عندما رن الهاتف الثابت بغرفة النوم هذا الصباح،كنت في الحمام أحلق ذقني،أدندن لوجهي [اغنية فديمة للمطرب المعربي \"بوشعيب البيضاوي مطلعها \"دابا تجي يا الكبيدة دبا تجي،عييتني بكذوبك دابا تجي...عييتني بغدة اليوم...ومادا بينا لو توينا\" وأقرأ برنامج اليوم على المراة...على رأسه زيارة الربيع في الجنان لأقدم له رسميا تهاني الوصول...خلصت نصف وجهي... وقطرات المطر تكتب لغتها على زجاج النافذة ،كما يكتب اليابانيون من الأعى إلى الأسفل... توقفت عن الحلاقة، أعاد الهاتف الرنين... غادرت الحمام لأرد فإذا بالطرق على باب البيت ، أرد على الهاتف أم أفتح الباب والهاتف يكرر الرنين والطارق دق الباب مرة واحدة وتوقف...أخترت البداية بالهاتف رفعت السماعة، نالت نصيبها من صابون الحلاقة،انقطع الخط ...فاتجهت ثوب الباب، قتحت...ترى أين اختفى الطارق؟ لماذا هو الاخر انصرف مع الخط....؟عدت إلى الحمام أنهي الحلاقة... شغلت المذياع كالعادة بجانبي على الهاتف النقال يبث أحوال الطقس...وينذر بقصف الرعد في جبال الريف والأطلس المتوسط والكبير...كما سيجود المحيط بقطرات الشتاء تمتد إلى السهول المجاورة على بساط تادلة ودكالة وشيشاوة...رنة علبة البرقيات على المحمول...أنهيت الحلاقة قرأت البرقية بباب الحمام ونصها بالحرف \"إتصالات المغرب ترحب بكم وتخبركم أنها ستلغي اشتراككم على النيت إذا لم تؤدوا ما بذمتكم قبل السادس والعشرين من مارس الجاري\"... خاطبت نفسي ببرودة فاليوم أنا ذاهب لتقديم التهاني لفصل الربيع بالقدوم...لا شيء يعكر صفو الجو... فالدولة هكذا يا المصطفى منذ أن تعرفت عليها في أول لقاء لأسحب من مكتب الحالة المدنية صك شهادتها يوم الميلاد...لقد ذهب الوالد بنفسه وفرحة ميلاد المولود الجديد تغمره ليقوم بالإجراءات فقالوا له هناك في المكتب يجب أن يأتي الولد بنفسه حتى يسحب شهادة الميلاد... وهي أكثر من ذلك ومنذ أن شغلتني لايجري الدم في حسابي إلا في اليوم الأخير من الشهر وابتداء من منتصف الليل ...وكل ما تعلق من مستحقاتي تجاهها...لكن عندما يتعلق الأمر بمستحقات الدولة منك فإنها تنذرك بالأداء الفوري وأربعة أيام قبل جريان الدم في الحساب...عدت خطوة إلى الخلف بالحمام تناولت العطر رطبت به وجهي...واستنشقته عميقا... لا شيء يعكر صفو عطر اليوم... لا شيء يعكر صفو الجو اليوم... رتبت كل الأمور... ذهب الأولاد بسلام إلى مدارسهم... أوصلت مولاة الدار إلى شغلها...وطلبت إجازيتين ليوم واحد... إجازة وقعتها مولاة الدار في الصباح باستثناء أن أنهي مراسيم تقديم التهاني قبل صلاة المغرب واصطحاب الصغيرة من المدرسة إنها تخرج مع الخامسة. وإجازة وقعها رئيسي المباشر أمس وبغضب وقلق...وأنا والله أقسم لكم رسمي بوثيقة القرار السنوي للإجازات أنني مدين للإدار ة ب90 يوم...أي أنني سنتين لم أستفد من الإجازة السنوية...ولو يعلم رئيسي أن الإجازة مطلوبة على شأن فصل الربيع لزيارته بالجنان وتقديم التهاني، لبحث في الأمر جدي... والربيع القادم هذا العام أعلن تحالفه مع كل الفصول، سيحسبونني ذاهب لأعلن أنضمامي إلى التحالف ويقيمون الدنيا ويقعدونها ...وأنا والله بكل رومانسية ذاهب لتقديم تهاني الوصول ولن أحدث فصل الربيع بأمور السياسة و سترون أن السياسة اجتاحت اليوم كل شيء...ولا يريدون من الربيع أن يتسيس هو الاخر...من حقه أن يتسيس وأن يقيم هو الأخر تخالفا حزبيا. لماذا لا يوجد حزب إسمه \"الحزب الديمقراطي للفصول الأربعة...\" والحزب الشيوعي لفصل الخريف.\" وقف معي الفطور كالعادة على منضدة المطبخ بفنجان قهوة والراديو يبث على الهاتف النقال...يديع برنامج عن صباح البادية ويرد البدوي على المذيع بأنه ومنذ أكثر من أسبوع هو وأهل الدوار في الخلاء...ففيضان السد أغرق دولتهم وضاعت مؤسساتها تحت الماء.... أتجهت بفنجاني ليجلس معي ومع الحاسوب نشغله، فانقطاع خط النيت على بعد أربعة أيام... أفتح علبتي قائلا صباح الخير على العالم في يوم ثاني الربيع ...وجدت رسالة على اليوتوب وصلت من سيدة عزيزة علي جدا عنوان الرسالة \"سيد الحبايب\"...صاحبة الرسالة السيدة أم إبراهيم...تعرفت عليها بداية خريف العام الماضي...بملامح فلسطينية وعربية قحة ...ونعم السيدة ونعم كلامها وصوتها وشدوها ...فتحت اليوتوب لنرى ماذا في جعبة الرسالة بهذا العنوان الربيعي في يومه الثاني ... المصطفى الكرمي