أثار برنامج كاستينغ ستار، الذي أذاعت التلفزة المغربية يوم السبت الأخير حلقته النهائية، استهجانا واستنكارا واسعا لدى المواطنين، وغدا حديث الخاص والعام هو تلك الليلة من المسخ التي أطلت علينا من دار البريهي، وحين نتحدث عن البرنامج المذكور، فإن الأمر لا يتعلق فقط بتلك السهرة الغنائية الماجنة التي نقلت وقائعها القناة المغربية الأولى يوم السبت الماضي، بل الأمر يتعلق ببرنامج انطلقت وقائعه قبل حوالي ثلاثة أشهر، حيث شهد في البداية مشاركة ألفي مشارك ومشاركة في مختلف المدن المغربية، وأفضت الإقصائيات إلى اختيار عشرة متنافسين كانوا قد اجتازوا مختلف مراحل التباري، واحتفظ في النهاية بخمسة منهم، هم الذين قيل إنهم دخلوا حقل النجومية، إذ سيشكلون كما قيل نواة فرقة غنائية مغربية ستسافر إلى فرنسا لاستكمال تدريباتها، تمهيدا لدخول عالم الاحتراف، أما طريقة اختيار هؤلاء النجوم الخمسة فجرت حسب ما زعم القائمون على البرنامج بناء على تصويت الجمهور المباشر، الذي تابع وقائع الحفل في الصالون الملكي لقصر المؤتمرات بمراكش، وعبر تصويت الجمهور الذي تابع وقائع الحفل عبر شاشة التلفزة المغربية، وذلك باعتماد الرسائل الإلكترونية عبر الهواتف الجوالة. في حين أن الله وحده هو الذي يعلم ومن وراء البرنامج بالمعايير التي اعتمدت في اختيار نجمات المستقبل!! الاستياء الواسع من البرنامج المذكور وجد له صدى كبيرا في الصحافة الوطنية التي نشرت تعليقات وتحليلات بينت فيه السقوط الفني والأخلاقي للبرنامج المذكور. التجديد تعيد نشر بعض ما كتبت الصحافة الوطنية في الموضوع، كما تستطلع آراء بعض الفعاليات الفنية وبعض المواطنين(انظر الاستطلاع في الصفحة 18). "الصحراء" 30 شتنبر 2003: "سقطت دار البريهي في إسفاف غريب رمى بسجلها التاريخي على مستوى اكتشاف المواهب والنجوم إلى صناديق القمامة (...) كاستينغ ستار... كشف أيضا عن خلل في مجال التنشيط التلفزيوني، ولعل الأخطاء التي سقط فيها المهدي صاحب برنامج مغرب اليوم تؤكد هذه الحقيقة ...". "الاتحاد الاشتراكي" 29 09 2003: >من البديهي أن يكون لكل برنامج موجه للعموم في الفضاء السمعي البصري خلفية وهدف معينان، يتوخى المخرج إبلاغهما للجمهور مع ضرورة مراعاة طبيعة هذا الجمهور الثقافية والحضارية والدينية. لكن البرنامج (الظاهرة) كاستينغ ستار بإطاره النص مغربي ورؤيته النص غربية وتوجهه الذي يصب في قناة العلب الليلية، يبدو أن صاحبه أصابه ما أصاب الغراب الذي أراد تقليد الحمامة، فأتلف مشيته ومشية الحمامة. فلا هو حافظ على جوهر الفكرة التي استقاها من قناة غربية ولا نجح في توظيفها في قالب مغربي نظيف، بل كل ما أبدعت طاقته (...) فيه هو صنع دمى متحركة جردها من كل روح الإبداع والعطاء والحياء المغربي الأصيل والأذن المغربية النظيفة، وعمل جادا ولمدة ثلاثة أشهر طوال على سلخهم من جلدهم الطبيعي وإلباسهم جلد باربي سطار كما استحمل العناء، كل العناء في تعليمهم كيف يصبحون مستقبلا من الفنانين ذائعي الصيت في خشبات العلب الليلية (...) إن آخر حلقة من مهزلة باربي سطار استطاعت أن تطفو على سطح كل حديث بين عموم المشاهدين المستائين من هذا الشذوذ الفني، الذي لا يرقى بتاتا إلى مستوى الرقي بالأذن الموسيقية والبحث عن المخزون الطاقي الكامن في شبابنا، ومحاولة صقله وتوجيهه للرقي بالأغنية المغربية، احتداء ببرامج كان لها كل الصدى الطيب في هذا المجال كبرنامج مواهب ونجوم ونجوم... فهل تقوى فرقة بلاد فايف على محو هذا الانطباع الذي تركه البرنامج المهزلة كاستينغ ستار في نفوس المغاربة من استياء؟ "الصباح" 30/9/2003:لماذا يا عبد الهادي كاستينغ ستار؟ ما تاقشي بيا... حين قلت إن عبد الهادي بلخياط غنى في السهرة الاختتامية لبرنامج النجوم والأفلاك والكواكب كاستينغ ستار، ما تاقشي بيا، لم يصدقني أحد! ولم أصدق نفسي أيضا وعشرات، بل مئات المشاهدين معي حينما كنا مشدوهين أمام قناة الإتم، نرقب دون حراك أطوار اختيار نجوم فن مغرب الغد! لم نصدق أعيننا ونحن نرى صاحب القمر الأحمر ينزل من القمر إلى الأرض ليغني في حصة تلفزيونية لسنا ندري ماذا نسميها، هل هي سهرة أم مسخرة أم كاميرا خفية وضعت أمام أحد الكباريهات الرخيصة. حكمت علينا ليلة السبت الأخير تلفزتنا العزيزة بحصة إجبارية من التعذيب النفسي، لأنك لن تستطيع على مدى ساعتين، مدة السهرة، أن تحرك جهاز التحكم عن بعد لتغيير القناة، لأنك ستكون في حالة من التنويم المغناطيسي تسأل نفسك فيها بحدة هل أنا صاح أم في كابوس بكل هذه القتامة! إلا أن الحكم كان أقسى حين ستصفعك وأنت في هذا المونولوج المفرغ أنغام يا بنت الناس ليست بصوت إحداهن أو أحدهم، ممن كانوا تسعة موشحين وموشحات بالسواد على الخشبة، ولكن بصوت صاحبها الحقيقي، وبلحمه ودمه وابتسامته العريضة والبشوشة أيضا! فتتساءل كيف تتذوق قطرة ماء عذب وسط مستنقع، أكيد أنها ستكون بلا طعم للأسف!! لماذا يا عبد الهادي خلقت نشازا داخل هذا البرنامج؟ لماذا تجعل نفسك نقطة واحدة مضيئة فيه، لتظلم بحضورك إليه نصاعة وضياء إحدى أجمل أغنياتك؟ ما كانش العشم يا عبد الهادي كما يقولونها بالمصرية، أن نراك ليلة السبت وقد نزلت من القمة إلى السفح لتكون ضيف شرف سهرة تضع الشرف تحت الأحذية... شرف الفن الأصيل، وشرف الأغنية المغربية، وشرف أهرامها ممن قلدوا أغانيهم وألحانهم بتلك الطريقة البشعة، وهم في قبورهم أو يعيشون في أرذل العمر، وشرف وشرف... كان أولى أن تنادي يا بنت الناس وسط كل بنت من أولائك البنات المضحوك عليهن، وتهمس في أذنها بأبوة ما هكذا يؤكل الفخذ... وأنت سيد العارفين بالأمس القريب فقط لم نكن نراك إلا في أمهات البرامج، وكنا نفاخر بك أنفسنا ومغربيتنا ونحن نشاهدك على القنوات العربية والعالمية تغني بعودك الوقور وتسافر ألحانك معك في كل الدنيا، واليوم يحز في أنفسنا أن يجرك قطار الحياة إلى حفرة، عفوا، سهرة نستعر أن نقول إن من كانوا فيها مغاربة أو فنانون، حتى يطربوننا بالغناء على المغرب ويعلموننا الوطنية على أنغام ما تقيش بلادي... من حضرت بينهم يا قطب الأغنية المغربية يتفننون في إهانة كل كلمة وكل لحن أصيل نسجت به أغنيتك وثوبك الفني النظيف، حضورك بينهم يا اللي ما منك زوج ونقولها صادقين، كان إهانة لك ويؤسفنا أن نشعر بها، ولأننا نحبك نقولها لك، شعرنا بالإهانة بدلا عنك! أنت في غنى عن الحضور إلى برنامج كهذا، لست فنانا مبتدئا تبحث عن الشهرة، ولا واحدا منهم اختلطت لديك المفاهيم فلم تعد تميز بين الفن والعفن، أنت أب وأستاذ وهرم، ومن حقك بل من واجبك أن لا تحضر إلى أي برنامج وأن لا تقع في هذه المزالق الخطيرة، لأن لمحبيك ومحترميك عليك حقا. ونتمنى أن تكون هذه كبوة جواد أصيل، وسماح هذه المرة، لأنه فعلا ما منك زوج يا عبد الهادي... "الأحداث المغربية" 29 9 2003: ويكفي أن تشهد الأحداث المغربية وهي التي ما فتئت تدافع عن كل شذوذ فكري وفني وسلوكي ضد هذا البرنامج كي نعرف مقدار الرداءة التي وصل إليها البرنامج المذكور، وذلك حين قالت عنه في عددها ليوم الإثنين (30 شتنبر 2003): >استنجد البرنامج/التحفة كاستينغ ستار لإنقاذ حلقته الأخيرة التي بثت بحمد الله ليلة السبت الماضي بمنشط من العيار الثقيل والثقيل جدا على القلب وعلى الروح، وعلى كل مكونات الجسد، فكانت النتيجة المتوقعة التي أكدها المثل العربي منذ القديم، التي تشير إلى أن الغريق حين يستنجد بالغريق، يشربان من الماء، ومن الرحيق الآخر الذي يخرج من أفواه الغاضبين، والذي يسمى البصاق حتى يشبعان. عودة إلى برنامج رديء بالمعنى السلبي للرداءة، لا يشفع للناس معه إلا أنه انتهى ومضى إلى حال سبيله، بعد طول عذاب، وطول معاناة، لا يعرف من سيتحمل وزر ذنوبها في نهاية المطاف...