بدائل العقوبات السالبة للحرية هي وضع لحلول مسطرية وعقابية بديلة للعقوبات التقليدية و بعيدا عن الاختلاف الواقع بين من يعتبر أنه لاضرورة لأي بدائل عقابية، وأن السجن يبقى هو العقوبة المثلى، وبين اتجاه آخر يعتبر أن السجن ليس هو الحل الوحيد للعقاب، وأنه لا يجب اللجوء إليه إلا عند الضرورة القصوى و لكن مع ذلك ينبغي الاعتراف أن وضع بدائل للعقوبة السالبة للحرية يبقى محفوظا بالمخاطر،ونادرا ما حلت هذه البدائل صراحة محل عقوبة الحبس، ويشكل طرحها محطة تكوينية للقضاء و للرأي العام تمكن على المدى البعيد من ظهور نظام جنائي أكثر إنسانية. وتوظيف هذه الفلسفة الجديدة على مستوى العقوبات السالبة للحرية يجب وضعه في إطار واسع يروم إصلاح العدالة الجنائية، وبالتالي عاملا أساسيا في الإستراتيجية العامة للإصلاح القضائي . وبالنسبة للقانون المقارن نجد أن القانون الفرنسي اعتبر صراحة أن السجن ليس هو الحل الوحيد للعقاب ، وأنه يجب أن يطبق بشكل استثنائي و ليس كقاعدة عامة. وهذا ماجعله يلغي العقوبة السالبة للحرية بالنسبة للجنح البسيطة بحسب مقتضيات الفصل 131 من القانون الجنائي الفرنسي، أوعندما يكون الضرر الحاصل للضحية في طريقه إلى الجبر أو التعويض أو يكون الإضراب الاجتماعي الناجم عن المخالفة قد توقف أو لما يظهر أن العقوبة قاسية كما ينص على ذلك الفصل 132من القانون المذكور أعلاه وهناك عدة أنواع من البدائل بالنسبة للجرائم البسيطة مثل: .العمل لفائدة المصلحة العامة: وله ميزتين ايجابيتين أولها أنه يلزم صاحبه بفعل عمل ما بدل السجن،و ثانيهما الإدماج داخل المجتمع و هو مايجعل الشخص المدان أكثر سعادة بوضع إمكانياته لفائدة المجتمع ويعهد الى قاضي التنفيذ تتبع سلامة تنفيذ العمل لفائدة المصلحة العامة. ومن أمثلة هدا العمل أعمال الكنس و صيانة الحرائق و المنتزهات و العمل داخل الإدارة. .الوضع تحث المراقبة الإليكترونية: أو مايسمى بالسوار المغناطيسي يتم بموجبه وضع المدان تحث المراقبة الإلكترونية بواسطة سوار يرسل إشارات الى المصالح المكلفة بالمراقبة كلما تجاوز المدان الدائرة المحددة له من طرف قاضي تنفيذ العقوبات. و إلى جانب ماذكر هناك بدائل أخرى كالوضع في الفضاء الخارجي ، نصف الحرية وقف و تخفيض العقوبة ، رخص الخروج تحث الحراسة، الإفراج الشرطي، المتابعة الاجتماعية القضائية. ومن المعلوم أن القانون المغربي جاء شبه خال من أي تدابير تنص على إعمال بدائل العقوبات السالبة للحرية خاصة أثناء جريان المسطرة كنظام المراقبة القضائية الذي يمنح كبديل للاعتقال الاحتياطي،وأيضا الإفراج المقيد وبعض التدابير الأخرى التي تؤكد بالملموس عدم وجود فلسفة تشريعية واضحة لدى المشرع المغربي بخصوص العقوبات البديلة للسجن .مع العلم أننا نجد في المغرب على سبيل المثال أن من بين الأشخاص الذين يتم اعتقالهم يتم الإفراج على عدد منهم دون أن تصدر في حقهم عقوبة سالبة للحرية ، و هكذا فخلال سنة 2003تم الإفراج على مجموعه من 17715 معتقلا من الوافدين على المؤسسات السجينة موزعين بحسب القرارات الصادرة في حقهم سواء بالسراح المؤقت أوبعدم المتابعة أوسقوط الدعوى العمومية أو بالبراءة أو بالإعفاء من المسؤولية أو بالحبس الموقوف التنفيذ .وكان حريا العمل ما أمكن على تفادي إيداع هذا العدد الكبير من الأشخاص في السجن، والتخفيف بالتالي من ظاهرة الاكتظاظ التي تعرفها السجون في المغرب لاسيما في ظل انعدام وجود سياسة إصلاحية و إدماجية داخل المؤسسات السجينة. من أجل ذلك يبقى على المشرع أن يتدخل على وجه الاستعجال من أجل إدخال تعديلات على القانون الجنائي من أجل ترسيخ مجموعة من البدائل التي تكون أفضل من السجن، لاسيما في بعض الجرائم البسيطة التي تغيب فيها الخطورة الإجرامية لدى الأشخاص المدانين ، مع ضرورة الاستهداء طبعا بالتجارب المقارنة لوضع فلسفة و إستراتيجية عامة و شاملة تروم إصلاح الجانب العقابي خاصة، وإصلاح العدالة ومايتعلق بتصريفها بشكل جيد بشكل عام.