حل موسم التساقطات الثلجية وعادت الثلوج لمحاصرة سكان أيت عبدي التابعة لزاوية أحنصال بإقليم أزيلال، فقد أفادت مصادر من عين المكان للأحداث المغربية أن «السكان يعيشون منذ حوالي شهر تحت رحمة البرد القارص والثلوج». وتأسف السكان من عدم التزام والي جهة تادلا أزيلال بوعده بزيارتهم وشق الطريق إليهم لفك عزلتهم وربطهم بالعالم الخارجي . وكان حوالي 200 شخص من سكان آيت عبدي، نفذوا السنة الماضية مسيرة سلمية مشيا على الأقدام استغرقت خمسة أيام لعمالة إقليم أزيلال من أجل فك العزلة عنهم وربطهم بالطريق، لكن حين وصولهم للعمالة وجدوا العامل في مهمة خارج الإقليم، فقضوا ليلتهم أمام العمالة مفترشين الأرض وملتحفين السماء في برد قارس إلى حين عودة العامل. وسبق لوالي جهة تادلا أزيلال أن قام في ثالث يناير 2008 بزيارة لزاوية أحنصال على متن طائرة هيليكوبتر، وعقد لقاء تواصليا مع سكان آيت عبدي، ووعد الحضور بزيارة منطقتهم كما وعدهم بشق الطريق لربط منطقتهم بالعالم الخارجي، لكن-يقول أحد أبناء المنطقة- لاشيء من ذلك تحقق. لا آيت عبدي «تشرفت» بزيارة الوالي، ولا الطريق شقت إليها ولاهي ربطت بالعالم الخارجي». وتعيش منطقة آيت عبدي سبعة أشهر من الشتاء القارص، حيث تتساقط الثلوج بكمية كبيرة تعزل المنطقة عن العالم الخارجي، وتحاصر المراعي، ويندر الماء بسبب التجمد ويقل الكلأ للماشية ويتعذر التنقل لجلب المؤونة. وقد عرفت المنطقة سقوط العديد من ضحايا الثلوج. وتعد تيزي نملغاس الممر الوحيد للسكان لجلب المؤونة من سكر وشاي ودقيق، وقد خلفت الظروف المناخية القاسية على مر السنوات - حسب مصادر من عين المكان- العديد من الضحايا. ويعاني الكثير من السكان من إعاقتهم بعد أن قطعت أصابعهم وأرجلهم بسبب برودة الثلج وهم يحاولون جلب الدقيق في زمن العواصف الثلجية، أما وفيات النساء الحوامل فتعد المنطقة - حسب إفادات السكان - «مسرحا» لها، حيث سبق أن لفظت العديد من النساء الحوامل أنفاسهن وهن في الطريق إلى المستشفى منقولات على النعوش ورجال المنطقة يتناوبون على حملهن على طول الطريق. ورغم أن منطقة آيت عبدي التي تقطنها حوالي 4000 نسمة تتوفر على مستوصف واحد بقرية إميضر، إلا أنه لم يسبق أن استقبل أي مريض لأنه لا يتوفر إلا على الأدوية. وذكرت المصادر ذاتها أن السكان لكي ينتقلوا إلى مركز زاوية أحنصال يتطلب الأمر عدة أيام على الأقدام وسط الثلوج والبرد القارس والمسالك الوعرة التي لاتسمح بمرور العربات والسيارات والشاحنات. وأشارت أن سكان آيت عبدي قاموا بمجهودات كبيرة لشق مسالك ضيقة لمرور الدواب والقوافل الراجلة في حالة السفر والتسوق لكن هذه المجهودات اليدوية لم تخرجهم من عزلتهم القاتلة حيث أن سكان تافراوت على سبيل المثال لكي يصلون لأقرب سوق وهو سوق الإثنين بزاوية أحنصال عليهم قطع مسافة عشر ساعات ذهابا ويبيتون ليلة في زاوية أحنصال واليوم الثالث يعودون بمشترياتهم التي لاتخرج عن نطاق الشاي والسكر والدقيق المدعم بحكم ضعف القدرة الشرائية. وعلى ذكر الدقيق المدعم فقد أفادت مصادر من عين المكان أن «هذه المادة الأساسية في تغذية السكان غابت عن آيت عبدي منذ سنوات، لكن بعد زيارة والي الجهة لزاوية أحنصال عاودت الوصول إليهم لكن بأثمنة أثارت حفيظة المعوزين إذ يرغم المسؤول عن توزيعه في سوق إثنين زاوية أحنصال أبناء المنطقة اقتناء كيس من الدقيق المدعم مع كيس من الدقيق الجيد بما قيمته 130 درهم، وإذا تعذر ذلك يتم اقتناء كيس من الدقيق المدعم بما قيمته 150 درهم». ويحكي سكان من آيت عبدي أن مصاعب كبيرة تواجههم عند قضاء مصالحهم، فلكي يحصلوا على وثيقة عقد الازدياد يتطلب منهم ذلك قضاء يومين أو ثلاثة أيام في المسالك الوعرة، وإذا كان الإنسان قد سكن الكهوف في حقبة زمنية مضت، فإن هذه المنطقة الواقعة في الجنوب الشرقي لإقليم أزيلال والمعروفة في سجلات الداخلية بآيت عبدي لازال سكانها يقطنون في كهوف تنعدم فيها أبسط شروط الكرامة البشرية. الكبيرة ثعبان - الاحداث المغربية