فضاؤنا الأخاذ من زيتون وياسمين ومن زهر الأقحوان، ألفنا الحج إليه مرة كل أسبوع بمعية صغارنا وأحلامنا الكبيرة التي لا تعرف لليأس معنى منذ أن توقفت لتتأمل المشهد وتستريح لوقت قصير.. أحلامنا التي تكبر كل يوم وسط الأسماء وبين الأماكن المشرعة التي ضاق بعضها نفاقا ومجاملة،لكنها رغم كل شيء تصر على الانبثاق متحدية مايعنيه الرهان وما يتطلبه الاستحقاق..أزهار وورود تصر على الترعرع وزركشة المكان لعل الزوار يتضاعفون أو يوقعون على حضورهم ولو بكلمة طيبة. حديقتنا التي أبت إلا أن تتسع لكل العابرين وتستوعب فضولنا وحتى بعضا من حماقاتنا ..من الرياضة إلى السياسة ومن الاقتصاد إلى الثقافة ومن الفكاهةإلى السخافة .. بين هذه وتلك تضيع الحقيقة ونصاب بملل خانق أحيانا..نقابل بتحية ونرد بأفضل منها،نذوب وسط الجموع لنسأل عن عزيز طال غيابه ونفتح سجل الذكريات ونحاكم أنفسنا ونسترجع ونراجع.. نصر على التواصل بطريقة تريحنا وتسعد الأخر من غير تكلف وبلا مجاملة. همومنا من هموم هذا الذي اسمه المجتمع وأفراحنا من أفراحه وأخطاؤنا كذلك .. جربنا كل الوصفات وخلصنا إلى أن السعادة في البساطة بل قمتها في مدى تواضع الإنسان وقدرته على أن يفتح قلبه للجميع رغم صعوبة المهمة.فسواء كنت ابن المدينة أو ابن القرية فأنت بكل بساطة إنسان، سكنت كوخا أو اعتليت برجا ستبقى إنسانا... قد تكون صاحب فكرة نبيلة بل قد يكون رأس مالك كله أفكارا ،لكن تيقن أنك لن تستطيع تطويع الحقيقة مهما فعلت.. ستعلو وستكبر في عيون الناس وتحظى بحبهم إذا أنت خاطبتهم على قدر عقولهم و كان مقالك مناسبا للمقام من دون عراك ومن غير صدام. قد ينتابك إحساس غريب في لحظة ندم ولكن ستنجو وتقلل من الخسائر ما أمكن كلما أمنت بحتمية النقد الذاتي.. قد تجتهد وتخطيء ولكن لن تندم إذا أنت أصبت لاحقا بعد أن تكون قد أدركت أسباب فشلك في المحاولة الأولى، ولا عيب في ذلك، ما دامت في هذه الحياة فسحة عنوانها الإيمان والأمل في غد أفضل.. قد تدعي أنك تقدمي و قد تصير رجعيا في هنيهة،كما أنك قد تعتقد أن الأخر يفكر بنفس الطريقة التي تفكر أنت بها وتثبت لك الأيام ماكنت جاهلا والعيب ألا تحسن التفكير..، قد تصاب بجنون العظمة وتنسى أنك صغير مهما ادعيت ، فقط تواضعك واستقامتك ونبل أخلاقك وبساطتك أمور قد تجعل منك سيدا يستأسد دون أن يظلم أحدا.. وتذكر أن خشونة اللحظة قد تتحول إلى نعومة لطيفة كلما أمنت بأن للأخر في قلبك مكان مهما نازعك في فكرة أو خالفك الرأي ولابد لساحتك من نخيل ظليل وأصدقاء قد تعدهم بالعشرات ولكن لن تدرك معنى الصداقة إلا إذا عرفت ما تعنيه الشدة و تجشمت المصاعب وأبيت أن تستسلم لكل المتاعب.. حميد العماري [email protected]