طلع النهار على الجزار الجديد،في البلدة،يفتح دكانه بجوار مدخل السوق الأسبوعي، في أول يوم،..بعد أن جهز المحل.. و رتبه.. وهيأ به كل اللوازم الضرورية ...كما زينه بطلاء أبيض يمتع العين،'وعلق على الحائط لوحة تقابل من وقف بالدكان.. كتب عليها ''توكلنا على الله''.. وإيطار زجاجي فوق الثلاجة عليه صورته على الجنب الأعلى على اليمين،رخصة البلدية.. ولوحة الأسعار على يمين باب الدكان، علق على الباب،إلى يساره الخروف الأول وهو يردد .. -''يا فتاح يا رزاق..و يا عظيم..'' ثم وضع على يمينه أسفل آلة طحن اللحم كفتة..، ''دوارة'' -أحشاء الخروف- على منضدة مقصورة دكانه يهش عليها بعصا رأسها بربطة ريش الحمام رماديا وأسودا.. ما زال يردد يافتاح يارزاق،ياعظيم،ينظر إلى هيئة الدكان بالداخل والواجهة، حتى سلم عليه ''العطار''صاحب الدكان بالجوار.. -''مبروك عليكم المحل الجديد..أنا العطار،جارك،..إذا احتجت إلى أي شيء دق الحائط على يسارك..وخذ لك هذه حفنة بخور مباركة بخر بها المحل،إنها تطرد النحس'' استبشر الجزار خيرا يرد المبارك والمسعود للعطار.. وتمنى أن يجازيه الله على إلتفاتته الكريمة..وكم فرح الجزار وزاد فرحه عندما إستضافه العطار إلى شرب كأس شاي.. وبأنه سيعده بنفسه.. وسيأتيه بكأسه حد الدكان وبموقد النار حتى يبخر زوايا المحل.. والعطار يغادر ،وقف الزبون الأول في الستين من عمره بلباس تقليدي ''ورزة'' بيضاء -عمامة تلف فوق الرأس- يحملق في الدكان بديبلوماسية ، يخاطب الجزار -''جميل المحل أيها الجزار،مبارك ومسعود عليك،أنا مرسول القائد ..والقائم بجميع أعماله.. أبلغك تهانئة بفتح الدكان،كان سيأتي بنفسه إلا أنه مشغول،.. ويوصيك أن تترك له الدوارة -الأحشاء- ورأس الخروف،إنه أكثر ما يحب من لحم الخروف.. بدأ الجزار يهيئ سكينه بحدة مطأطأ الرأس يرد على مرسول القائد : -''مرحبا ..مرحبا بسيدي المرسول..وقل للقائد أنه لن يأكل من هنا إلا اللحمة التي لعمره أكل مثلها.. وهو يرفع رأسه لم يجد المرسول أمامه،وكأنه طار.. ويتسائل ترى أين طار هذا المرسول..؟؟ وكأن الجزار فهم وكأنه لم يفهم..يدق الحائط على العطار ليغيثه بالفهم والخروج من ورطة وجوده بين الفهم واللافهم.. لحظات..وقف الزبون الثاني شاب أنيق ببذلة سوداء، وقميص أبيض، وأكثر لباقة من الزبون الأول: -''أهلا..أهلا بالجزار الجديد والله فرحنا بوجودك،وقريبا منا، ..ماذا أسماكم الله؟ إبتسم الجزار للزبون بابتسامة غبطة وسرور ببشاشته وأناقة هيئته..متمنيا بدواخله أن لا يطير من أمامه كما طار الزبون الأول مثلما يطير الكافر من القبلة..مثلما تطير الزيت من المقلاة -''عبد ربه '' المعلم'' عبد الحي..في الخدمة وباللحمة الممتازة..مرحبا بك.. يتبع . المصطفى الكرمي. 06 أبريل 2011