أيام قليلة تفصلنا عن موعد انطلاق المونديال هناك في جنوب القارة السمراء حيث سيحتدم التنافس بين منتخبات القارات الخمس للظفر بأم الكؤوس، أو على الأقل من أجل الظهور بمظهر مشرف والتوقيع على مشاركة لائقة في عرس عالمي يشد إليه الأنظار من مختلف بقاع المعمور.عرس ينظم كل أربع سنوات ولايمكن الوصول إلى نهائياته بمحض المصادفة أوبضربة حظ ، ليبقى حدثا استثنائيا بكل المقاييس وحصيلة جد واجتهاد، وفيه تسيل دموع الفرحة وكذلك دموع الخروج ومرارة الإقصاء، وفيه يتضح جليا أن نيل اللقب لن يخرج عن دائرة التنافس التقليدي بين منتخبات القارة العجوز وقارة أمريكا كما عودتنا الدورات السابقة منذ ثلاثينات القرن الماضي رغم أن الكرة لا تؤمن بالمنطق كما يقال..لكن لابأس إذا قلنا إن المسألة هي ترجمة لاستعداد نفسي وبدني وتاكتيكي.. وواقع الحال يفيد أن السبق في الميدان في صالح الدول التي اعتمدت طريق الاحتراف وهيأت لبطولاتها كل الشروط والظروف التي تسمح بممارسة كروية في مستوى عال كما هو الشأن بالنسبة لإسبانيا وانجلترا وألمانيا وفرنسا والبرازيل والأرجنتين وإيطاليا وغيرها من الدول التي صارت بطولاتها تعج بالنجوم وتحظى بنسبة مشاهدة مرتفعة ومن الطبيعي أن تذهب إلى جنوب إفريقيا لتنافس على اللقب العالمي بقوة رغم أن عواصف المونديال قد تحفل بالجديد والمفاجأت ليظل السؤال مطروحا: أي من المنتخبات العالمية سيتوج بلقب 2010 المنظم بعيدا عن قارتي أوروبا وأمريكا؟ ولمن سيبتسم الحظ هذه المرة على إيقاع إفريقي خالص وبنكهة عالمية؟ وهل ستصدق التكهنات التي ترشح الإسبان على غير العادة بعد الذي فعلوه خلال نهائيات أمم أوروبا الأخيرة وما يميز الليغا باعتبارها من أقوى البطولات الكروية الأوروبيةإن لم نقل سيدتها على الإطلاق؟ سنتابع المونديال بعشق خاص في ظل غياب المنتخب الوطني لنعيش على ذكريات الماضي وما فعله أسود الأطلس في المكسيك وما سطروه من ملاحم في فرنسا98 لأن ما يشبه الانتكاسة الكروية أبت إلا أن تبقينا بعيدين عن العرس المونديالي للمرة الثالثة على التوالي، ونتمنى أن تكون الانطلاقة أحسن في ما يستقبل من المنافسات لتنسي جماهيرنا العريضة ما حدث لكرتنا في السنين الأخيرة بعد إنجاز تونس 2004 حيث كنا قاب قوسين أو أدنى من التتويج القاري . المونديال عرس عالمي يثير شهية الكباركما يبقي الصغار على أمل عبور الدور الأول وتقديم عروض تليق بمستوى كل منتخب مشارك أمام أنظار الملايين من المتابعين والمشاهدين، إنه موعد لبروز النجوم وإبرام الصفقات وتسويق المنتوج الرياضي وفرصة للاقتراب أكثرمن أسماء كروية صار الجميع يعرفها ويستمتع بتألقها لاعبين ومدربين. ولن نبالغ إذا نحن قلنا: إن الكرة صارت صناعة واستثمارا من نوع خاص يعطيك بقدر ما تعطيه وقد يجعل من الذين لا يلتزمون بشروطه كمن يطاردالسراب. نهائيات كأس العالم تعج بالدروس على مستوى التنافس والتسويق وفصول الإثارة والتشويق، سنتابعها عبر الشاشة بعيوننا وكذلك بقلوبنا رغم غياب الأسود عنها، ولعل الحضور الإفريقي بستة منتخبات سيضفي على هذه الدورة طابعا خاصا في انتظار أن تتألق إحدى المنتخبات وتعبر إلى الأدوار المتقدمة وتوقع على مشاركة متميزة وسط مدارس كروية عملاقة عودتنا على أن أسابيع المونديال سحر كروي لا يفهم إلا لغة الكبار والتتويج بأم الكؤوس ظل منذ ما يقارب قرنا من الزمن حكرا على منتخبات بلدان رائدة في عالم الكرة من القارتين الأوروبية والأمريكية، فهلا انقلبت الأمور هذه المرة و بقيت الكأس في أرض إفريقيا؟... فرجة ممتعة ومتابعة شيقة لكل الرياضيين وكل مونديال والجميع بخير. حميد العماري [email protected]