على الرغم من التعويضات والتحفيزات التي خصصتها وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي وصدر بشأنها مشروع مرسوم رقم 2.08.08يقضي بتغيير المرسوم رقم 202858الصادر في (8 ذي الحجة 1423 10 فبراير 2003)، والذي ينص على العمل على تحصين وتدعيم المكتسبات التي تم تحقيقها في مختلف مجالات إصلاح المنظومة التربوية فإن العديد من المؤسسات التعليمية لاتزال شاغرة في مختلف نيابات التعليم، مسؤول بوزارة التربية الوطنية أكد وجود المؤسسات المذكورة، خصوصا بسلك الثانوي التأهيلي، كما أن الخصاص يزداد في أطر مديري الدراسة، وعزت مصادر نقابية الأمر إلى الصعوبات التي يواجهها مديرو المؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى الضغط الذي صاحب تنزيل البرنامج الاستعجالي، إذ عمد مئات المديرين إلى طلب الإعفاء من مهام الإدارة التربوية بسبب كثرة الأوراق والملفات والتكوينات والمتابعات. وفي إطار الحلول الترقيعية تعمل مختلف نيابات التعليم على إسناد الإدارة التربوية إلى حراس عامين أو إلى مديري مؤسسات تعليمية أخرى كما هو الشأن في نيابات سلا وتاونات وكلميم والنواصر وغيرها. هل فشلت المحاولة؟ وكانت النقابات التعليمية الخمس قد وقعت مع الوزير حبيب المالكي اتفاقا يوم فاتح غشت 2007 ضم مجموعة من المطالب؛ منها إقرار زيادات مهمة لأطر الإدارة التربوية بلغت إلى أزيد من 1500 درهم شهريا، وتهدف الوزارة من وراء هذا القرار إلى ترسيخ اختيار اللامركزية واللاتمركز من خلال دعم أدوار كل الآليات وتحسين الحكامة على كل المستويات، وجعل المؤسسة التعليمية المحور الأساسي للتجسيد الملموس للإصلاح، وذلك بالعمل على الارتقاء بمهام القيادة داخلها، بوضع برنامج مندمج لفائدة الإدارة التربوية يرتكز أساسا على مراجعة شروط وكيفيات الترشيح لشغل مهام الإدارة التربوية، بغية توسيع قاعدة المترشحين لتشمل، فضلا عن أطر هيئة التدريس، أطر هيئة التأطير والمراقبة التربوية وهيئة الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي وهيئة التوجيه والتخطيط التربوي؛ واعتماد مسطرة الانتقاء الأولي والمقابلة، كآلية لاختيار أجود الكفاءات المتوفرة، مع سن التكوين الخاص بشقيه النظري والميداني كشرط للإقرار في المنصب، بغية تأهيل هذه الأطر والرفع من قدراتها التدبيرية وتحسين عملها وإشراكها فعليا في كل أوراش الإصلاح؛ بالإضافة إلى إحداث مجلس للتدبير على مستوى المؤسسة التعليمية، كإطار لتجسيد التدبير التشاركي لشؤون هذه الأخيرة، ودعم عمل الإدارة التربوية في أفق تحسين مردوديتها؛ ناهيك عن إسناد مهمة تسيير فرع المدرسة الابتدائية الذي يتجاوز عدد أقسامه ثلاثة، إلى أستاذ من بين العاملين بالفرع (مدير مساعد). والرفع من قيمة التعويضات عن الأعباء الإدارية لفائدة كل أطر الإدارة التربوية بمختلف الأسلاك التعليمية. ويحث المشروع كذلك على جعل التعويضات المقترحة تحفيزا إضافيا عن الأعباء الكثيرة الموكولة إلى أطر الإدارة التربوية، والمتمثلة أساسا في الإشراف على التدبير التربوي والإداري والمالي للمؤسسة، والعمل على ضمان حسن الدراسة والنظام بها، وتوفير شروط الصحة والسلامة للتلاميذ، وتتبع أوضاعهم التربوية والتعليمية والسيكولوجية والاجتماعية. على الرغم من كل هذا فالبرنامج الاستعجالي يقر بنقائص الإدارة التربوية. من جهة أخرى أقرت وثيقة البرنامج الاستعجالي بوجود مجموعة من النقائص التي تعتري الإدارة التربوية بمختلف الجهات، منها غياب مقاربة تدبيرية في تسيير المؤسسات التعليمية، وهذا راجع جزئيا إلى معايير غير ملائمة لانتقاء مديري المؤسسات ونقص في تكوينهم، وكذا قلة الوسائل والموارد وضعف نظام القيادة الإجرائية لجهاز التفتيش الذي لا يقوم بدوره في التأطير والتقويم إلا جزئيا. كما أن نظام التقويم غير محفز ولا يشجع على الاستحقاق، إذ لا يربط بين الأداء المهني والأجور، ناهيك عن وجود علاقة غير بناءة مع الشركاء الاجتماعيين (النقابات على الخصوص) في غياب منهجية عامة تحدد أدوار ومسؤوليات كل طرف. اقتراحات وحلول غير أن الوثيقة المذكورة سجلت مجموعة من المبادرات والاقتراحات الهامة التي تهدف إلى تعزيز نظام تأطير وتقويم الأطر التربوية؛ منها وضع شبكات مفصلة ومنسجمة للتقويم بغية إرساء نظام رصين للتنقيط، وإنجاز دراسة حول التنظيم الجديد لاشتغال جهاز التفتيش التربوي المنبني على تعيين فرق للتفتيش تشتغل بتنسيق بين مكوناتها في كل منطقة بيداغوجية بقصد تحفيزها وتحسيسها بالمسؤولية المشتركة. مع العلم أنه لا يمكن تحقيق إصلاح نظام التربية والتكوين دون انخراط قوي للفاعلين الرئيسيين به، وهم الأطر التربوية، فقد أضحى من اللازم تشجيع روح المبادرة والمسؤولية وتثمينهما في إطار الأهداف المحددة، والاشتغال الجماعي على مستوى مديري المؤسسات التربوية والمفتش والمدرسين بدعم قوي من النيابات والأكاديميات بواسطة مشاريع المؤسسات على الخصوص. ولهذه الغاية حددت الوثيقة المذكورة أربع دعامات حاسمة داخل إطار البرنامج الاستعجالي؛ منها أجرأة صيغ التأطير وملاءمة نظام التقويم لخصوصيات النظام التربوي، ثم إعادة تحديد أدوار جهاز التفتيش، بالإضافة إلى تعزيز وتوضيح العلاقات مع الشركاء الاجتماعيين. إذ تمثل النقابات، باعتبارها شريكا أساسيا لمنظومة التربية والتكوين، جزءا لا يتجزأ من الإصلاح، لذا ينبغي إشراكها في هذه العملية بصورة كاملة عن طريق بلورة ميثاق للعلاقات بين الوزارة والنقابات بغية توضيح أدوار ومسؤوليات كل طرف على حدة، ووضع أسس نمط جديد من العلاقات البناءة بين النقابات ومختلف هيئات المنظومة التربوية بغية تجاوز نقط الخلاف التي يمكن أن تبرز خلال تطبيق بعض التدابير. المدير حجر الزاوية يعتبر مدير المؤسسة التعليمية حجر الزاوية في نظام التأطير؛ لذا سيتم، بحسب البرنامج الاستعجالي، تدعيم دوره ومسؤولياته وإعادة موقعه داخل المنظومة. وسيتم من هذا المنطلق انتقاء مديري المؤسسات مستقبلا حسب قدراتهم التدبيرية بعد استفادتهم من تكوينات تحضيرية تهيئهم لممارسة مهام الإدارة التربوية، يتبعها تكوين ملائم مدته سنة. ومقابل المجهودات والنتائج المطلوبة منهم، سيتم بالضرورة تحسين جاذبية هذه الوظيفة. ولمساعدة مديري المؤسسات على إنجاز مهامهم، ستوضع رهن إشارتهم الموارد البشرية اللازمة لتدبير المؤسسات مزودة بأدوات قيادة ناجعة (مؤشرات، لوحات القيادة...)، وسيتم تجهيز كل المؤسسات والنيابات والأكاديميات ببرامج معلوماتية للتدبير العملي. وبخصوص ملاءمة عدة التقويم لخصوصيات منظومة التربية عن طريق التوفر على نظام تقويم فعال وناجع، وهذا هو السبيل الوحيد لتقويم السير السليم للمنظومة التربوية. وينبغي تركيز التقويم على النتائج وتقدير العمل وربطه بالأجور والترقية. ولهذه الغاية ستوضع شبكات للتقويم لضمان الشفافية والإنصاف. وسيمتد هذا النظام ليشمل جميع المؤسسات، إذ يقوم أداؤها بناء على أدوات موضوعية تعتمد المقارنة. كما سيتم تحديد مناطق بيداغوجية تشتمل على مؤسسات تنتمي إلى أسلاك مختلفة، مما سيمكن من تتبع سير تعلمات مجموعات التلاميذ طيلة فترة تمدرسهم. وستشتغل لهذا الغرض فرق مكونة من المفتشين ومديري المؤسسات والمدرسين، وسيكون عليهم تحقيق الأهداف المحددة المتعلقة بمستوى تعلمات التلاميذ ونسب نجاحهم. وسيتم أيضا إحداث بنية دائمة لقياس مستوى تعلمات التلاميذ حتى يتأتى التسريع بتصحيح كل الاختلالات المحتملة تلافيا لأي انقطاع وارد، كما سيتم وضع مؤشرات دقيقة للأداء في كل مؤسسة دراسية.