تعاون أمني بين المغرب وإسبانيا يطيح بإرهابي موال ل"داعش"    المغرب يعزز مكانته كمركز جوي عالمي: انطلاق أشغال محطة جديدة بمطار محمد الخامس    المغرب يدين بأشد العبارات خرق وقف إطلاق النار وتجدد الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة    أمن الرباط يوقف سائق سيارة دبلوماسية لوّح بمسدس بلاستيكي في وجه سائق طاكسي    أرباح "سنلام" 418 مليون درهم    السياسة الخارجية الجزائرية: بين تناقض المواقف وضغوط المصالح    إسرائيل توسع العملية البرية في غزة    4 ملاعب مغربية تحتضن "كان U17"    هذه تفاصيل أشغال مجلس الحكومة    عمرو خالد: هذه شفاعات كبرى للنبي صلى الله عليه وسلم تنجي من أهوال يوم القيامة    رئيس الحكومة يترأس مراسم التوقيع على اتفاقية استثمارية مع المجموعة الصينية "صنرايز" الرائدة في صناعة النسيج    وزان .. حجز 94 ألفا و728 قرصا مخدرا وثلاثة كلغ من الكوكايين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    بحرية سبتة تنتشل جثة في مرحلة متقدمة من التحلل    مجلس الحكومة يصادق على مرسوم يتعلق بمدونة السير    مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي .. المغرب يدعو إلى ذكاء اصطناعي إفريقي أخلاقي وسيادي    سجن عكاشة يرد على ادعاءات سجين سابق    العتاد المتهالك للجيش الجزائري يستمر في حصد الأرواح بعد تحطم طائرة سوخوي    الفيدرالية المغربية للإعلام والمرصد المغربي لمكافحة التشهير والابتزاز يناديان بإيقاف نزيف الانتحال والرذاءة واللامهنية في الصحافة    المغرب يدعو إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل    المحكمة الإدارية بالرباط تعزل رئيس مقاطعة حسان إدريس الرازي    أخبار الساحة    اليابان أول المتأهلين لكأس العالم 2026 لكرة القدم    فنلندا أسعد دولة في العالم للمرة الثامنة على التوالي    المغرب يمنع رسميا ذبح إناث الأغنام والماعز حتى نهاية مارس 2026    التساقطات الأخيرة.. تأثير إيجابي على الفلاحة وواردات مائية مهمة رغم استمرار العجز    بوعلام صنصال يواجه 10 سنوات سجنا    القسام تقصف تل أبيب برشقة صاروخية    تأجيل محاكمة مبديع إلى أبريل المقبل    مستجدات محاكمة كريمين والبدراوي    سؤال الجمال    الراضي وهبة محمود تضعان خارطة الطريق للتعاون الثقافي المغربي – المصري    أساتذة "الزنزانة 10" يهددون بالرباط بإضراب مفتوح بسبب ملف الترقية    دراسة: محبي السهر أكثر عرضة للتفكير السلبي والاكتئاب    عمر الهلالي يكشف تأثر والديه بعد استدعائه للمنتخب المغربي    التوازن بين العقل والإيمان: دعوة لفهم شامل وعمق روحي.. بقلم // محمد بوفتاس    الأمم المتحدة.. بنيويورك، التنديد بانتهاكات حقوق النساء في مخيمات تندوف    عرض الفيلم المغربي "مطلقات الدار البيضاء" بالبنين    تصفيات مونديال 2026: الصحراوي والطالبي يلتحقان بمران المنتخب عشية مباراة النيجر بعد تعافيهما من الإصابات    بعد 15 سنة من العطاء…اعتزال مفاجئ للمخرج المصري محمد سامي للدراما التلفزيونية    تركيا على صفيح ساخن بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول ومستقبل أردوغان على المحك    2025 سنة التطوع: بواعث دينية ودوافع وطنية    توقيف شاب ببيوكرى للاشتباه في تورطه في السياقة الاستعراضية وتعريض مستعملي الطريق للخطر    الصيام في رمضان.. علاج للروح وفوائد جمة للجسد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    هذه تدابير مفيدة لجعل المنزل ملائما لمرضى الحساسية    محكمة ألمانية تقرر تسليم "بودريقة" للمغرب    مدرب إسبانيا لا يرى أي مشكلة بصوم لامين جمال    السعودية تفرض على الحجاج الجزائريين تقييم نفسي إجباري    المؤسسة الإعلامية " موروكو ميديا نيوز" وشركائها توجوا الفائزين والفائزات في تجويد وترتيل القرآن الكريم بأكادير    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    عمرو خالد: هكذا يمكن تفادي الصراع والصدام واللجوء إلى الحوار والوئام    استئصال اللوزتين يحمي الأطفال من اضطرابات التنفس أثناء النوم (دراسة)    الدراما المغربية بين النمطية والإنتاج القصير: هل حان الوقت للتغيير؟…ناقد فني يجيب "رسالة 24"    مراكش الحمرَاء التاريخ فى سكُون    اليوم العالمي للشخير    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل ستصمد الأغلبية الحكومية بعد نتائج انتخابات مكاتب المدن الكبرى
نشر في التجديد يوم 26 - 09 - 2002

خلف النتائج الرقمية لعدد الجماعات التي ترأسها هذا الحزب أو ذاك، تنبعث عناصر أزمة سياسية، ستجعل من الأغلبية الحكومية الضحية الأولى لنتائج اقتراع 12شتنبر بعد أن جرى التهليل مباشرة بعده بأنها الفائزة الأولى فيه، حيث تؤكد المعطيات المتتالية حول نتائج انتخابات رؤساء المجالس الجماعية للمدن الأساسية وكذا مجالس المدن الست الكبرى، تشكل خريطة سياسية جديدة مغايرة للخريطة التي أفرزتها نتائج الانتخابات الجماعية، ذلك أن نتائج المدن الكبرى، سواء منها التي تخضع لنظام وحدة المدينة أو باقي المدن التي سيتكفل بتدبيرها مجلس جماعي موحد، شكلت زلزالا حقيقيا لما يدعى بالأغلبية الحكومية أو بأحزاب الكتلة وهزيمة سياسية قاسية لها، وجعلت من الصعوبة توقعها بإعمال المقاييس الإيديولوجية، أو التقسيمات السياسية المسبقة، أو التصنيفات التقليدية، بل إن منطق المال والعلاقات الزبونية والولاءات الشخصية شكل العنصر الحاسم في تدبير مرحلة ما بعد 12شتنبر، إلا من استثناءات محدودة، وهو ما يفرض مراجعة القراءات السياسية التي تم الترويج لها مباشرة بعد النتائج، كما يحتم العمل على استخلاص الدلالات السياسية الكبرى لها.
يمكن القول أن هناك خلاصتين أساسيتين لمجل تطورات المسار الانتخابي:
- انهيار عملي للأغلبية الحكومية وعجزها عن تدبير تحالفات منسجمة وقادرة على ربط تدبير الشأن المحلي ببرامج العمل الحكومي، فشل اليسار في ضمان موقعه الريادي في جل المدن الكبرى،
- فشل مخططات عزل العدالة والتنمية وعرقلة جهوده للمساهمة في تدبير الشأن المحلي، وبروز تحديات جديدة.
انهيار عملي للأغلبية الحكومية
تقدم الحالات الست المرتبطة بالمدن الكبرى وخاصة بكل من الدار البيضاء والرباط وسلا وفاس وطنجة ومراكش العطب البين الذي أصاب جسم الأغلبية الحكومية واشتداد الصراع الداخلي بين مكوناتها من جهة أولى، والأزمة العميقة التي يعرفها جسم الكتلة الديموقراطية وهشاشة التحالف المؤسس لها من جهة ثانية، فباستثناء مدينة فاس، والتي رغم فوز حزب الاستقلال فقد قوبل باحتجاج شديد من قبل حزب الاتحاد الاشتراكي بمعية حزب العدالة والتنمية، فإن الحزبين الرئيسيين في الحكومة- الاتحاد الاشتراكي وحزب العدالة والتنمية- لم يفوزا بأي من المدن الخمس المتبقية، كما احتلا موقع المعارضة في كل من الرباط والدار البيضاء وسلا ومراكش.
وقد شكلت حالة الدار البيضاء النموذج الصارخ، حيث تجاوز الأمر مسألة اتفاق بين هذا الحزب أوذاك في الأغلبية الحكومية، وذلك بدخول الوزير الأول إدريس جطو بنفسه في المعادلة، ورعايته لاتفاق سياسي بين الأطراف المكونة للأغلبية الحكومية يقضي بأن يؤول منصب عمدة مدينة الدار البيضاء إلى مرشح حزب الاستقلال، ليفاجأ الجميع بفوز مرشح حزب الاتحاد الدستوري وبأغلبية ساحقة دلت على وجود اختراق حتى في صفوف الأحزاب التي تعتبر نفسها محصنة، والمعطيات التي قدمها خالد عليوة في ندوته الصحفية دالة على عمق الأزمة التي أصابت جسم الأغلبية الحكومية، وتطرح أكثر من تساؤل عن وجود جهة ما عملت على إلحاق تلك الهزيمة المفاجئة لقطبي الحكومة، والتي يظهر أن تداعياتها السياسية لن تنهي عند حدود الدار البيضاء.
ففي الوقت الذي أفضت فيه النتائج العامة باحتلال الواقع كل من حزبي الاستقلال ب 205 والاتحاد الاشتراكي ب 200 بما يجعلهما لصدارة الأحزاب القائدة للجماعات المحلية بالمغرب، والمقدر عددها ب 1479 جماعة ، نجد أن الحزبين فقدا غالبية المدن الرئيسية التي كانت تخضع لسيطرتها وتدبيرهما في المرحلة السابقة، كما خرجا من دائرة التنافس على أغلب المدن الرئيسية بالبلاد، وجعل من النتائج المحققة في المدن الهامشية نتائج ثانوية لا تسعف في الحفاظ على المصداقية السياسية للأحزاب العتيدة، كما أنها عمقت من حدة الصراع بين مكونات الأغلبية الحكومية وأذهبت البقية المتبقية من الثقة الهشة بين أطرافها، وتكشف عن عمق الأزمة الكامنة فيها، وهو ما يمثل زلزالا سياسيا للجهاز الحكومي يفضح عجزه عن تدبير الملفات الكبرى للبلاد، ويعزز من صدقية النقذ الحاد الموجه للعمل الحكومي.
الواقع أن المغرب يقف على أعتاب أزمة حكومية بالغة تفرض التفكير الجدي في تغيير التحالف القائد للسلطة التنفيذية ومراجعة الأرضية التي تحكم العلاقات بين مكوناته.
وترتبط بالخلاصة السابقة ما لوحظ من فشل لليسار بمختلف مكوناته في ضمان موقعه الريادي في جل المدن الكبرى، وهو فشل لا يتوقف عند حدوده المحلية، بل هو فشل سياسي يطرح شرعية استمرار بقاء رموزه وقيادييه في البنية الحكومية وفي مواقع حساسة منها ذات تأثير وازن في صياغة السياسات العمومية للدولة، ويحتم بالتالي تصحيح هذا الاختلال غير السوي، بل يمكن القول أنه في حالة عدد من قوى اليسار فإن الحملات الانتخابية اكتست طابعا سياسيا يربطها بتداعيات الاستغلال الآثم لتفجيرات 16ماي ضد حزب العدالة والتنمية، مما جعل هزائمها ذات دلالة سياسية هي الأخرى.
تحديات أمام العدالة والتنمية
أما الخلاصة الثانية لمحصلة انتخابات مكاتب المجالس فترتبط بالفشل الذريع لسياسة عزل العدالة والتنمية عن المنتظم السياسي والحيلولة دون انخراطها في تدبير الشأن المحلي، واعتماد ذلك آلية لمحاصرتها ونبذها، ذلك أن قيادة عملت إلى التدبير المرن لهذا الملف وعملت على اختراق عدد من التحالفات المضادة له، ونسج تحالفات متعددة، وعدم الارتهان لقيود سياسية واشتراط قاعدة الأصلح، بمعايير نسبية لكنها ضمنت الحفاظ على انضباط أعضاء الحزب، مما جعل عموم نتائجه مشرفة تنسجم مع النتائج النوعية التي حققها في مناطق الاقتراع اللائحي، مما جعل الحزب رقما صعبا في جل التحالفات الكبرى، كما كانت خسائره لا تتعدى بضعة مدن (القنيطرة وبني ملال وتزنيت وفاس على وجه الخصوص)، وتمكن من احتلال قيادة ما يناهز عشرة مدن، وضمن المساهمة في تدبير ثلاث مدن من المدن الست (الدار البيضاء وسلا والرباط)، وهو ما تبينه قائمة الجدول الذي ننشره في هذا العدد( انظر الجدول في الصفحتين 4).
تبرز المعطيات السياسية السابقة أن الحزب على أعتاب مرحلة سياسية جديدة من حيث تحسن وتقوي وضعيته في الساحة السياسية الوطنية، ومن حيث تصاعد احتمالات رفع درجة مساهمته في تدبير الشأن العام الوطني، وهو ما يعني أن الحزب مطالب ب الانكباب الجدي لتقويم حصيلة المرحلة واستشراف مستقبلها وتحديد نوعية مساهمة الحزب فيها، وهي مسؤولية جسيمة مطروحة على قيادة الحزب، وذلك من أجل تدبير عدد من الملفات وخصوصا المرتبطة بالدخول البرلماني الجديد، والاستعداد لانتخابات مجلس المستشارين، وحسم إشكالية التحالفات السياسية التي أعاق عدم حسمها في السابق عملية التحالفات بعد الاقتراع، وملف العلاقة مع الجهاز الحكومي، فضلا عن الاستحقاقات الداخلية المرتبطة بتأهيل البنية التنظيمية ورفع كفاءتها المؤسساتية في توجيه عمل الحزب وتدبير مبادراته.
مصطفى الخلفي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.