عندما اختتم المؤتمر الدولي للشباب، الذي انعقد بالمغرب نهاية شهر غشت الماضي، شهدت أشغاله جوا مشحونا بالتوتر حول طبيعة المشاركة الاسرائيلية، فمنذ بداية المؤتمر والاحتجاجات مستمرة ومتتالية على وجود وفد جاء ممثلا ل "منظمة طفل السلام العالمية" بالكيان الصهيوني، ابتداء من احتجاجات مجموعة من الهيئات المنضوية تحت لواء منتدى الشباب للألفية الثالثة كجهة منظمة للمؤتمر، ومرورا بتمزيق الشباب المغربي لأقمصة الوفد الصهيوني التي عرضها للبيع مكتوبا عليها باللغة العبرية أرض السلام، وانتهاء بمنع ممثل الوفد من التصويت على إعلان البيضاء، هذه الاحتجاجات دفعت المنظمين إلى الاعتذار كل مرة عما سببه هذا الوفد من مشاكل واستفزازات لمشاعر المسلمين عموما والفلسطينيين والمغاربة خصوصا. واندلع الجدل حول هذا الحضور في أول يوم للمؤتمر، حيث رحب دافيد ولكومب بالوفد الصهيوني وشكر المغرب على استضافته وأظهره كوفد مضطهد، لكونه تكلف أعباء السفر من أجل الحضور للمؤتمر الذي انعقد تحت شعار تسامح تضامن تنمية مستدامة، هذا الترحيب أثار استياء المغاربة والفلسطينيين والعرب عموما، فاحتج المغاربة لدى الجهات المنظمة ليتم الاعتذار في اليوم الموالي، وبعد مضي أيام، اندلعت الاحتجاجات من جديد عندما عرض الوفد الصهيوني أقمصة للبيع مكتوبة باللغة العبرية وتحمل عبارة أرض السلام، وتم سحبها لتعرض من جديد في آخر أيام المؤتمر، فاحتج المغاربة بطريقة أخرى، حيث قاموا بتمزيق الأقمصة وقام أحدالإسرائيليين بضرب شاب مغربي حمل على إثرها لمصحة المؤتمر، هذا التصرف أثار استياء الشباب المغاربة، معبرين عن سخطهم بقولهم :كيف يعقل أن يضرب إسرائيلي مواطنا مغربيا في عقر داره. كما قام الاسرائيليعصام داوود في الأيام الأولى من المؤتمر بوضع معجون الأسنان في أذن شاب مغربي وهو نائم، ولطخ ثيابه بالمداد. وجاء تصرف الإسرائيلي، الذي كان يقيم بغرفة مجاورة للمغربي الذي لايتجاوز عمره 15سنة، كرد فعل عن سؤال وجهه له الأخير إن كان بلده فلسطين أم إسرائيل. الاحتجاجات ضد وفد الكيان الصهيوني استمرت إلى آخر يوم من المؤتمر حيث دعا دافيد ولكومب شريك منتدى الشباب المغربي للألفية الثالثة إلى تمتيع الوفد الصهيوني بحق التصويت على إعلان الدارالبيضاء، في جلسة مغلقة حضرها ممثلوا الدول للتصويت على الإعلان ومنع من حضورها الصحافيون، فعارضت الوفود العربية الاقتراح معتبرة أن الاسرائيليين الثلاثة الذين حضروا المؤتمر إنما حضروا بوصفهم يمثلون فرع منظمة طفل السلام العالمية بإسرائيل، وليس كوفد رسمي يمثل الكيان الصهيوني. ومع بداية لقاء التصويت على الإعلان تدخل دافيد ولكومب رئيس منظمة طفل السلام العالمية مطالبا بالسماح لممثل اسرائيل بالمشاركة في الاجتماع وتمتيعه بحق التصويت، إلا أن الشاب المغربي يونس السكوري عارض هذا الاقتراح، مذكرا دافيد بالالتزام خلال التحضير للمؤتمر بعدم مشاركة الكيان الصهيوني لكون المغرب مقاطعا هذا الكيان دبلوماسيا، ودعا السكوري ولكومب إلى السهر على الوفاء بهذا الالتزام. وأمام المعارضة المغربية تدخل بعض المشاركين مطالبين بطرح اقتراح إشراك اسرائيل للتصويت، ومرة أخرى تدخل السكوري موضحا أن الاجتماع مخصص لممثلي الدول بينما الوفد الإسرائيلي يمثل جمعية مدنية و لايمكن السماح لهم بالمشاركة في وقت حرمت كل هيئات المجتمع المدني مند التصويت الذي هو حق لممثلي الدول فقط. ولوح منتدى الشباب للألفية الثالثة بالانسحاب من الجلسة في حالة ما إذا عرض أمر مشاركة إسرائيل للتصويت لأن الأمر التزام ولا يحتاج إلى تصويت. ومن الأمور البارزة التي أثارت الخلاف في إعلان البيضاء،، مسألة التعامل مع الشواذ جنسيا، حيث دعا وفد أمريكا الاتينية وبعض ممثلي بعض الدول الأوروبية إلى تضمين ديباجة إعلان الدارالبيضاءعدم التفريق بين التوجهات الجنسية فعارضت الوفود العربية وبعض الوفود الأجنبية هذا الاقتراح معتبرين هذه الظاهرة لاتنص عليها حتى الأممالمتحدة فبالأحرى إعلان البيضاء، هذه المعارضة التي لقيت تجاوبا كبيرا من قبل الشباب دفع بالمطالبين بالمثلية الجنسية إلى تعليق لافتات كتب عليهاالمؤتمر تمثيلية، كما أن هؤلاء لم يصوتوا لصالح إعلان البيضاء الذي صوت عليه بالإجماع. من خلال متابعة المؤتمر الدولي للشباب تبين أن الشباب المغربي باختلاف شرائحه سواء الذي ينتمي لأحزاب سياسية أو لجمعيات المجتمع المدني أو الشباب غير المنضوي تحت أي لواء يعارض التطبيع مع الكيان الصهيوني، وأظهروا تعاطفهم مع الوفد الفلسطيني، فمن خلال مجموعة من اللقاءات مع الشباب المغربي تبين أن رفض الصهيونية ورفض التطبيع مع الكيان الغاصب قناعة لدى كل مواطن مغربي أصيل. خديجة عليموسى