بعد أن استكملنا التعريف بالحركة الإسلامية في فلسطينالمحتلة نعود إلى منطقة المغرب العربي، إذ كنا قد تعرفنا على الحركات الإسلامية في تونس والجزائر. اليوم ننتقل إلى موريتانيا لنتعرف على فصيل من فصائل الحركة الإسلامية الموريتانية وهو المنبر الموريتاني للإصلاح والديمقراطية. الوثائق المعرفة بهذه الحركة تتكون من البيان التأسيسي للمنبر، وحوار مع الأمين العام أجراه معه موقع رايه أنفو، ونتبع ذلك بمقال لرئيس المنبر جميل بنمصور يتحث فيه عن رؤيته للديمقراطية وعلاقتها بالشريعة من خلال مناقشة جرت بينه وبين صديق من المغرب الأقصى حسب ما يورده في مقاله. الوثائق المعروضة مأخوذة كلها من الموقع الإلكتروني للمنبر الموريتاني للإصلاح والديمقراطية: www.isslah.net. المهندس أبو بكر بن مروان الأمين العام للمنبر الموريتانى للإصلاح والديمقراطية:المنبر امتداد لتيار الإصلاح الوسطي الملتزم بمرجعية الإسلام أجرى موقع راياه أنفوه مقابلة متميزة مع المهندس أبو بكر بن مروان الأمين العام للمنبر الموريتانى للاصلاح والديمقراطية تناولت أهداف المنبر وبرنامج عمله ورده على الاتهامات التي يوجهها النظام للإسلاميين المعتقلين منذ أشهر ،ورؤيته للا نتخابات الرئاسية المرتقبة فى السابع من نفمبر القادم ،ومواضع أخرى هامة فيمايلى النص الكامل للمقابلة : السيد الامين العام نريد فى البداية أن تعطوا موقع قراء الراية انفوفكرة عن المبادرة التى أعلنتم فى العاصمة البلجيكية بروكسل قبل أيام ،ماهى خلفيتها ،وماذاعن أهدافها وبرنامج عملها. جاءت هذه المبادرة لتستجيب لتطلعات العديد من مواطنينا ممن تجمعهم قراءة مشتركة لوضعية البلد، ورؤية موحدة للمستقبل المنشود. وتعلمون أن التشكيلة السياسية الموريتانية مبتورة ظلما من أحد أطرافها الأساسية، ألا وهو التمثيل السياسي العلني للتيار الإسلامي الذى من شأنه أن يمثل شريحة واسعة من الشعب، ويعبر بوسطية واعتدال عن رؤاها وتطلعاتها. المنبرهو إذن جزء وامتداد لهذا التيار الإصلاحي الوسطي الملتزم بمرجعية الإسلام وبمنهج الشورى، والذى يسعى إلى تغيير المجتمع، و إصلاح نظام الحكم بأداء الأمانات إلى أهلها، والصون الحقيقى لكرامة الإنسان فى دينه ونفسه وماله وعرضه، وتقديس الصالح العام، ونشرالوعي المدني بالحقوق والواجبات مع تربية الأفراد على الرابطة الوثيقة فيما بينها (الحقوق والواجبات). أما عن الأهداف، فعلى المدى القصير، نسعى مع كل المهتمين، إلى تخفيف الضغوط الرهيبة والحرب النفسية التى يشنها النظام على شعبه المسالم، ونحن مستعدون للعمل لذلك مع القوى السياسية في الداخل والخارج، كما العمل معها من أجل إقامة ديموقراطية مسؤولة في البلد، ويمر ذلك بتغيير سلمي لنظام الحكم. وعلى مدى أبعد، يطمح المنبرإلى أن يسهم فى إلقاء الأسس لإقامة دولة القانون فى ظل المجتمع القائم بالقسط، المتسم بالوحدة والتماسك، والمنفتح على التعددية السياسية المنصفة، وذلك ما يبشر به المشروع الإسلامي الذى نؤمن به. كثيرا ما توصف المعارضة الداخلية بأنها محدودة التأثيرداخليا ،ماهى ضماناتكم على انلا ينطبق هذا الوصف على هيئتكم الجديدة؟ وإن ولد اضطرارا فى الخارج، إلا أنه ليس مقطوعا عن الداخل. وإن الإعلان عنه فى الخارج إنما يشى بحالة الإنسداد القصوى فى البلد. ولا يسعى المنبر إلى تأثير مستقل عن الحالة الإسلامية، فما هو إلا رافد من روافدها. إنه تعبير عن حالة شعبية وصوت إصلاحى ما فتئوا يخنقونه فى البلد، فإذا هو إن شاء الله يُدوّى من رقعة أخرى من أرض الله الواسعة. أما عن الضمانات، فإنه سيكون على عاتق المنبر، إن شاء الله، واجب التواصل والتنسيق مع البلد، بالملائم والمتاح من القنوات. يتهمكم النظام الموريتانى بالتطرف والعنف كيف تردون على هذه الاتهامات؟ مهما اتهمَنا النظام بالتطرف والعنف، فإن مثل ذلك الاتهام لا يغنى من الحق شيئا. ومن يعرفنا، حتى من الخصوم، يشهد بأنا لم نزل نؤكد على إيماننا بأسلوب الحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتى هي أحسن، والحوارمع الفرقاء السياسيين بعيدا عن روح الإقصاء والأحادية والاحتكار ويشهد على دفاعنا المبدئي عن حقوق الإنسان وكرامته، إذ انتهاكها عندنا مخالفة للدين وتنكر للقيم الإنسانية المشتركة، ويشهد على إيماننا بإشاعة الحريات كما يقول البيان التأسيسى للمنبر. وبخلاصة، ننبذ كل الوسائل العنيفة، ونعتمد أشكال النضال السلمي، إذ مبادئنا تملى طهارة الوسيلة وتناسقها مع الهدف. صحيح أنننا نناضل من أجل نشر ثقافة الرقابة على الحاكم، والإعتراض، والإحتجاج لدى الشعب، وندعو لنشوء رأي عام حقيقى من شأنه أن ينتصب حَكَما عدلا بين كافة الفرقاء فى الساحة الوطنية، وذلك فى عُرف النظام قد يكون جرما لا يغتفر! . ولقد دأب النظام بمخابراته وإعلامه المحتكر، على اختلاق ما يتهيأ له من ذرائع لتشويه وتحجيم أي معارضة جدية سواء كانت فى الداخل أو فى الخارج. لكن سياسة تضليل الرأي العام قد انكشفت، وبانت محدوديتها، وتهاوت مع ما تهاوى من الأوهام. فهذا النظام هو فى الواقع مَن برهن على انغلاقه ورفضه للحوار وآثر ممارسة القمع والعنف، مقتفيا خطى الحكام الإستئصاليين الأشد تطرفا. هذا النظام بلغ به التضليل وقلب الحقائق، أن يدّعى رعاية العلم والعلماء فى حال أنه يزجّ بهم فى السجون، ويلفق عليهم تهم الإرهاب فى حال كونه هو من يمارس الإرهاب ضد شعبه نفسيا وعمليا! ستشهد موريتانيا انتخابات رئاسية بعد اشهر فما هو موقفكم من هذه الانتخابات؟ للإجابة على سؤالكم، فإن الإنتخابات الرئاسية القادمة تطرح مسألتين: الأولى هي جدوائية هذه الإنتخابات من الأساس، فى ظل ما درج عليه النظام من تلاعب وتزوير. وذلك يطرح موضوعة المقاطعة، إلا أن موقفا سلبيا كهذا قد لا يتناسب مع الموقف الدقيق الذى يعرفه الوطن الآن. والمسألة الثانية، فى حال تقررت المشاركة فى الإنتخابات، أن تتوحد المعارضة وتتجاوز الحسابات الضيقة من اجل تقديم مرشح وبرنامج موحد للانتخابات الرئاسية المقبلة، وكما تعلمون فقد دعا المنبر قوى المعارضة الوطنية إلى هكذا توحيد. وفى هذه الحالة، تأتى موضوعة التعامل الفورى مع التزوير إن حصل، والوقوف الشعبي فى وجه التحايل المتكرر على إرادته، وإن ذلك تحد كبير يتطلب التوحد، الصلابة، العزيمة، والقدرة على حشد الجماهير الشعبية، بشكل جديد وغير مألوف فى البلد. وفى انتظار موقف موحد للمعارضة، تدعمه الساحة الإسلامية، تبقى الثابتة الوحيدة الآن، هي الدعوة الموجّهة لجميع أبناء هذا الشعب أن لا يصوتوا لمرشح السلطة الحالية، كما الدعوة لكبار المسؤولين الحاليين والسابقين، أن يستمعوا إلى صوت الضمير مهما أصبح خافتا، ويُحيوا قيم الرجولة والشجاعة، وينفضّوا عن السيد معاوية ولد الطايع، قبل أن تصل الأوضاع إلى نقطة اللاعودة، و لتنفتح فى البلاد صفحة جديدة تمهّد لعملية الإنقاذ. يعتقل النظام الموريتانى منذ أكثر من ثلاثة أشهرقرابة اربعين اسلاميا ويوجه لهم تهم التامر لقلب النظام الدستورى ،ونهديد الامن الداخلى والخارجى ،برأيكم ماهى لأسباب الحقيقية وراء هذه الاعتقالات ،وكيف تتوقعون نهايتها؟ الدوافع الحقيقية لهذه الإعتقالات، وإن كان بعضها مفضوح، إلا أنه لا يمكن للنظام البوح بها، ولذلك هو يتخبط... فقد بدأ بسرعة بتوجيه أخطر لوائح الاتهام وأقصاها عقوبة مما أسماه تآمرا على أمن الدولة الداخلى والخارجى، و تآمرا على دستور البلاد ومن دلالات التخبط أيضا لا أدرية الرئيس فى خطاب ازويرات، حيث بحث عن تهمةٍ عجز القضاء والتحقيق البوليسي أن يجد لها سندا، فإذا بالرئيس الذى يُفترض أن يكون ضامنا لاستقلالية القضاء، يخرج على الناس بلا أدرية تفتقد للجدية، موعزا أن الكوكبة المسجونة إما نسّقت مع الإنقلابيين (من داخل السجن؟) أو هي تتسابق معهم إلى الاستيلاء على السلطة! النظام يشن حربا وهمية وبالنيابة عن جهات قاهرة، ويظن فى نفس الوقت، أنه يصطاد عصافير بحجر واحد: - فهو يستجيب لما أسماه التحديات الناجمة عن الوضعية الدولية الراهنة، ويقبض الثمن من دولارات أمريكا المخصصة للحرب على الإرهاب، مهما خلت موريتانيا من الإرهاب...وإنها لبائرة تلك التجارة التى نبيع فيها كرامتنا وشرفناوحرية علمائنا بأبخس الأثمان! - وهو يقوم بتحييد كوكبة من المصلحين مسموعة الصوت فى أوساط الشعب، لينقضّ على المؤسسات العلمية، والهيئات الخيرية، وغيرها من مؤسسات المجتمع المدنى، ثم يتوّج ذلك بالإنقضاض على المساجد ليضمها إلى سلطانه، و ليحولها مرافق عمومية أي -ببساطة- دوائر تأتمر بأمر السلطة. - وهو يقوم بنشر جو من التوتر والإرهاب النفسى، ويُشعل فتنة مذهبية وهمية فى بلد طائفته الدينية واحدة، ومذهبه الفقهي واحد، فى وقت يفتح فيه احتكار الإعلام، و تغييب كوكبة المصلحين عن منابرهم،أوسع الأبواب لأدعياء العلم، والمتاجرين بالفتاوى - وهو يقوم بتحييد كوكبة المصلحين المسموعة الصوت فى أوساط الشعب، لتخلو له الساحة خلال الإنتخابات الرئاسية، ولتخفت الأصوات الجادة التى من شأنها تبصير الشعب، وتنويره بالحقائق. أما عن نهاية هذه الإعتقالات، فإن الفرج قادم إن شاء الله. ويحلو لى أن أكرر ما كنت كتبته لدى بدايتها من أننالا نأسف لحال المظلومين بقدر ما نرثى لحال هذا النظام، فالفاعل هوالذى يقبع فى غياهبَ من السّجون المعنوية، سجون الذل والتبعية، سجون الهوى، الجشع والجزع، سجون التسلط وكبت الحريات، سجون العقدة الأمنية، الهيستيرياالبوليسية وعقلية تلفيق التهم. أما المفعول به وإن كان جسده فى المعتقل المادّى، إلا أن روحه حريٌّ بها أن تسرح فى رحاب التحرر والشرف والعزة، التحررمن الإستسلام، التحرر من التملق والممالأة، والتحرر حتى من الصمت الآثم. بعد اعلان التأسيس ماهى الخطوات القادمة للمنبر؟ أبوبكر : هنالك الكثير من العمل ينتظر المنبر، وإن ترتيب الأولويات تتم دراسته من خلال خطة عمل يعكف عليها المكتب التنفيذي المؤقت بتفويض من المؤسسين. ونحن الآن بصدد خطوة أساسية -إن شاء الله- هي تنظيم مؤتمر تأسيسي للمنبر، وفتح المجال لطاقات متنوعة ومتكاملة لتشارك ويضيف كل منها لبنته. كما نستقبل تحديا أساسيا لنطرح للساحة الموريتانية مشروعا سياسيا إسلاميا، ينطلق من الوضعية الحالية البلد، ومن رؤية مستقبلية تشمل إصلاح الدستور و المؤسسات وإقامة الضمانات العملية، وتشمل التعليم، والقضاء، والأوقاف، والضمان الإجتماعى، والصحة، والإقتصاد، وإصلاح الوظيفة العمومية والإدارة، والتكنولوجيا الملائمة، والثقافة والإعلام، والأمن الداخلى والدفاع، إلخ... هل من كلمة أخيرة ؟ ككلمة أخيرة، أود أن أتوجه باسم المنبر إلى الشباب الموريتانى والنخبة الملتزمة، أن يفكوا الحصارالمعنوى عن أنفسهم، ويتحرروا من سرابات الخوف والطمع، ويضافروا جهودهم لإعطاء القدوة، ولتحسيس الشعب بالمخاطرالمحدقة، وإقناعه بالضرورة الملحة أن يتغير، متجها نحو تطهير وترميم المحتوى الداخلي للأنفس، كي يستفيد شعبنا من سنن التاريخ التى بها يتم خلاص الشعوب، مصداقا لقوله تعالى إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. أجري الحوار قبل إطلاق سراح المعتقلين الإسلاميين إعداد: حسن السرات