جاء رمضان أخيرا، وجاءت معه قناتانا الوطنيتان كما كان متوقعا بالوجه الذي فارقناه عليه العام الماضي. برامج كثيرة يخيل للمرء أنها جديدة لكن في حقيقة الأمر لا تعدو أن تكون وجها آخر لما كانت عليه التلفزتان المحترمتان العام الماضي. لكن، وحتى لا نغبط الناس حقهم، لا بد من الاعتراف ببعض المجهودات التي لا يمكن للمرء إلا أن يحترمها. وقبل الحديث عن نموذج من هذه المجهودات نود التأكيد على أنه سيكون لنا موعد طيلة هذا الشهر الكريم مع برامج القناتين المختلفة، بحيث سنحاول رصدها، ومعرفة أخبارها، وموقف المواطن المغربي منها (بطبيعة الحال المواطن الذي مازال يشاهد القناتين المغربيتين) عبر اتصالات سواء عبر الأشخاص الذين يقفون وراءها، أو مع المواطنين الذين يستهلكون هذه البضاعة الإعلامية أو تلك. ومن بين هذه البرامج التي يمكن أن نتحدث عنها، اخترنا في هذا العدد برنامجا خفيف الظل، يأتي مع الأسف متزامنا مع صلاة التراويح، ينتظر الكثيرون موعد بثه قبل الذهاب مسرعين إلى المساجد. ويتعلق الأمر ببرنامج قهيوة مع حسن الذي يقدمه حسن الفذ. قهيوة مع حسن ينبني على فكرة استضافة ضيف مشهور - لحد الآن على الصعيد الفني - وتطرح عليه بعض الأسئلة الخفيفة التي لا يجد المواطن المغربي المشغول الرأس صعوبة كبرى في استيعابها، ومن ثم تؤثر فيه -كما نظن- وتبعث في نفسه الفرح والاستمتاع الداخلي. وأهم ملاحظة يمكن أن نخرج بها من بعد الحلقات الثلاث التي مرت، هي محاولة الأستاذ الفذ التأكيد على الروح الوطنية الكريمة التي يجب أن تميز الفنان المغربي مهما كانت شهرته، كما بدا واضحا من خلال حديثه (مع الفنان رشيد الوالي) عن الترحيب الكبير الذي يلقاه الفنانون المصريون في المغرب، مقابل الإهمال الكبير الذي يلقاه هؤلاء لدى حضورهم إلى الديار المصرية لسبب من الأسباب، وكذلك من خلال حديثه عن المعاناة التي تواجه الفنان المغربي طيلة مسيرته الفنية، هذا بالإضافة إلى تميز البرنامج بتخصيصه مبلغا ماليا معينا لدعم هذه الجمعية الخيرية أو تلك. إن حسن الفذ وهو يقدم البرنامج المذكور يبدو أقرب إلى المواطن حتى على مستوى المصطلحات المستعملة، وبهذا الأسلوب يمكن القول فعلا بأنه وصل إلى قلب المواطن البسيط من خلال بعض الدردشات التي استطعنا إجراءها مع بعض المواطنين بسرعة، والتي عبروا من خلالها عن إعجابهم بقهيوة مع حسن، وأوضحوا أن السي حسن يبذل مجهودا محترما في تطوير البرامج التي يقدمها، غير أنهم أكدوا أن البرنامج كان يمكن أن يكون في صورة أحسن لو أعد الإعداد الجيد المسبق. ذلك أن المشاهد يخرج بانطباع مضمونه أن البرنامج أعد في آخر لحظة. ملاحظة أخرى يصر هؤلاء الذين التقينا معهم على التأكيد عليها، وتتعلق بالتوقيت الذي يبث فيه البرنامج، بحيث أنه يبث بشكل متواز تقريبا مع آذان صلاة العشاء، الأمر الذي يفقده قاعدة مهمة من المشاهدين التي تذهب لتؤدي واجب ربها أولا. وهو ما يفرض على المسؤولين على القناة التلفزية الأولى مراجعة توقيت بث البرنامج، وبرمجته في وقت مناسب، خاصة وأن بعض البرامج الأخرى التي تبث في أوقات أفضل تعد أقل قيمة بكثير من قهيوة مع حسن، وكل ما تضمنه لمن يشاهدها هو أن يخرج ساخطا يائسا فارغ العقل والنفس من فكرة جديدة، أو ابتسامة خفية، ومن ضمنها البرنامج الذي فضل المشرفون عليه أن يطلقوا عليه اسم باباغيو، والذي سيكون لنا موعد للحديث عنه في العدد المقبل إن شاء الله. فمزيدا من التجديد والاجتهاد يا أستاذ حسن! لحبيب الجرادي