نظمت في الأيام الماضية بقبيلة بوعنتر المحسوبة على جماعة واولى بإقليم أزيلال، تظاهرة سنوية : مهرجان الرما، تحت شعار" عادات وتقاليد فريدة" فأفراد هذه القبيلة من الرجال والنساء ، لا يدقون البنادير أو حتى ملامستها ، ومن فعل ذلك يصاب بمكروه. لم يكن اختيار سكان البلدة لهذا الشعار اعتباطيا. فالآهالي يتمسكون بعادات تتسم بالكثير من الغرابة والفرادة . يوضح العشرات من أهالي البلدة من أجيال مختلفة ، نساء ورجالا ،أن " أفراد قبيلتنا من الرجال والنساء ، لا يدقون البنادير أو حتى ملامستها، ومن يفعل ذلك يصاب بمكروه ويسمع دوي رعد أو برق أو رياح قوية أو شلل أو حمق...ويستمر السكان في التمسك بهذه التقاليد حتى إذا انتقلوا للعيش في منطقة أخرى أو تزوجت بناتهم خارج القبيلة...." لا تقف المسألة عند هذه العادات ، التي يتمسك بها السكان مثل تمسكهم بالحياة ، فكل أبناء القبيلة من الذكور لا يقربون الخمور ولا يدخنون، ولا يعتدون على أحد، ومن فعل ذلك يصيبه المكروه ذاته. ويذهب السكان في معتقداتهم أكثر من ذلك ، حينما يصرحون ، أنهم شرفاء صالحين أبا عن جد ذكورا وإناثا وأطفالا وشيوخا. الحبيب الرايس هذا الرجل الذي تجاوز مائة سنة ، يتذكر أن " الفرنسيين حينما كانوا يلقون القبض على شخص يربطونه بالحبل ويجرونه وحينما يصلون دوار بوعنتر يفكون رباطه حتى يتجاوزوا الدوار فيعيدون تكبيله، لأننا لا نقبل بأن يقع الظلم في قبيلتنا" . تعني كلمة الرما في اللهجة الأمازيغية " مجمع الشرفاء" وسكان بوعنتر يعتبرون أنفسهم شرفاء من أكبر إلى أصغر فرد بالقبيلة التي يصل عدد ( كوانينها) حوالي 250 كانون ( أسرة) وتتفرع عنها ( أي القبيلة) ثلاث دواوير : ايت الفيظ ، أيت كرول ، أيت حدوش. وكل دوار يقطنه مابين 70و 80 " كانون" . بالنسبة للشيخ الحبيب الرايس ، فالمهرجان يعود لأزيد من قرن من الزمن ، فقد عايش ومنذ نعومة أظافره تنظيمه ، وانطلاقته الأولى كانت بجوار واد تاغزوت بأحدى الشعب ، وكان يقتصر على رمي الحجر بالرصاص وإعداد أطباق الكسكس ، حيث يكلف كل دوار من الدواوير الثلاثة المشكلة للبلدة ، بإعداد أطباق الكسكس يوما . فيتناول الزوار الطعام مجانا، فيما الرجال يأتون بالرصاص ( البارود) ، ويضعون حجرة فوق حجرة ويشرعون في رمايتها ومن أسقطها يطلق عليه رامي. لم يعد المهرجان ، يعقد قرب عين تاغزوت مند حوالي ستين سنة فأهل البلدة ارتأوا تنقيله لوسط الدوار قرب المسجد. وبتحويله من مكانه الأصلي اختفت عادات الرماية بالرصاص ، وإعداد أطباق الكسكس. وتم تعويض ذلك " البارود" بالفروسية ، حيث تأتي الصربات من عدة مناطق بالإقليم ، فتقدم عروضا في التبوريدة أمام الزوار من سكان البلدة وخارجها ، فيما تم تعويض الكسكس باللحم والخضر حيث كانت تذبح عدة أكباش ، وتعد الدواوير الثلاث بالتناوب الفطور المشكل من روز بالزيت أو " هربر" وخبز وشاي، والغداء مكون من طبق من المرق باللحم والخبز والعنب، ويقدم للزوار الذين قد يتجاوز عددهم ألفي زائر حيث يأكلون مجانا . لكن عادة ذبح الأكباش هي الأخرى ، يوضح جمال شاب من الدوار يعمل خارج البلدة ،" تم التخلي عنها وأصبحت تذبح بقرة لأنها سهلة في الذبح". بعد أن يتناول الزوار ، وجبتهم يتوجهون لباب المسجد ، وخاصة النساء والفتيات ، حيث يوجد شرفاء القبيلة ، ويطلبون منهم الدعاء لهم مع تحديد نوع الدعوة " زواج، تابعة ، عكس ، نجاح". فيدعو واحد منهم بأعلى صوته مثلما يفعل "البراح " في العرس ، والآخرون يرفعون أكفهم للسماء ويرددون " امين" ، وعند انتهائه تمده الزائرة بمبلغ مالي بسيط، عن طيب خاطر ، فيضعه في الطبق الذي يتوسط المجموعة . الأموال التي يجمعها " شرفاء" القبيلة ، يوضح أمين الصندوق ابراهيم وعوش ، يصلح بها المسجد ، وتقتني بها التغذية التي تقدم للزوار . كما يعملون زيارات لزاوية بوعنتر بالجبل ، ويحملون معهم زادهم يطعمون به الزوار هناك ، ويجمعون الأموال بهذه الزاوية الأخيرة بنفس الطريقة وتزور القبيلة أيضا كل سنة ، زاوية " تناغملت " قرب أزيلال ، ويحملون إليها ، الشعير والبهائم ، ويعد له أهل تلك الزاوية المأكل والمشرب. مساء كل يوم من أيام المهرجان الرما الثلاث ، تنظم سهرة لأحواش . فيبلغ البراح سكان القبيلة الزوار بالحضور لها ويبتدئ أحواش بتلاوة قصائد قصيرة من تأليف الروايس وهم فنانو القبيلة ، ثم يردده باقي أعضاء الفرقة التي تنقسم إلى شقين يردد كل منهما مقطعا بالأمازيغية المحلية. وينظم أحواش بدون استعمال بندير ، ويستعمل أعضاء الفرقة الكفوف فقط . ينظم ثلاثة مشاركين عزف المزامير التي يستعملونها في إطراب المشاركين ، مع رقصات محلية تستعمل الأرجل والأيادي والأكتاف ، وذلك برفع الأرجل والتصفيق بالأيادي وطيهما لكي يصنعوا سلسلة من الطرف إلى الطرف الأخر، يطوفون على شكل دائرة. إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل الكبيرة ثعبان جريدة الاحداث المغربية