لن يتمكن المغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية من توقيع اتفاقية التبادل الحر بينهما في غضون نهاية السنة الجارية أي في شهر دجنبر الجاري كما كان متوقعا، وكان الوزير الأول إدريس جطو قد قال لدى استقباله الأسبوع الماضي بمراكش لعضوين من مجلس الشيوخ الأمريكي إن المفاوضات بين البلدين ستتوج بالتوقيع على الاتفاق في أواخر شهر أبريل .2004 وترجع أسباب تمديد المفاوضات إلى اختلاف البلدين في رؤيتهما لكيفية تحرير مبادلاتهما في بعض القطاعات الحساسة كالفلاحة والنسيج... فالمغرب يريد حماية فلاحته الهشة، وذات الوزن الاجتماعي والاقتصادي الكبير على شرائح واسعة من المغاربة، وتجنبيها ويلات إلغاء تام للرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية من الحبوب والمنتجات الغذائية ذات التنافسية العالية والثمن المناسب، ويقترح بالمقابل، سواء الفريق المغربي المفاوض أو مهنيي القطاع، تمتيع القطاع الفلاحي باستثناء من مقتضيات تحرير المبادلات ومنح المغرب مهلة مدتها 15 سنة على الأقل لتأهيل القطاع، والذي تظل هياكله وإنتاجيته ووسائل العمل فيه هشة وغير حديثة. وأي فتح كلي وفوري عقب توقيع الاتفاق للأسواق المغربية في وجه الواردات الأمريكية سيكون لصالح طرف واحد وسينعكس سلبا على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للمغرب. وبالمقابل فإن ثمة لوبيا فلاحيا أمريكيا يضغط بقوة على الفريق الأمريكي المفاوض لكي ينتزع اتفاقا يفتح أسواق المغرب على الحبوب والمواد الحليبية الأمريكية، بالنظر إلى ما ظهر لهم من منافع اقتصادية كبيرة سيجنونها منها لأن المغرب اضطر في السنوات الأخيرة بفعل سنوات الجفاف العجاف إلى استيراد الحبوب بكميات متزايدة من بلدان أجنبية ومنها الولاياتالمتحدة، لدرجة أن سناتورا أمريكيا دعا الممثل التجاري الأمريكي، الذي تقود مساعدته فريق المفاوضين الأمريكيين، إلى رفض طلب المغرب حذف مادة الحبوب من قائمة المواد التي ستخضع لمقتضيات التبادل الحر قائلا: لا أساند اتفاق تبادل حر مع المغرب يفوت علينا مصالح لإنتاجنا من الحبوب. ويتوقع أن تجري آخر جولة للمفاوضات بين البلدين في شهر يناير المقبل وهي السابعة من نوعها للحسم في نقط الخلاف القليلة التي ما تزال عالقة، وذلك بعد حصول تفاهم في باقي القطاعات الاقتصادية تقريبا، والتي سينص عليها نص الاتفاق كالخدمات والاستثمار والملكية الفكرية وقضايا الشغل والبيئة... ويشار إلى أن الوزير المنتدب في الشؤون الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري، المنسق والمسؤول المخاطب الوحيد للسلطات الأمريكية بخصوص إعداد اتفاق التبادل الحر مع الولاياتالمتحدة، أجرى بانتظام اجتماعات للتنسيق مع ممثلي القطاع الخاص حول المفاوضات الجارية منذ انطلاقتها، وقد عقد آخرها وهو الخامس من نوعه في شهر دجنبر الحالي مع مسؤولين في الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وجامعة غرف التجارة والصناعة بالمغرب، والمجموعة المهنية لأبناك المغرب والجمعية المغربية للمصدرين. وتصدر الولاياتالمتحدة سنويا إلى المغرب بضائع بقيمة 500 مليون دولار تقريبا، ومن جملتها الطائرات والتجهيزات المختلفة والذرة، ويفرض المغرب نسبة 20% من قيمة البضاعة كرسوم جمركية، في حين تستفيد صادراته إلى الولاياتالمتحدة من نظام ضريبي تفضيلي، إذ لا تخضع سوى لنسبة 4 %. ومن إيجابيات الاتفاق المزمع عقده أنه سيمكن من جلب الاستثمارات الأمريكية إلى المغرب وتعزيز وجود المقاولات الأمريكية به، والتي تقدر حاليا بحوالي 120 مقاولة، تمثل استثمارا قدره 600 مليون دولار ساهم فى خلق 90 ألف منصب شغل فى العديد من القطاعات الاقتصادية. محمد بنكاسم