لم نكن نتوقع في يوم ما بالنظر إلى الظرفية العامة والتوازنات السياسية الحالية، وتشكيلة المجلس برمته ولبعض القيود الواردة في قانونه، أن يذهب المجلس الاستشاري إلى حدود اتخاذ مبادرة تتعلق بإنشاء لجنة وطنية مستقلة للحقيقة كما ينظر إليها منتدى الحقيقة والإنصاف، وكما تنظر إليها الحركة الحقوقية المغربية من حيث الاختصاصات والمهام والوظائف، خاصة وأننا كنا نتوقع أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، حينما سيتصدى لهذا الموضوع، سيضع مند البداية خارج جدول أعمال هذه اللجنة قضية المساءلة والمحاسبة، بما في ذلك المساءلة القضائية، ولذلك ارتأى المجلس أن يباشر عمله من خلال هذه اللجنة التي سماها لجنة الحقيقة والإنصاف بعيدا عن التسوية القضائية. نحن في المنتدى كان لنا رأي في هذه المسألة، ونطالب بإنشاء لجنة، كما عبرنا عن ذلك في وثائقنا، وقد تبنت فيما بعد المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان عمق ومضمون وثيقة الحقيقة التي بادرنا إلى إنجازها ونشرها. وفي موضوع المساءلة كنا دائما نطرح في المنتدى أن الهيئة التي سميناها هيئة الحقيقة، يمكنها أن ترفع توصية أو توصيات فيما يتعلق بمساءلة ومحاسبة المسؤولين إلى الجهة التي أنشأتها للنظر في هذا الموضوع، فالجمعية المغربية لحقوق الإنسان مثلا لها موقف آخر، بحيث تعتبر أن مساءلة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان مسألة مبدئية وأساسية، وتعتير أن الإفلات من العقاب يساهم في استمرار الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وقد خلصت المناظرة الوطنية حول الانتهاكات، التي شاركت فيها مكونات الحركة الحقوقية والسياسية والنقابية، وهيئات المجتمع المدني إلى إعلان الحقيقة من خلال هيئة مستقلة، فيما بقي موضوع المساءلة مفتوحا للتأمل والتفكير نظرا للحساسية والمخاطر والتعقيدات المرتبطة بالموضوع