* الحسن همام يكثر الحديث مع بداية كل موسم دراسي بالمؤسسات التربوية عن مجلس التدبير وطريقة تكوينه و المهام المنوطة به ومدى تفعيل أدواره ميدانيا. فقد توخى المشرع من إقرار هذا المجلس تغيير التسيير الفردي للمؤسسة بتسيير جماعي تتظافرفيه الجهود لإعطاء قيمة مضافة تساهم في تطوير الشأن التربوي. فنظريا, يعتبر مجلس التدبير شكلا من أشكال تجسيد اللامركزية الإدارية لتوزيع المهام والسرعة للنظر في الأمور والبث فيها بما يخدم المصلحة العامة.فهو يتكون من مدير المؤسسة بصفته رئيسا, وممثل واحد عن كل هيئة للتدريس عن كل مستوى دراسي بالنسبة للمدرسة الابتدائية, ورئيس جمعية آباء وأولياء التلاميذ وممثل عن المجلس الجماعي. والغرض من هذا التنويع هو اختلاف وجهات النظر وتكاملها لإيجاد الحلول الناجعة والاقتراحات الصائبة التي تقترحها هذه العناصر على اختلاف مشاربها . وقد أنيطت بهذا المجلس العديد من المهام الأساسية, أهمها اقتراح النظام الداخلي للمؤسسة ودراسة برامج عمل المجلس التربوي والمجالس التعليمية, ودراسة التدابير الملائمة لضمان صيانة المؤسسة والمحافظة على ممتلكاتها وتحديد حاجياتها, وكذلك إبداء الرأي بشان مشاريع اتفاقيات الشراكة, والمصادقة على التقرير السنوي العام المتعلق بنشاط وسير المؤسسة. فهذه مجالات رئيسية يلعب فيها مجلس التدبير دورا مهما في اقتراح التدابير والإجراءات المناسبة لكل مؤسسة تربوية حسب موقعها, ويجسد فيها محاورا مهما مع المحيط والشركاء والفاعلين الخارجيين للمؤسسة. أما ميدانيا, فقد أظهرت الممارسة العملية أن اغلب مجالس تدبير المؤسسات التربوية, خصوصا بالوسط القروي, غير مفعلة ولا تلعب أدوارها كاملة في اقتراح التدابير والحلول المناسبة لتطوير الممارسة التربوية وتطبيق الحكامة في التدبير الإداري و المالي والمحاسبي للمؤسسة. فهناك أسباب واكراهات عديدة تحول دون تفعيل ادوار مجالس التدبير, فمن جانب هناك سيادة العقلية التقليدية عند بعض المديرين الذين يعتبرون مجلس التدبير هيئة تضايقهم في مهامهم, وبالتالي فهو باب يجب إغلاقه لتفادي المشاكل و الاحتكاك بالعناصر المكونة له. ويساهم تشتت الفرعيات المكونة للمجموعات المدرسية بالوسط القروي وبعد المسافات الفاصلة بينها في غياب التواصل بين العناصر المكونة لمجلس التدبير وبالتالي لا يجتمعون إلا نادرا. كما أن بعض الأطراف المشاركة في مجلس التدبير لا تعير أهمية كبيرة للشأن التربوي مثل بعض ممثلي الجماعات المحلية و بعض أعضاء جمعيات آباء وأمهات التلاميذ فيعتذرون في كل مرة يتم استدعاؤهم. ويعمد بعض المديرين إلى تعيين أساتذة في مجلس التدبير دون انتخابهم بطريقة ديمقراطية فقط لملء المطبوعات ويتم استدعاؤهم للتوقيع على المحاضر دون المشاركة بشكل فعال في اختيار واقتراح التدابير والإجراءات الملائمة. وغالبا ما تتعامل المصالح النيابية مع تقارير ومراسلات مجلس التدبير بشكل غير جدي ومسؤول مما يجعل بعض الأستاذة يشعرون باليأس والتذمر ولا يأخذون الأمور مأخذ الجد. كما أن الحالة المزرية للمرافق و العزلة التي تعيشها بعض المؤسسات التعليمية تقف عائقا أمام طموح و حماس الأطر العاملة فيها. إن الاهتمام بمجلس التدبير أصبح ضرورة حتمية لأنه من المجالات الكبرى للإصلاح الذي تعرفه المنظومة التربوية, فيجب أن نجعل منه أداة فعالة في التسيير والتدبير المعقلن للمؤسسات ووسيلة لخلق الشراكات لتجسيد انفتاح المدرسة على محيطها. كما يجب على مجلس التدبير أن يساهم في إيجاد الإجابات والحلول للمشاكل الكبرى التي تعرفها المنظومة التربوية من هدر مدرسي وتدن للمستوى وإصلاح للبنيات التحتية للمؤسسات, والعمل على تشجيع التمدرس خصوصا في صفوف الفتيات. كما يجب خلق أجهزة لتقييم وتتبع أنشطة مجالس التدبير لتشجيع المبادرات الحسنة وتثمينها, ومد يد المساعدة للمبادرات الأخرى لإذكاء روح المنافسة بين مختلف المجالس. وكذلك القيام بدورات تكوينية لأعضاء مجالس التدبير ليتمكنوا من القيام بمهامهم على أحسن وجه. لقد أراد المشرع أن يجعل من مجلس التدبير دعامة أساسية لإصلاح وتطوير التعليم بالمغرب, فهو مساعد للمدير وخادم للمتعلم ونافع للمؤسسة. *أستاذ التعليم الابتدائي بنيابة بنسليمان