قال سعد الركراكي، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط إن دخول الجزائر لعضوية مجلس الأمن السنة القادمة سوف لن يغير الموقف العام الذي تتبناه حكومتها من ملف الصحراء المغربية وقضية وحدتنا الترابية، لأن أمر اتخاذ مواقف معينة أو استدراج دول ما لأخذ مواقف أخرى يفوق السياسة الجزائرية كلها ويدخل في إطار ما يتعلق بموازين ومقاييس السياسة الدولية واستراتيجية الدول العظمى في ما يتعلق بمنطقة الشمال الإفريقي، وقياسا على ذلك فإن المغرب لما كان عضوا بمجلس الأمن لم يستطع للحيثيات السابقة تغيير الموقف من الصحراء المغربية. وأضاف الأستاذ الركراكي، في اتصال هاتفي معه، أن ما صرح به رئيس الحكومة الجزائري المقال علي بن فليس من كون بلاده أخطأت لما انخرطت في بناء اتحاد المغرب العربي من القمة، ولو أنه حر في تعليقه، يعتبر كلاما استهلاكيا لا قيمة له بالنظر لرجل سبق له أن شغل منصب رئيس حكومة بلاده. ذلك أنه يعلم يقينا أن قرارا مثل بناء اتحاد المغرب العربي لا يمكن أن يكون فيه للقاعدة قول بقدر ما يعتمد ويقرر على مستوى القمة لينشر على الشعوب كالمظلة. وهذا الأمر، كما يحصل في العديد من الدول، فإنه أيضا يحصل بالمغرب والجزائر وتونس وغيرها. وأكد الأستاذ الركراكي أن بناء اتحاد المغرب العربي تم استجابة لمعطيات سياسية فرضتها ظروف محلية وجهوية ودولية، إلا أن هذا الإطار أصبح الآن إطارا ميتا بسبب الخلافات الحاصلة أساسا بين المغرب والجزائر المختصرة في النزاع المفتعل حول الصحراء والموقف الجزائري السلبي منها. وشكل الحديث الذي أدلى به بن فليس، الأمين العام لجبهة التحرير الجزائري أخيرا، في حديث لمصادر صحافية، فرصة انتقد من خلاله الموقف الفرنسي الداعم للمغرب في وحدته الترابية، خاصة وأن الرئيس الفرنسي جاك شيراك في زيارته الأخيرة للمغرب الأسبوع الماضي أعلن بشكل صريح عن أنه بالرغم من العلاقات الممتازة التي تربط الجزائر وباريس، فإن قضية الصحراء المغربية تظل نقطة خلافية بين البلدين، واعدا باستمراردعم فرنسا للموقف المغربي في وحدته الترابية خلال لقاء مجلس الأمن المقبل المزمع انعقاده نهاية الشهر الجاري لمدارسة ملف الصحراء المغربية ومسألة تمديد بعثة المينورسو. وفي هذا الإطار اعتبر الأستاذ الركراكي أن فرنسا في دعمها للمغرب لا تغيب مصالحها مع الجزائر، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن فرنسا تنطلق من حسابات سياسية ومصالح خاصة بها بالمنطقة في سياق التنافس الفرنسي الأمريكي على الشمال الإفريقي خاصة وأن الموقفين الفرنسي والأمريكي من العديد من القضايا الوطنية والجهوية يرتهنان بالحسابات الاقتصادية، ومن ذلك أن فرنسا مثلا تحتل الرتبة الأولى على صعيد المبادلات التجارية المغربية. وتطرق بن فليس، الذي أقاله الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة من رئاسة الحكومة الجزائرية في ماي الماضي، إلى الحديث عن المفاوضات الجارية الآن بين حكومة بلاده والبنتاغون الأمريكي حول إرساء قاعدة عسكرية بالجنوب الجزائري، ورحب بهذا التوجه الجزائري في التعاون الأمني والاستخباراتي مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. ونفى، في حديثه سالف الذكر، إمكان إجراء أي حوار مباشر بين المغرب والجزائر حول قضية الصحراء المغربية، مخالفا الموقف المغربي الداعي إلى ضرورة التوصل إلى حل تفاوضي بين المغرب والجزائر، على اعتبار أن هذه الأخيرة هي التي تحتضن وتدعم جبهة انفصاليي البوليزاريو. وكانت مصادر صحافية كشفت أمس عن أن خمس دول (الجزائر وبنين والبرازيل، والفلبين ورومانيا) تستعد الآن لشغل خمسة مقاعد بمجلس الأمن ذي 15 عضوا، ابتداء من السنة المقبلة، وسيخلف المرشحون الذين سينتخبون في 23 أكتوبر لمدة سنتين كلا من بلغاريا والكامرون وغينيا والمكسيك وسوريا التي ستنتهي عضويتها في 31 دجنبر المقبل. وإلى جانب الدول الخمسة، دائمة العضوية بمجلس الأمن (فرنسا وأمريكا وروسيا والصين وبريطانيا) ستظل ألمانيا وإسبانيا وباكستان وتشيلي وانغولا أعضاء خلال السنة 2004 وهي التي تسلمت عضويتها به في يناير الماضي. عبد الرحمان الخالدي