"قد اختلف معك في الراي ولكنني مستعد ان ادفع حياتي ثمنا لحقك في التعبير عن رايك" فولتير "Je ne suis pas d'accord avec ce que vous dites, mais je me battrai jusqu'au bout pour que vous puissiez le dire" Voltaire أولا :أسباب النزول : من أهم الأسباب التي دفعتني للكتابة في هذا الموضوع : صدور ذلك البيان او لنقل البيانين الذين يلخصان بامتياز مستوى الصراع القائم بين فئةٌ من أولئك الذين يُحسَبون انفسهم دعاة الإصلاح في مجتمعنا الدمناتي من جهة، وبين الفئةٍ الأخرى من االشباب المحسوبين على تيار 20 فبراير ومن والاهم من جهة ثانية!.. و لا أهدف من وراء هذه الكتابة إلى الدفاع عن فئة دون أخرى بقدر ما أهدف إلى الدفاع عن مبدأ الاختلاف كحق مشروع، هذا المبدأ الذي لولاه لما تطورت الحياة، بل لما كان لها استقرار ، ولولا الاختلاف لما تطورت العلوم والنظريات، ولظل كل شيء ساكناً على ماهو عليه،. والأساس الأول للاختلاف – كما تعلمون- هو احترام الآخر، والإقرار له بحرية الرأي . و الاختلاف القائم على مبدأ الاحترام يزيد من أسباب التواصل بين الأفراد، ويقوي الأواصر بينهم، ولا يصنع الشقاق أو الخصام بينهم .و لا يتناقض الاختلاف مع العلاقات الطيبة، وروابط الأخوّة القائمة بين الناس على اختلاف رؤاهم ومعتقداتهم ومذاهبهم. بل إن الهدف من الإختلاف هو البحث عن الحقيقة . وإن الإختلاف ليس و البحث في عيوب الناس والنظر إلى عوراتهم وإحصاء عيوبهم واخطائهم ، إن الإختلاف هو نقد الذات اولا والنظر إلى عوراتنا قبل تتبع عورات الآخرين . كما اود من خلال هذه الكتابة كذالك ، تنبيه اصحاب البيان بصفة خاصة (والذين لم أشغل نفسي بالبحث عمن يكونون ماداموا لا يملكون الجرأة الكافية للتعريف بأنفسهم ) والمشتغلين بعيون الناس بصفة عامة بانهم هم كذلك بشر يقعون في الخطأ ، وان للجميع عيوبا لو اشتغلوا بها وبإصلاحها لشغلهم ذلك عن عيوب الناس وان من تتبع عورات الناس تتبع الله عورته . وقديماً قيل : أرى كل إنسان يرى عيب غيره *** ويعمى عن العيب الذي هو فيه وما خير من تخفى عليه عيوبه *** ويبدو له العيب الذي لأخيه وكذلك قيل إذا شئت أن تحيا سليماً من الأذى *** ودينك موفور وعرضك صيّن لسانك لا تذكر به عورة امرئ *** فكلّك عورات وللناس ألسن وعينك إن أبدت إليك معايباً *** فدعها وقل : يا عين للناس أعينُ وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى *** وفارق ولكن بالتي هي أحسن ثانيا :النازلة : تعيش مدينة دمنات هذه الأيام ظاهرة جديدة تتمثل في توزيع بيانات مرقنة ومستنسخة بأعدادة كثيرة لا تحمل اسم و توقيع أصحابها ولا مصدرها . وهي - في رأيي- تعبير عن حجم الصراع والتطاحن بين فئة مكشوفة الوجه تشتغل في ضوء النهار/ 20 فبراير ، وفئة تفضل أن تتوارى في الظل و تستتير خلف الأسماء المستعارة . وقد وزع هاذين البيانين على نطاق واسع في مقاهي " شارع الداو السوق" او "لمحرك" ( الاسم التاريخي لهذا الشارع ) شارع محمد الخامس مجازا . لقد فوجئ الرأي العام بالبيان الأول وهو بالمناسبة ، شكل جديد من التعبير، من صفحتين يتهم متزعمي الاحتجاجات بأنهم "يخدمون اجندات معينة .... وانهم سخروا طرائد بريئة.... بعضهم هدفه الدفاع عن مصالحهم الخاصة في حين أن هدف البعض الأخر هو الانتقام من الهزيمة في الانتخابات...." كما تطرق البيان المجهول المصدر ، إلى ما أسماه خروقات المتزعمين الراغبين في إخفاء واقعهم المر مشيرا بصريح العبارة إلى الأسماء الحقيقية الشخصية والعائلية لبعض الأشخاص ، معددا خروقاتهم في:" البناء بلا ترخيص ....وفي احتلال الملك العمومي.... و في التوسط للحصول على معدلات عليا في الدراسة.... وفي تصرفات خطيرة كتحويل مقهى الى وكر للقمار والمخدرات .... !!!!!! والتجسس لفائدة السلطات .... !!! ومتهما بعضهم بممارسة الفاحشة في أماكن حدد موقعها ... !!!!، وموجها اللوم لبعض الهيئات السياسية معينة ، مركزا على فصيل سياسي بعينه متهما اياه بالفشل و بالتقصير في القيام بواجبه في جماعات أخرى ذكرها بالاسم . ثم عرج صاحب البيان على المجهودات التي يقوم بها المجلس في اطار ما يخوله له الميثاق الجماعي منوها بالمجهوات المبذولة لحل معضلة السوق الاسبوعي. و في الختام وجه اللوم الى الشباب -الذين يكن لهم الاحترام- عن عدم رجوعهم الى القاعة (التي عرفت الاجتماع الإستثنائي للمجلس المعقد بتاريخ 30 مارس 2011 ) للحوار الذي أبدى المجلس استعداده لفتحه معهم . هذا باختصار شديد ما ورد في البيان الأول علما بأن البيان الثاني قد صدر مباشرة بعده، متضمنا نفس الأفكار ولكن بلغة مغايرة غاب فيها ذكر الاسماء الصريحة وإن بقيت نفس الإتهامات مع التركيز على كيل الإتهامات إلى الفصائل السياسية المعروفة بتوجهها الماركسي اللينيني ولم يسلم من قلمه حتى الزعيم العالمي التاريخي شيغيفارا . ورغم خطورة الإتهامات الواردة في البيانين فإنه ،والى كتابة هذه المقالة لم تصدر بيانات مضادة لا من الأشخاص و لا من الهيئات المشار اليها بالاسم في البيانين المذكورين . وكلا البيانين انجرفا من مناقشة الأفكار إلى الغوص في خصوصيات الأشخاص وزاغ من الإحترام إلى الإزدراء والإتهام الصريح و من الإهتمام بالموضوع إلى الإلغاء؛ في محاولة للتأثير في المتلقي / المواطن وكسب وده بالعزف على وتر ان المطالبين بالإصلاح وبمحاسبة المجلس البلدي ،فاسدون يتعين محاسبتهم على تلك الجرائم الخطيرة المقترفة ، التي نجهل سبب السكوت عنها إلى الآن !!!!! ان التعبير عن الراي حق من حقوق الناس ولكن على أساس أن يتم عبر قنوات تنظيمية مسؤولة يعرض من خلالها كل واحد وبوجه مكشوف تصوره وافكاره دون أي عائق. ومنها على سبيل المثال : الجرائد الوطنية او الجهوية او المحلية ورقية او الكترونية ،ومنها كذلك الإتصال المباشر مع الناس بواسطة تنظيم ندوات أولقاءات صحفية لعرض وجهات النظر والتصورات المختلفة ودعوة كل شخص لديه أي طرح أو برنامج عملي والمعارضين منهم والخصوم وجه الخصوص ليقدم كل واحد وجهة نظره وتصوره ووجهة نظر وتصور الهيئة الساسية التي يمثلها . و بهذا الشكل يمكن لكل واحد ان يعبر عن ارائه ويقول ما يريد قوله والاستماع لصوت الآخر ، إذ بشرط الالتزام بأصول احترام حق الآخر في التعبير عن رأيه . إن إصدار بيانات من هذا النوع وحشوها بخصوصيات وأسرار الأشخاص خرق لجميع المعايير والأصول الحزبية والسياسية بل والأخلاقية أيضا . لذا وجب التنبه إلى عدم الخلط بين الخلافات السياسية وخرق الأصول والمعايير الديمقراطية ، فالأولى مسموح بها ولكن الثانية ليس مسموح بها. نعم للخلافات السياسية ولا لخرق أصول تدبير الإختلاف نعم للحق في اختيار موقف ،والاقتناع بفكر معين أو معتقد والدفاع عنه ؟ ولكن لا للتشنج والإقصاء والتعرض للأعراض والنبش في الخصوصيات ؟ وفي رأيي فإن صدور البيانين بهذا الشكل يعد تعبيرا صارخا على أن اصحابه لم يستطيعوا التواصل مع من يخالفهم الرأي ؟ ولم يستطيعوا التحكم في مواقفهم وانفعالاتهم ، ورغبة منهم في التشفي و الانتقام من خصومهم لم يبق امامهم سوى التشهير بهم و فضحهم امام الملأ ، معتقدين ان ذلك سيجعل الناس ينفضون من حولهم وينزعون الثقة منهم ، ناسين او متناسين إن التشهير بالآخرين جريمة يعاقب عليها القانون ، وان التصريح المكتوب والمطبوع الذي يُقصد به إيذاء سمعة اشخاص معينين وهو تجريح صريح في حقهم ، و تشهير، بكلمات تسيء مباشرة إلى سمعتهم هو دليل اثبات ضدهم.وان الشرائع السماوية والقوانين الوضعية تعاقب على التشهير والتجريح الذين يعتبران شكلا من أشكال القذف. لما تلحقه من اذى نفسي بالمُشهَّر به، هذا علما بانه يمكن للمتضررين أن ان يقاضوا من أضر بسمعتهم امام المحاكم . السؤال المطروح الآن : هل من حق أي شخص إصدار و طبع بيانات بغض النظر عن محتواها وتوزيعها على المواطنين ؟ وبالأحرى إذا كانت تمس بسمعة وبخصوصية الأشخاص او الجماعات او الهيئات ؟ فما هو موقف السلطات في مثل هذه الحالة ؟ أليست هناك حواجز قانونية على مثل هذا النوع من التعبير؟ و حتى في عالم إعلام الشبكة العنكبوتية لا يمكن لأي شخص أن يكتب أو ينشر أي شيء يريده، و في حال فشلت الضوابط الداخلية لمنع التشهير أو «التحريض»، فإنه يتم اللجوء إلى القضاء .و إذا تعذر الوصول إلى الجاني أو الجناة فإنه يتم مقاضاة المشرفين على تلك المواقع . لأن نفس مبادئ قوانين الإعلام المكتوب أو الإعلام المرئي تنطبق على الإعلام العنكبوتي ، ختاما : ان حرية التعبير ليست بالضرورة هي إلحاق الضرر بالناس من خلال القدح و التشهير بهم والتعرض لخصوصياتهم وفضح اسرارهم .وإذا كان القانون لا يسمح بالتشهير بالمجرمين المدانين قضائيا فكيف يسمح بالتشهير بابرياء كل ذنبهم أننا نختلف معهم سياسيا . إن أمر هاذين البيانين لا يعدو أن يكون تصفية حسابات سياسية ضيقة، بواسطة الشتائم والاتهامات الخطيرة التي تمس بكرامة أشخاص دون أي أدلة ولا حقائق و التشهير بهم والنبش في أعراضهم و الدخول في خصوصياتهم، وهذا ليس عملا أخلاقيا ولا يمت للعمل السياسي بأي صلة. وإذا افترضنا صحة تلك الإتهامات فإن الشارع قد أوجد القنوات القانونية وحدد المساطر اللازم الإنضباط لها لفضحها ومعاقبة مرتكبيها . والسلام مولاي نصر الله البوعيشي دمنات في 8 أبريل 2011