دخلت اجتماعات لجنة الشراكة المغربية الأوروبية دورتها الثالثة، وذلك بعد ثلاث سنوات من بدء عملها المتمثل في تدبير اتفاقية الشراكة ومتابعة تنفيذها وتقييم تقدمها، ويأتي اجتماع أمس الثلاثاء 21 أكتوبر بالرباط ليناقش ما يريده الطرفان، خاصة المغرب، لعلاقاتهما البينية من توازن ورقي يتجاوزان الإطار الحالي إلى شراكة استراتيجية متعددة الأوجه (سياسية، اقتصادية، اجتماعية وثقافية)، وذلك بعد مضي أزيد من عقد على توقيع معاهدة برشلونة للشراكة الأورومتوسطية التي أعطت الشرارة الأولى للمفاوضات بين دول ضفتي البحر الأبيض المتوسط الشمالية والجنوبية. انعقد أمس الثلاثاء اجتماع للجنة الشراكة المغربية الأوروبية في دورته الثالثة بمقر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون بالرباط، وهي اللجنة المكلفة بتدبير اتفاق الشراكة بين الطرفين الذي دخل حيز التطبيق ابتداءا من سنة ,2001 وتضم في عضويتها مسؤولين كبار في قطاعات حكومية مغربية مختلفة (الشؤون الخارجية، المالية، الفلاحة، الصيد البحري...) وفي الطرف الآخر ممثلون عن مجلس الاتحاد الأوروبي ولجنة الشعوب الأوروبية ويرأس الوفد الأوروبي المدير المكلف بحوض البحر الأبيض المتوسط بالمفوضية الأوروبية كريستيان ليفلير. وانكب أعضاء اللجنة في هذه الدورة، التي جرت أشغالها المغلقة في جلستين (صباحية ومسائية) برئاسة مدير الشؤون الأوروبية بوزارة الخارجية المغربية، على تقييم مدى تنفيذ اتفاق الشراكة في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والتجارية والسوسيو ثقافية، سيما بعد اعتماد منهجية جديدة للعمل تعتمد هيكلة بطريقة لجنة-لجينة، وهي طريقة العمل نفسها تقريبا التي انتهجتها الاتحاد الأوروبي مع دول أوروبا الوسطى والشرقية قصد الاندماج، كما ناقشت اللجنة آفاق العلاقات البينية في ظل مطلب المغرب الملح تجاوز المستوى الحالي لعلاقاته مع الاتحاد الأوروبي والرقي بالإطار الذي ينظمه إلى ما اصطلح عليه الوضع المتقدم أي أكثر من الشراكة العادية وأقل من العضوية في المنظومة الأوروبية، أو ما يطلق عليه الشراكة الاستراتيجي وما تعنيه من رغبة في التقريب بين اقتصاد الطرفين وبين شركاتهما، وكان الاتحاد الأوروبي عبر عن استعداده المضي قدما في هذا الهدف الاستراتيجي بدعم تأهيل الاقتصاد المغربي وإدماجه في مناخ اتحاد أوروبي موسع. وفي هذا الصدد كان الرئيس الفرنسي جاك شيراك قال في حوار خص به وكالة المغرب العربي للأنباء قبيل زيارته الأخيرة للمغرب بداية الشهر الجاري أن فرنسا تساند طلب المغرب الحصول على وضع متقدم لعلاقته المتميزة مع الاتحاد، وأضاف أن هذا الوضع يندرج في إطار المنهجية التي رسمتها اللجنة الأوروبية في إعلانها الأخير حول الجيران الجدد، وهو ما يجعل أحد أهم القضايا التي تدارسها المجتمعون في الدورة الثالثة ما يسمى السياسة الجديدة للجوار لأوروبا الموسعة، إضافة إلى تناول أوجه الشراكة الأخرى كالبعد الثقافي والبحث العلمي والنقل وإمكانية إحداث لجن عمل متخصصة فيها. وكان الوزير المنتدب في الشؤون الخارجية الطيب الفاسي الفهري قد نوه في وقت سابق إبان استقباله لمسؤول أوروبي ضمن الوفد المشارك في دورة اللجنة بنوعية العلاقات الرابطة بين المغرب والاتحاد، موضحا أن إطارها القانوني والتعاقدي شهد تطورا مطردا منذ توقيع أول اتفاق للشراكة سنة .1969 وتجدر الإشارة إلى أن لجنة الشراكة المغربية الأوروبية كانت قررت في اجتماعها الأول في 6 فبراير 2001 خلق 4 مجموعة متخصصة مكونة من خبراء تعمل على تدقيق تفاصيل الاتفاق والتنفيذ في ميادين ذات الأولوية سُطرت في اتفاق الشراكة كالتفكيك الضريبي والتعاون الجمركي وتوحيد الإحصاءات في القطاع التجاري وتجارة الخدمات، ومسألة الهجرة فضلا عن الشق الفلاحي في الاتفاق، وجاء لقاؤها الثاني في 3 مارس 2002 محطةً لتقييم عمل هذه اللجن الأربع، وللتداول في الإجراءات والتدابير المتخذة في أفق إحداث منطقة تبادل حر بين الطرفين. وتعقد اللجنة اجتماعاتها مرة كل سنة وكان أولها في 9 أكتوبر ,2000 وقد منحت لهذه الهيئة سلطة تقريرية، كما لها أن تصدر توصيات تصب في اتجاه تطبيق أمثل لبنود اتفاق الشراكة وتذليل الصعوبات التي يلاقيها تنفيذها. محمد بنكاسم