إن تأسيس مكتبة منزلية في منزلك من الوسائل التي تساعد على التنمية، و تشجيع القراءة لدى أبنائك، فالطفل منذ سنواته الأولى يبدأ بحمل الكتاب المخصص لعمرهِ، فيألَف وجودهُ، و يعرفُ كيف يتعامل معه، و يراهُ كل يومٍ في المكتبة، فيصبح الكتاب جزءا من حياته اليومية، وحين يكبر قليلاً تزداد هذه العلاقة، و تكبر من خلال شرائه للكتب المحببة له ذات الألوان، و الرسومات الممتعة، و هكذا يكبر حتى يستطيع اختيار الكتاب المفيد، والمناسب له، وهذه العلاقة بين الطفل والكتاب تنمو من خلال مكتبة المنزل. المكتبة ليست فقط لتكمل ديكور المنزل وأناقته، بل هي جزء من تاريخ الأسرة، تبدأ صغيرة مع العائلة الصغيرة المكونة من شخصين، ثم تكبر مع ازدياد عدد أفرادها، و تختلف مواضيع كتبها باختلاف أعمارهم و اختياراتهم. هذه المكتبة هي التي تربط أبناءكِ بعالم الكتب والمعلومات واللغات؛ لذلك فإن اختيارك لما تحويه من كتب، و طريقة شرائها، وعرضها، هي سبب نجاح هذه العلاقة، وتطورها، بل هي سبب تكوين أسلوب حياة طفلك حيث تظهر العديد من البحوث، والإحصائيات نتائج وأرقام تشير إلى علاقة طردية بين حجم المكتبة المنزلية ونجاح الطفل الأكاديمي. وفي إحدى هذه الدراسات أن الطفل المولود لعائلة غنية بالكتب، لديه فرصة عشرين بالمئة أعلى لإكمال الجامعة من طفل يعيش في بيت لا توجد فيه مكتبة! وفي هذه المكتبة يجب أن تتوفر الكتب الأساسية لأي مكتبة، مثل: عدة نسخ من القرآن الكريم، و تفاسيره، و بعض الموسوعات الفقهية، و العقدية، والسيرة النبوية، و العلمية، والجغرافية، وغيرها. أما بقية الكتب فيُفضل أن يختار كل فرد من العائلةِ ما يحب من الكتب ليقرأَها، ولذلك فإن زيارة العائلة للمكتبة بين الحين والآخر تشجع أفراد العائلة على اختيارِ الكتب التي يحبونها، وتكوين مكتبتهم كما يريدون. شجعي طفلكِ على اختيارِ الكتاب المناسب لعمرهِ، والتنويع في الموضوعات، كأن يختار قصص الأنبياء، و الصحابة، والسيرة النبوية، و الموسوعات العلمية المخصصة للأطفال، بالإضافةِ لما يختار من كتب أخرى. و لا تشتري عددا كبيرا من الكتب في وقتٍ واحد، حتى يتسنى له قراءتها جميعاً في فترة قصيرة، ثم الذهاب مرة أخرى للمكتبة لشراء الجديد من الكتب. اكتبي اسم الطفل على الكتاب، ليشعر بملكيتهِ للكتاب، و أشعريهِ بأهميةِ الحفاظ عليه، و لو بعد سنوات. اطلعي على الكتابِ قبل شرائه، و تأكدي أن محتواه يناسب ابنك، و اعزلي كتب الكبار عن كتبِ الأطفال برفوف خاصة لكل منها، أو مكتبة خاصة. و حتى تشجعي طفلكِ على الاستفادة منها، و الاستمتاع بتجربة القراءة، حاولي أن تقرأي له الكتب، أو يقرأها عليك، و لتكن هذه اللحظات في أجمل مكان في المنزل، و أهدأه، واجعليها لحظات ممتعة حتى ترتبط القراءة لديه بالأوقات الجميلة، و المميزة، فالقراءة ليست درساً، أو واجباً، بل هي تجربة مشتركة بين شخصين، أو أكثر، و من الجميل أن يقرأ الأطفال الأكبر سناً للأصغر ومناقشة ما يقرأون بينهم. و أخيراً فإن أقصر طريق لترغيب أبنائك بالقراءة وتكوين مكتبتهم الخاصة هو ممارستك لذلك أمامهم و جعله أسلوب حياتك، لما لها أثر كبير جداً على الأبناء، لأنهم عادة يحبون تقليد آبائهم وممارسة الحياة على طريقتهم.