تعيدنا مسرحية "ألف هاينة وهاينة" لمسرح محترف شمس، للحظة أزلية يتورطُ فيها المبدع/الخالق في القضية الأساس، أو لربما القضية الوحيدة في هذا الكون: قضية الوجود، لأن القضايا الأُخر ليست إلا تنويعات على مقاماتها. إنها ورطةُ الخلقِ، حيث يستمد الخالق وجودهُ (...)
لقد اقترح الوعي الإنساني، منذ بواكيره الأولى، داخل المجتمعات تخصيص فضاء لاحتواء عبق التاريخ، وصيانة الموروث الإبداعي الرمزي. ويعدّ هذا الصنيع تمثيلا حقيقيا لرغبة الإنسان الأبدية في القبض على قبس الخلود عبر الفن. ففي عهود البدايات، كانت هذه الرغبة (...)
من البديهي أن يرتبط مفهوم المدينة بمفهوم الفنون التشكيلية، ذلك أن المعمار الذي يَعمُر المكان في المدينة، هو أحد أقطاب الفن التشكيلي إلى جانب فني النحت والتصوير Peinture. وإذا كانت الطبيعة تحتفي بالجميل الطبيعي، فإن المدينة تسعى دائما نحو تحقيق (...)
من بين الأمور المدهشة في الفن الإفريقي، تلك القدرة الخارقة التي امتلكها الفنان في ترجمة الملحوظ إلى أشكال صامتة، تعبر بصمتها البليغ عن واقع القبائل والتجمعات البشرية في مناطق جنوب الصحراء، ولأن منبع الفكرة في الفن هو الملاحظة، ملاحظة كل ما هو مثير (...)
من الملاحظ أننا عندما نرصد نوعية العلاقة بين الفنون وجنس أدبي مثل الرواية، فإننا نروم مَوْضَعة هذه الأخيرة، أي الرواية ضمن سلسلة من العلاقات والتجاورات البيفنية Inter artistique. لذلك يحق لنا أن نتساءل: هل تقلِّدُ الرواية الفنون؟ أم ترغب فقط في (...)
عرف سمبوزيزم البحر المتوسط بأزمور Symposium médirrannéen d'azemmour المُقام مؤخرا بمدينة أزمور المغربية بمحاذاة مدينة الجديدة، مشاركة ثلاثة وعشرين فنانا وفنانة من دول عربية وغربية مختلفة، وهم: الشاعر والفنان التشكيلي العراقي علي رشيد، والفنان (...)
عن مسرحية «طقوس وحشية» للكاتب المسرحي قاسم مطرود، قدمت جمعية محترف شمس للمسرح، في إطار مهرجان الربيع الثقافي لسيدي البرنوصي، فرجتها المسرحية الموسومة ب»كومبارس» مساء الثلاثاء المنصرم 26 أبريل، بالمركب الثقافي حسن الصقلي، والمسرحية من تشخيص الفنانة (...)
غير أن تأثير «ألف ليلة وليلة» تجاوز فن الرسمDessin إلى فن التصويرPeinture، حيث إن «مصدر إلهام أكثر المصورين كان إسلاميا، كما أن عالمهم الخيالي، مستمد من ألف ليلة وليلة»14، ولقد كان تأثيرها شاملا للأجناس الأدبية، إذ تم توظيف حكاياتها وأساطيرها في (...)
يسود السرد في جميع مظاهر التفكير الإنساني، إن لم نقل في جميع مظاهر الحياة، حيث تتجلى أشكاله في جميع أنشطة الإنسان، وتتموضع صورته الفنية في النشاط الإبداعي، لأنه ينبع من تحقيق الرغبة الجمالية، فالسرد، كما يؤكد رولان بارت «يمكن أن تحتمله اللغة (...)
من نافلة القول أن يتم التذكير بما قدمه الروائي والناقد محمد برادة من أعمال نقدية في مجال القصة القصيرة، وهي الأعمال التي أسست لديه مشروعا نقديا متكامل المعالم المعرفية، لكن في هذا الوقت بالذات تُصبح المناسبة شرطا لهذا التذكير، حيث أسترجع في هذه (...)
لعل أهم ما يميز الكتابة النقدية عند الناقد حسن بحراوي هو الانفتاح على مختلف الأجناس التعبيرية والأنواع الإبداعية، غير أنه لا يمس هذه الأنواع، كما يحلو للكثيرين من كتبة هذا الزمان، مسا سطحيا لا ينفذ للُباب المعرفة، ولا يُنتج غير آراء ضامرة لا تُسمن (...)
1- وكأنه مطلع للقراءة:
لا أقرأ الشعر موهما نفسي بالقبض على المعنى، و لا أقرأه رغبة في تقديمه، حيث لا يُعقل أن يُقدم النثر الشعر، ولا أقرأه رغبة في نقده، لأن النقد في اعتباري مسار تاريخي يُعيد بصمات المبدع إلى رحمها، قبل أن تنطبع في ذاكرة القراءة، أي (...)
منذ ما يقرب من حوالي ثلاث سنوات تعرفتُ على الكاتب توفيقي بلعيد شخصا بعد سابق معرفة له كتابة، ومنذ ذلك اللقاء الأول العابر، تصادت ملامح صورته بذاكرتي، تلك الصورة التي تتشذر عمقا وهدوءا ينمان عن وعي غائر، وعن جراح عميقة لم يفلح الزمن في لأم ندوبها، إذ (...)
أبدأ هذه الورقة هكذا، من قوله في قصيدة «قدر إغريقي»:
«لا أنا الإسكندر
ولا أنا زوربا
أنا لا أحد
أنا شاعر مجهول»
تمنحنا عبارتا الإثبات الأخيرتين تطابقا بين صفة «الشاعر المجهول»، وصفة «عديم الوجود» التي تفصح عنها عبارة «لا أحد». غير أن المعلوم أن شاعرا (...)
الفضاء القصصي: رمادي على الدوام
إن الفضاء القصصي التسعيني لم يحد عن عالم الكتابة القصصية السائدة قبل هذا العقد. إنه في الغالب سجين الذات الساردة، أو الشخصية التي ينسج منها الكاتب ظلاّ لذاته أو لأنثاه، والكاتبة ظلاّ لذاتها أو ل«رجلها». ورغم رحابة (...)
تميز العقد التسعيني من الألفية المنصرمة بكونه المحطة السابعة من محطات تاريخ القصة القصيرة بالمغرب، وينماز عن بقية العقود باعتباره تتويجا لصيرورة إبداعية قصصية شهدت عدة مخاضات، وعرفت أنماطا من التطور، فهو مع تمام الألفية الثانية يعلن بداية عدّ جديد، (...)
الآن فقط، أدركت أن البياض وحده سر الحكاية بأكملها، بياض الورقة غواية لذيذة لافتضاض الذاكرة، وإلحاح سافر على مشوار يوغل في جسدها البضّ.
هل كان جسدها أبيضا؟
ونحن جلوس إلى طاولة على رصيف المقهى، تختلس نظراتنا العاشقة الحائرة أجسادا أنثوية ممشوقة (...)
في البدء، أفتح ذاكرتي على ذلك الصباح الجميل المشرق من سنة 1990، بكلية الآداب بوجدة، حينما قدّم لي أحد الأصدقاء ذلك الشاب الرِّيفي الذي كانت تفوح من عينيه رائحة المداد، فصافحته بحرارة لما أحسستُه فيه منذ الوهلة الأولى من صدق إنساني. وقد وقَّع صديقي (...)
وحدهم الشعراء قادرون على وشم معالم الحزن على جسد القصيدة، ورقش سواده على أديم صور شعرية تطفح مرارة.. إنهم يملكون حمل الذات على التعري حتى لينكشف حزنها الوجودي، بعد رفع غطاء المساحيق التي يتجمل بها الإنسان كي يبدو مقبولا وسط العالم.
يستطيع الشعراء (...)