قال السعيد بورحي رئيس رابطة الأمل للطفولة المغربية إنه غير مرتاح لوضعية الطفولة المغربية بالنظر إلى عدد من المؤشرات المقلقة مشيرا في حوار مع «التجديد» إلى غياب جهود متناسقة لبلورة استراتيجية واضحة مبنية على خطة محددة الأهداف من أجل تحسين وضعية هذه الفئة. وأكد بورحي على ضرورة الحرص على تفعيل مبادئ الحكامة الجيدة عند تأسيس المجلس الاستشاري للأسرة والطفل والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي. ودعا بورحي إلى تفعيل عدد من الآليات من أجل وضع حد للريع الجمعوي حتى يكون المجتمع المدني باعتباره السلطة الخامسة مجالا للتطوع وخدمة للمجتمع بشكل نزيه بعيدا عن الأطماع والمصالح الشخصية. وبخصوص علاقة وزارة الشبيبة والرياضة والجامعة الوطنية للتخييم، قال بورحي عضو الجامعة المذكورة إن سياسة الوزارة غير واضحة في ظل عدم تواصل الوزير الجديد مع الجامعة رغم أنها شريك للوزارة في مجال تدبير العملية التخييمية وقال بورحي إنه في ظل الارتباك الحاصل يقترح و عددا من الفاعلين في المجال أن يتم توقيف نشاط التخييم لمدة ثلاث سنوات على الأقل حتى يتم تأهيل مراكز التخييم بإصلاح المراكز الحالية وإحداث مراكز جديدة نموذجية وذات مردودية مهمة للأطفال. ● حاورته سناء القويطي ● تشتغلون في مجال الطفولة منذ سنوات، كيف ترون واقع الطفولة المغربية ومستوى حضورها في السياسات العامة للدولة؟ ❍ مرحلة الطفولة هي مرحلة أساسية في عمر الإنسان بل في عمر الأمة، لأن فيها ترسم الخطوط الكبرى والتوجهات الأساسية للمستقبل، وأعتقد أنه بقدر ما توليه الحكومة والأمة والمجتمع من اهتمام لهذه الطفولة بقدر ما تصنع ازدهارها ومستقبلها، إلا أن المتأمل في الطفولة المغربية يرى أنها تعيش وضعية صعبة، فرغم المصادقة على الاتفاقيات الدولية المرتبطة بالطفل ورغم الجهود المبذولة في مختلف القطاعات المتدخلة ورغم البرامج والسياسات التي تستهدف الطفولة إلا أنها تبقى فعلا وضعية صعبة وحرجة تحتاج إلى حراك شعبي ورسمي يعيد الاعتبار لهذه الفئة لأنها هي التي تصنع المستقبل. وإذا أردنا أن نقف على بعض المؤشرات السلبية التي تترجم واقع الطفولة المغربية، نجد أن الأرقام التي تطالعنا يوميا عبر وسائل الإعلام تجعلنا كمهتمين نشعر بالألم الشديد بل المرير على وضعية الطفولة المغربية، إذ نسجل ارتفاع عدد أطفال الشوارع والأطفال المتخلى عنهم والأطفال الذين يوجدون فيما يسمى مراكز إعادة التربية والتأهيل مع ما تعانيه هذه الطفولة من ظروف مزرية بسبب الاكتظاظ وسوء التدبير والتسيير وقلة الموارد البشرية المكونة والمؤهلة، إلى جانب ارتفاع عدد ضحايا الاستغلال الجنسي وارتفاع عدد أطفال الأمهات العازبات، وارتفاع عدد الأطفال الذين يزج بهم في سوق الشغل لأسباب مختلفة، وارتفاع عدد ضحايا التنصير إلى غير ذلك من المؤشرات التي تجعلنا غير مرتاحين لوضعية الطفولة. وبالنسبة لحضور الطفولة على مستوى السياسات العامة للدولة هناك الاستراتيجية المسماة بمغرب جدير بأطفاله، واستراتيجية وزارة الشبيبة والرياضة إلى غير ذلك من المحاولات المتناثرة، إذ لا توجد جهود متناسقة لبلورة استراتيجية واضحة مبنية على خطة محددة الأهداف ومُسطرة وواضحة، حتى أن تعاقب الوزراء على هذه القطاعات يجعل من هذه الاستراتيجيات غير مستقرة ومتذبذبة كل يراها من زاويته، وتبقى الطفولة بطبيعة الحال تتذبذب بين هذه الاستراتيجيات. ● ما هي رؤيتكم في رابطة الأمل للطفولة المغربية بخصوص المجلس الاستشاري للأسرة والطفل و المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي؟ و ماهي القيمة المضافة لهذه المجالس؟ ❍ الدستور الجديد أعطى إشارات للمستقبل و لصدق نوايا الإصلاح والتغيير، وذلك من خلال التنصيص على تأسيس هذين المجلسين، وقد جاءا نتيجة الحراك المغربي الشعبي السلمي إلا أننا بخصوص المجلس الاستشاري للأسرة والطفل نتخوف من الخرجات الإستباقية لبعض الهيئات بتنظيم ندوات حول الأهداف وطريقة التأسيس، كما أن هذا الاسم فيه نوع من الغموض وقد يكون ملغوما، فالاسم هو «المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة» ونتساءل هنا لماذا تخصيص الطفل رغم أنه يعتبر جزءا من الأسرة، لذا نقترح أن يضم هذا المجلس قسما للأسرة وآخر للطفولة حتى لا تضيع حقوق هذه الفئة مع حقوق الأسرة، كما نتخوف من الأرضية التي ستؤطر هذا المجلس وقد حضرت اليوم الدراسي الذي نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان بخصوص تصور عدد من الفاعلين ورؤيتهم لهذا المجلس الاستشاري وقد لاحظت أن العروض التي قدمت قامت باستيراد بعض الأنماط الجديدة للأسرة، وأعتقد أن تبني أحد هذه الأنماط سيهدد تماسك المجتمع المغربي الذي تعتبر الأسرة بمقوماتها الحالية عنصرا أساسيا فيه. بالنسبة للمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي المنصوص عليه في الدستور فهو خطوة شجاعة، لأنه سيتيح للشباب باعتباره قوة فاعلة في المجتمع فرصة لكي يساهم بشكل فعال في تطوير بلده وتصحيح المسار، وأكيد أنه سيفتح هذه الأبواب لدى الشباب الذي يشتغل في المجتمع المدني خاصة وأن هذا الأخير يوصف بأنه السلطة الخامسة وهو القوة الداعمة لأي تنمية، وتكفي الإشارة هنا إلى أن مجموعة من المشاريع الناجحة وخاصة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كان المجتمع المدني هو الفاعل فيها بشكل إيجابي، وأعتقد أنه سيكون -هذا المجلس والمجتمع المدني- قوة اقتراحية ضاغطة على السياسات الرسمية حتى تسير وفق تطلعات الشعب المغربي. أكيد أنه لابد من الحرص على مجموعة من القواعد والمبادئ عند تأسيس هذين المجلس وخصوصا الحرص على تنزيل مبادئ الحكامة الجيدة أثناء التنفيذ وذلك باعتماد الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة وإعمال القانون وتدبير الموارد البشرية، هذه كلها مبادئ لابد أن تترجم واقعيا أثناء عملية التأسيس حتى يكون لها أثر إيجابي مثل كل المبادرات الإصلاحية. ● يعيش المجتمع المدني مثل عدد من القطاعات تحت تأثير الريع الجمعوي، ما هي الآليات التي ترونها كفيلة لتفعيل الحكامة الجيدة ولإنصاف الجمعيات الجادة وتطوير العمل الجمعوي؟ ❍ للأسف كثر الحديث عن ما يسمى الريع الجمعوي رغم أن الريع في هذا المجال أقل مما هو موجود في باقي القطاعات الأخرى التي جعلت المغرب يعاني من التخلف وعدم التوزيع العادل للثروة، إلا أنه ينبغي تفعيل عدد من الآليات للحد منه واستئصاله حتى يكون العمل الجمعوي بعيدا عن مثل هذه الممارسات ومن هذه الآليات؛ أولا اعتماد الحكامة الجيدة وفق مبادئها، ثانيا الحرص على تخليق العمل الجمعوي وتأهيل العنصر البشري أي الفاعل الجمعوي بشكل يتماشى مع مستجدات الدستور الجديد، ثالثا ضرورة تحديد معايير واضحة وقابلة للقياس من أجل تصنيف الجمعيات عند منحها منح التسيير وتمويل المشاريع وفق دفتر التحملات واضح وملزم للطرفين، وأكيد أن الآلية التي ستجعلنا نتمكن من القضاء على الريع تتجلى في اعتماد العقوبات الزجرية للمتورطين في هذه الممارسات، لهذا ينبغي أن تكون لدى القطاع الوصي جرأة قوية بإشراك الفاعلين الجمعويين في إطار إحداث لجن التتبع والمراقبة ورصد الاختلالات من أجل الوقوف على المتورطين والضرب على أيديهم حتى يبقى هذا المجال مجالا للتطوع وخدمة المجتمع بشكل نزيه وبعيدا عن الأطماع والمصالح الشخصية، وفعلا يظهر أن وضعية قطاع الشباب رغم تعاقب الوزراء ورغم ما رصدت له من أموال وميزانيات تبقى متواضعة ولا ترقى إلى المستوى المطلوب وأكيد أن الريع كانت له بصمة قوية في هذه الوضعية غير المريحة. ● أعلنت الوزارة الوصية عن تبني استراتيجية في التخييم ترتكز على تأهيل البنية التحتية والموارد البشرية لمراكز التخييم وإحداث مراكز جديدة. كيف تقيمون هذه الاستراتيجية؟ ❍ كفاعل جمعوي عايشت العديد من الوزراء الذين تعاقبوا على هذه القطاع وهم يشتركون في كونهم نُصبوا في هذا المكان دون توفرهم على تخصص يناسب هذا القطاع، فجل الوزراء الذين تعاقبوا ليسوا من أبناء هذا القطاع إلا أنهم يشتركون في أن كل واحد منهم يرى هذا القطاع بشكل مختلف، وبالتالي تغيب وتنعدم كل استراتيجية حقيقية للنهوض بالقطاع وتنميته،بالنسبة للوزير الجديد فإننا طالبنا في الجامعة الوطنية للتخييم بعقد لقاء معه من أجل معرفة سياسته وبرنامجه في هذا القطاع باعتبارنا في الجامعة شريكا أساسيا للوزارة في قطاع التخييم إلا أن غياب اللقاء يجعلنا دائما لا نعرف سياسة الوزير في القطاع.وكذا تصوره لعملية التخييم ونحن على بعد شهر من انطلاق الموسم وهذا الأمر سيتسبب في حصول ارتباك. بالنسبة للبنية التحتية، جميع الوزارء السابقين يطرحون استراتيجية تأهيل مراكز التخييم إلا أنها تبقى دائما مجهودات متفرقة في مجملها ومحاولات ترقيعية لكونها لا تشمل إلا بعض المراكز القريبة من المدن أما النائية فنادرا ما يصلها أي إصلاح، وحتى منهجية إطلاق الإصلاحات فيها نوع من اللامسؤولية أعطي مثال مخيم سيدي الطيبي بالقنيطرة وهو مخيم في المدينة والطريق إليه معبدة فعلا، شهد إصلاحات بتحويل البنية التحتية المعتمدة على الخيام إلى بنية تحتية معتمدة على الأكواخ إلا أنه تم تقليص الحمولة من 300 إلى 180 وهذا سيحرم أزيد من 600 شخص من الاستفادة من برامج التخييم خلال خمس مراحل. الوزارة تصرح بأنها تهدف إلى استفادة 200 ألف و 500 طفل من برنامج التخييم لكننا إذا نظرنا إلى الواقع الذي يكشف عن تراجع بعض المراكز في بنيتها التحتية وضعف في استقبال الحمولة الحقيقية لمراكز أخرى سنلاحظ أن هذا العدد يصعب أو يستحيل ربما تحقيقه، وإذا كانت هناك رغبة لدى الوزارة لتأهيل البنية التحتية، فأقترح ويشاطرنا الرأي عدد من الفاعلين أن يتم توقيف نشاط التخييم لمدة ثلاث سنوات على الأقل حتى يتم تأهيل مراكز التخييم بإصلاح المراكز الحالية وإحداث مراكز جديدة نموذجية وذات مردودية مهمة للأطفال، وإذا أردنا أن تكون هناك مراكز في مستوى تطلعات الطفولة المغربية والشباب المغربي فنهمس في أذن الوزارة بأن تسند صفقات تأهيل هذه الفضاءات للمقاولات الصغرى للشباب في إطار إعانة هذه المقاولات من جهة ولأنها أيضا مقاولات غيورة على الوطن. ● كيف ترون المقاربة التي اعتمدتها الوزارة في تدبير العملية التخييمية وعلاقتها بالجامعة الوطنية للتخييم؟ ❍ أولا الجامعة والوزارة بينهما اتفاق تم توقيعه في عهد الوزير السابق كان الهدف منه هو التدبير المشترك للعملية التخييمية وتتضمن هذه الشراكة مجموعة من الالتزامات بين الطرفين، بالنسبة لالتزامات الجامعة فقط قامت بها كما يجب، بالمقابل أغلب التزامات الوزارة لم تتحقق وعلى سبيل المثال ما يتعلق بالوسائل اللوجيستيكية إذ التزمت الوزارة بتوفير مكتب للجامعة مجهز بالفاكس والحاسوب والهاتف والأنترنت والكاتبة وتم تحديد تواريخ لذلك، لكن لحد الآن لم يتحقق منها شيء. من جهة أخرى نلاحظ حدوث ارتباك بعد الدورة الربيعية التي نظمت فيها عدد من المخيمات والتداريب خاصة وأن الدورة الخريفية مرت بيضاء وألغيت من طرف واحد هو الوزارة، الارتباك ظهر على مستوى الإعداد للعملية وعلى مستوى التأخر في إصدار القرارات المنظمة لهذه الدورات وأيضا على مستوى العنصر البشري الذي أطر هذه الدورات، على العموم نتمنى أن ينعقد لقاء قريب من أجل إعادة الأمور إلى نصابها حتى ينطلق الموسم بشكل إيجابي، ونتمنى من السيد الوزير أن يلتقي مع الجامعة ويعطينا الصورة الحقيقية لسياسته في هذا الجانب حتى ننخرط فيها كليا ونكون أوفياء بالتزاماتنا. ● تعتزمون تنظيم الجمع العام للرابطة، ماهي حصيلة عمل هذه المؤسسة؟ ❍ رابطة الأمل للطفولة المغربية عبارة عن نسيج فتي من جمعيات متخصصة في قضايا الطفولة وجمعيات وطنية، في المرحلة الأولى كان عملنا هو تقوية النسيج وفعلا حصل انخراط 148 جمعية وفرع، وفيما يخص أبرز الأنشطة أذكر الندوة التي نظمناها حول الطفل المغربي بين الماضي والحاضر والذي قدمت فيها قراءات جديدة للطفولة المغربية، إضافة إلى ملتقى الإبداع الذي كان عبارة عن مجموعة من المسابقات في مجال الإبداع الخاصة بالطفولة، كما حرصنا على تأهيل الجمعيات الجديدة وتنظيم عدد من التكوينات سواء التي أطرتها الوزارة في إطار التداريب التحضيرية أو التي أطرها أطر الرابطة في إطار برنامج التأهيل التربوي الذي يستهدف كل سنة تخريج ثلاثين قياديا في المجال الجمعوي. ● ماذا عن خططكم بالنسبة للمستقبل في ظل السياق الوطني الجديد؟ ❍ راكمت الرابطة تجربة معتبرة وحققت إنجازات مهمة تجعلها فاعلا مؤثرا في الساحة الوطنية، لكن السياق الوطني الجديد يتطلب منها الوقوف للتأمل في أعمالنا وطرق الاشتغال للتعرف على عناصر القوة لترسيخها وعناصر الضعف لتجاوزها ومعالجتها. بطبيعة الحال مطلوب منا مسايرة دور المجتمع المدني للإسهام في تفعيل نهضة المجتمع كما أننا مدعوون لاستشراف عملنا المدني بناء على الحراك الاجتماعي والتحولات الكبيرة التي تشهدها المنطقة بشكل عام والأدوار التي يمكن أن يضطلع بها المجتمع المدني وانطلاقا من هذا فقد قمنا بتحيين القانون الأساسي للرابطة ومراجعة المخطط الاستراتيجي لمواكبة هذه التطورات واقتحام ساحات جديدة للتدافع والتنافس واستثمار الفرص المتاحة وتنويع الخيارات لتحقيق النماء والارتقاء والتطور المطلوب. والآن مطلوب منا أن نكون قوة اقتراحية وقوة تنفيذية بما يتيحه لنا الدستور الجديد، ومطلوب منا خطوات عملية جديدة تجاه الدولة والمجتمع والنخبة والخارج، ومطلوب منا اعتماد آليات جديدة للعمل المدني الرسالي، ومطلوب منا أيضا تجديد النية والعزم خاصة وأننا بصدد مواكبة تحولات نوعية في المجتمع المغربي، ومن بين المشاريع المهمة التي نقترحها في المرحلة المقبلة؛ فتح أوراش كبرى للطفولة المغربية، وهذه الأوراش يمثل فيها إعداد مشاريع مندمجة أهمها؛ أكاديمية الطفولة وهي عبارة عن فضاء في كل مدينة فيها مرافق متعددة تجارية ثقافية ترفيهية تربوية تشرف عليها شركة أو مقاولة لشباب مؤهلين، على أساس أن تضم هذه المرافق كل ما هو مرتبط بالأطفال من ملاعب ومكتبات ومنصات للتنشيط وغير ذلك، هذا الفضاء تشرف عليه جمعيات موحدة داخل المدينة حتى يحقق الأهداف المرجوة، كما أننا نشتغل على مشروع التكوين والتأهيل من أجل تنمية قدرات الجمعيات حتى يكون الفعل التربوي في المستوى تطلعات الطفولة المغربية.