على ممتلكاتهم ٬علقوا من يحبونهم على أسلحتكم٬ حطموا نسائهم وبناتهم » انتفضت شهرزاد وأخذ الرعب مأخذه منها٬ لكنها ظلت صامتة لا تنبس ببنت شفة ما إن أنهى كلماته هذه حتى قال: هذا ما قاله جنكيز خان وهو على أبواب إحدى المدن بهدف غزوها 0 شهرزاد : ( وقد اعتدلت في جلستها ) ومن كان جنكيز خان هذا؟ شهريار : جنكيز خان كان من أباطرة المغول وسيد سفك الدماء 0 فما إن يدخل مدينة إلا خربها وجعل أسفلها أعلاها ٬و أعلاها أسفلها ٬ وخلف وراءه كومة من الرماد ٬ وجبلا من الجماجم ٬ حتى قيل أنه يندر أن يوجد رجل في التاريخ قد أمر بالإبادة الجماعية مثله 0 لقد عُرف جنكيز خان بعنفه الشديد ٬و ميوله للإنتقام ٬ و مذابحه الشنيعة و إراقة الدماء من دون شفقة أو رحمة0 بنى لنفسه هرما من الرعب ٬ وخلف ورائه اساطيرا من الإبادة المخلوطة بالفظاعة 0 حكم بالقوة وساد بالقوة ٬ فلا وازع ديني يمنعه ولا قوانين دولية تحكمه 0 قاد جيوشه البربرية ووسع إمبراطوريته٬ فضمت الصين وإيران ٬وما بين النهرين٬ وأسيا الصغرى ٬ وشرق أوربا بجبروت لم يعرفه التاريخ من قبل قام جنكيزخان بهدم حضارات ونسفها في رمشة عين شهرزاد: ( وهي تقاطعه ) وما علاقتنا به الآن ؟؟هل تريد مني أن أكون ملكة تصنع إمبراطورية عظيمة من الجماجم 0 شهريار : انتظري يا عزيزتي فللحكاية تتمة 000 لقد حقق ما لم يحققه غيره ٬ لكنه ظل على عاداته البربرية ٬ فلا يلبس غير ردائه البربري ٬ ولا يأكل إلا ما اعتاد أكله ٬ فرفض أن يبني قصورا ٬ أو يقيم في مدن ٬ فلم يغير فيه الحكم طبعه البربري القاسي ولم يعرف التحضر طريقا لقلبه فعاش ومات بربريا حقيقيا وعندما اشتد مرضه كانت وصيته كالأتي ﴿اعلموا يا أولادي الجياد أنه قد قرب سفري إلى دار الآخرة 0000 فوصيتي إليكم أنكم تشتغلون بعدي بدفع الأعداء ٬ و رفع الأصدقاء ٬ وتكونوا جميعا على رأي واحد000﴾ شهرزاد : لقد فهمت ما ترمي إليه الآن ٬ فلم يكن نجاحه عائدا لجبروته فقط ٬ لقد عاش عيشة شعبه فلم يكنز أموالا ٬ و لا بنى قصورا من ذهب ٬ ولا أسرف في مال العباد شهريار : وماذا الآن يا عزيزتي؟ شهرزاد : ( وقد نزلت عن العرش) لا أظنني استحق هذا العرش 000 إنه يليق بك أكتر لقد صاح الديك يا سيدي لنا غدا حديث المراجع : كتاب المغول في التاريخ الجزء السادس رسوان بشرى 13-10-2011