اتفاق استراتيجي بين المكتب الشريف للفوسفاط وشركة "إنجي" الفرنسية    رئيس الحكومة يشيد بالرؤية الملكية الاستباقية والمتبصرة في مجال صناعة الطيران        إسرائيل تدعو لإقالة خبيرة أممية اتهمتها بشن حملة "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين    النيابة العامة تواجه عبد المومني بتهمة نشر أخبار زائفة والتبليغ عن جريمة خيالية    سلا.. توقيف شخص متورط في قضية "قتل" فتاة كان على علاقة بها    القروض والأصول الاحتياطية ترفعان نسبة نمو الكتلة النقدية بالمغرب إلى 6,7% الشهر المنصرم        لوديي: "مراكش إير شو" أصبح موعدا هاما ومنصة متميزة تساهم في تطور صناعة الطيران في المغرب    وزير: الإنتاج المتوقع للتمور يقدر ب 103 آلاف طن في الموسم الفلاحي 2024-2025    الخنوس يهز شباك مانشستر يونايتد    الحدادي يسجل في كأس ملك إسبانيا    إنتاج المغرب من التمور يقدر ب 103 آلاف طن في الموسم الفلاحي 2024-2025    السلطة في الدار البيضاء تمنع بالقوة تظاهرة للتنديد بتصريحات ماكرون حول المقاومة الفلسطينية    التحكيم يحرم آسفي من ضربة جزاء    الأشعري: التعامل مع اللغة العربية يتسم بالاحتقار والاستخفاف في المغرب    متحف قطر الوطني يعرض "الأزياء النسائية المنحوتة" للمغربي بنشلال        تأجيل مواجهة فالنسيا وريال مدريد بسبب الفيضانات    طنجة: توقيف شخص تورط في قضية تتعلق بالمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات الرقمية وقرصنة المكالمات الهاتفية    حصيلة ضحايا فيضانات إسبانيا ترتفع..    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى رئيس الحكومة الإسبانية إثر الفيضانات التي اجتاحت منطقة بلنسية    ماكرون يعد بدعم المغرب في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن الصحراء    بنكيران لماكرون: حماس حركة تحرُّر وطني وإسرائيل كيان استيطاني محتل    الدوري الإسباني.. بيتيس يمدد عقده مع الزلزولي إلى غاية 2029    فيضانات إسبانيا.. ارتفاع عدد القتلى إلى 95    إطلاق أربع قنوات رياضية جديدة لمواكبة الأحداث الرياضية الوطنية والدولية    إسبانيا تعلن الحداد لمدة ثلاثة أيام    الرئيس الفرنسي ماكرون يغادر المغرب    ارتفاع عدد ضحايا فيضانات فالينسيا وإسبانيا تعلن الحداد ل3 أيام        حزب الله يرشق شمال إسرائيل بمسيرات    تكريم نعيمة المشرقي والمخرجين الأمريكي شون بين وديفيد كروننبرغ    الممثل المصري مصطفى فهمي يغادر دنيا الناس    فيضانات إسبانيا… وزارة الداخلية: المغرب، طبقا للتعليمات الملكية السامية، على أتم الاستعداد لإرسال فرق إغاثة وتقديم كل المساعدة الضرورية    الثلوج الكثيفة تتسبب في مصرع راع بجبال الأطلس    ارتفاع حصيلة ضحايا العاصفة "دانا" إلى 62 قتيلاً جنوب شرق إسبانيا    الرباط وأمستردام نحو تعزيز التعاون في مكافحة الجريمة وتسليم المجرمين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    27 قتيلا و2752 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    مدينة البوغاز تحتضن مهرجان طنجة للفيلم وتكرم المخرج المغربي مومن سميحي    دراسة: اكتشاف جينات جديدة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان    المحامية بالجديدة سامية مرخوص تنال شهادة الدكتوراه في القانون باللغة الفرنسية بميزة مشرف جدا    أشرف حكيمي يحضر لمأدبة عشاء أقامها الملك محمد السادس بالرباط على شرف الرئيس الفرنسي ماكرون    ثمانية ملايين مصاب بالسل في أعلى عدد منذ بدء الرصد العالمي    جلالة الملك يقيم مأدبة عشاء رسمية على شرف الرئيس الفرنسي وحرمه    كأس ألمانيا.. ليفركوزن يتأهل لثمن النهاية    فصيل "ألتراس" أولمبيك أسفي "شارك" يُنظم وقفة احتجاجية ويُحمّل رئيس النادي الحيداوي مسؤولية النتائج السلبية    وفاة الفنان مصطفى فهمي عن عمر يناهز 82 عامًا بعد صراع مع المرض    الإعلان عن تنظيم جائزة طنجة الكبرى للشعراء الشباب ضمن فعاليات الدورة ال12 لمهرجان طنجة الدولي للشعر    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    ماذا سيحدث لجسمك إذا مارست تمرين القرفصاء 100 مرة يومياً؟    إطلاق حملة لاستدراك تلقيح الأطفال    الكوليرا تودي بحياة أكثر من 100 شخص في تنزانيا خلال 10 أشهر    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الذاكرة : أنتِ ... الحياة - 1 -
نشر في أزيلال أون لاين يوم 05 - 12 - 2009


في الذاكرة : أنتِ ... الحياة
بسم الله الرحمان الرحيم
إهداء
من أعماق الفؤاد المفعم بالحب الصادق لأمي .. وأختي.. وخالتي.. وزوجتي .. وابنتي ... وكل جنس لطيف في كل بقاع وطني الحبيب.. ومن مداخل الشعور العميق الأسى لحال المرأة المزعوم في كل ان ومكان...
أهدي كتابي هذا لإدريس.. وعائشة.. وغيرهما من التلاميذ خلال سنوات مضت من العمل الجاد والمسئول .. كانت لهم جميعا الأيادي البيضاء في كتابة هذه السطور...
تقديم
كنت في الفصل آنذاك ، أحاور عائشة التي تسائلني على الدوام وفي نبراتها مسحة من الحزن الدفين، عن رأيي كمهتم بالجنس الاخر وشؤونه وارتباطاته المجتمعية ؛ في ماضي المرأة ، وكان إدريس يجدها فرصة سانحة للانقضاض على بنات الفصل في شخص المرأة التي لم ترض بنصيبها في الحياة ؛ في الحين الذي تجدني فيه حائرا بين كلام هذا التلميذ اللاذع ، وكلام هذه التلميذة الثائر، فأنحاز مرة لإدريس ، ونوبة لعائشة، وأنا في دوامة مستمرة لا قرار لها، أنذب شتات أفكاري التائهة.
وبعد أشهر قلة من الجدال الساخن ، استطعت التسلل إلى أعماق الثائرة الغامضة التي حيرتني ، لأقف على جانب رصيف رضاها المصطنع ، ولأرد الابتسامة المفقودة التي ذقت من أجلها الأمرين إلى محياها البريء. فابتسمت .. وابتسمت معها .. وقلت : ثائرة .. والله عنيدة ...
إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل
أنت .. والحياة
أنت السبب سيدتي في إطلاق روحي في مدى أجواء سوداء ، أنت الدافع الذي أيقظ شعوري ليرسل أشعته على شريط حياتك القاتم .. فبدأت في رسم هذه السطور الحاملة بين طياتها أسرارا لا تحصى من الخطايا المقترفة في عالمنا الكبير خلال الدهور الغابرة ، خاصة عندما أضفيت بكلمات كانت تدل على ماضيك هناك .. فقلت باللفظ : لم يكن لي حق في المجتمع الذي كنت أطأ فيه بأقدام أحسبها لي .. فشعرت أن قلبي ليس مني ، وأن روحي تسيطر علي ، وأكثر من هذا وذاك ، أن أسناني تعضني .. كنت أحسب أن دمي لا يخدع عروقي .. وأنه لا، بل وليس ، وها أنا ذا أثور على قلبي ، وروحي ، ودمي ، لأخوض غمار الحياة ، ولأريك أني لم أخلق أبدا لاستمرار النوع فقط .
- يكفيك سيدتي ، إنك الشبح الذي يراود ذهني ليل نهار، فأتعذب بعذابك و أتمزق لتمزق فؤادك ، وبذلك أصبحت عبدا لك ، مقيد الحرية مادمت لا أجد انفكاكا من عذابك المستمر، ولا حلا مرضيا لوابل أسئلتك العديدة ؛ تلكم التي أراها أحيانا صدقا وأخرى فريا ؛ تلكم التي تجعلني أشفق نوبة لحالك ، فأرثي لوجودك ونوبة أخرى أثور على أنانيتك التي تكسر الحدود... لقد حرت في أمرك سيدتي ، وفي شمسك المشرقة في أفق العالم بأسره ، ونجمك المنير في دروب سماء صافية.. شمسك التي تبدو لك غاربة وهي مشرقة ، ونجمك الذي ترينه آفلا وهو ساطع في عنان السماء ؛ إنك تتوهمين ..فترين الأمور على غير حقيقتها من خلال عاطفتك المتلونة التي تقود عقلك ، وتبصرينها من زاوية سوداء فتبدو معكوسة رأسا على عقب ، فتقعين في ورطة التقليل من قيمتك الذاتية التي يستوجب عليك الحفاظ على قداستها ، مما لا يؤدي إلى أية نتيجة تذكر ؛ بل ينبغي القضاء على نعرات تمجيد العدوانية للوصول إلى الحرية وإلى الحب الصادق.
وهذا هو الشيء الذي جعل أهل اليسار يتمادون في إصدار أحكام قاسية عليك ، لما فيها من مساس بكرامة شخصك ، فيربطون استعبادك في الأيام الخوالي ، وتشبثك الصريح بذكرياته حاضرا ، بتخلف عقليتك ؛ فيزداد عنادهم بفشلك واستسلامك عندما ترددين قول من لم يقنع بنصيبه في الحياة : \" حظي كدقيق فوق شوك نثروه.. وقالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه . \" ويذكرني موقفك هذا الاستسلامي مهورية أفلاطون حيث العبيد فيها أكثر من الأحرار.
لذا يذكرك أهل اليسار فيما يذكرون أنك في الحضيض والتسفل ؛ وأنك لست إلا شيئا ولودا ، ولكن سرعان ما يتفتت الضباب القاتم في سمائك ، عندما تسمعين صرخة أهل اليمين مدوية ، فيذكرون فيما يذكرون أنك ينبوع الحياة وأصل الازدواج ، وأنك خلقت لأداء أشرف رسالة هي رسالة استمرار الحياة بكل صدق وأمانة ، وأنك القوة المؤثرة والفعالة في توجيه المجتمع الإنساني ، وأنك ترتفعين إلى القمة ؛ فتعيشين حياة أخذ ورد ، حياة صراع دائم بين الماضي الدفين وتقاليده الرثة ، والحاضر الشاهد وتياراته العاصفة .
فهمت من كلامك سيدتي ، أنك ترين جميع أحلام الرجل قد تبلورت على موضوع تشتركان فيه ففقد المجتمع توازنه، وجاءك الأمر في منتهى التفاهة ، لأنه قد رفض الغد، وكأنه يتوخى الرغبة الأبدية فتمادى في عناده المقيت، وتفانى في الحفاظ على الموروث ، واستمر في هذا العناد دون توقف استجابة لغريزة حب السيطرة والتملك .
وفهمت أنك تنظرين إلى واقعنا نظرة ملؤها الصراع ، فتقاومين الرجل للوصول إلى مبتغاك ، دون أن يخطر لك على بال أنك لن تنفذي إلى باطن الواقع بالمصارعة ، بل ستنفذين إلى دخائله بالتعاطف والثقة ، حيث ستتوفر الظروف الملائمة لإقامة علاقات مثمرة قائمة على أسس إنسانية ذات مصالح مشتركة ، فبصرف النظر عن الإدانات والسخريات والمناقشات العقيمة والعديمة الجدوى ، فإن خرافات التاريخ الرجالي قد ولى زمانه ، وأن الغاية هي الوصول إلى الحرية والكفاية والعدل والحب الإنساني الصادق.
ولو كنت كما ادعى أهل اليسار، أنك أصل الخطيئة الأولى ، ما حملك الله تبارك وتعالى دون غيرك، أمانة استمرارية الحياة الإنسانية على سطح الأرض.. وما كنت أبدا أصلها وسرها الأوفر قداسة في هذا العالم .. وحاشا أن يكون أصل الشيء المخلوق لحكمة ربانية قد جبل على الخطيئة ، وإلاّ كانت الحياة خطأ. .. لذا فإن التعرف معرفة كاملة على سرّ كنه الحياة ، والتيقن يقينا تاما من ماهية وجود الإنسان فيها ، سبيل أول ووحيد من أسباب فهم أسرار الإنسان والحياة ...
فهلا تبسمين .. وأنت تعلمين أن الرجل يقول ما يريد في الحين الذي تفعلين به ما تشتهين ،؟ لقد تجلت لي في كل منكما قوة غريبة تستحوذ عليكما ، وتسيطر على ميولكما ، وتبلبل عقليكما ، فنبت النرجس على شطّ كل منكما ؛ فلو كان حبكما حبا نزيها ، ولو ألمّ كل واحد بمعرفة كاملة بكل ما خلق الله ، وتعلم من الحياة ما يفيد الإنسان والمجتمع،وسار نحو الرقي بنفسه في طموح لا حدود له ، لكانت معرفته وعلمه سلاحا بتارا يقطع به جذور اليأس والقنوط، ولوصلتما أخيرا إلى معرفة عالمكما الذي هو عالم الإنسان ؛ بل الأجدى من كل ذلك لخلقتما للأمة أحبابا من ذاتها.فيكفي لكما إذا أن تحكما عقليكما في كل الأمور جيدا لكي تتصرفا في أمور حياتكما جيدا.فبالنسبة إليك أنت أيتها المرأة ، اعلمي أن الأيام قد أبعدتك عن ظلمات ماضيك الأسود ، ولم يبق سوى أن تخلعي أسمال هذا الماضي الذي ولّى ولن يعود أبد الدهر،وتنفضي عنك غبار أفكاره القاتمة والممسوخة ، واعلمي أن المرأة القديمة الخاضعة للتقاليد تختلف عن المرأة الحديثة التي يحيط بها الجديد من كل مكان .
أما بالنسبة للرجل ، فليعلم أن أيام الاستعباد والسيطرة قد أفل نجمها و انقضى عهدها فكريا وروحيا، وأن لواء التحرير المقدس قد عمت أنواره الإلهية الحية كل محيط على وجه الغبراء ، عملا بقول الفاروق رضي الله عنه \" متى استعبدتم الناس وفد ولدتهم أمهاتهم أحرارا \"؛ وأن المرأة ثروة بشرية ينبغي استغلالها الاستغلال الموجب وبالقدر الكافي ، لأنها قد تمكنت من السير بخطى سريعة بعيدا عن التخلف ، إلا أنه ينبغي لها أن تحدد الاتجاه فتتوقف عن النظر إلى الخلف للتأكد من موطيء قدمها، بل عليها أن تستمر في النظر بتمعن إلى الأمام لتتأكد من الاتجاه الصحيح والسير قدما نحو المستقبل للمساهمة الفعلية في تطويرالمجتمع.
يتبع
حدوا حماد الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.