المغرب استورد من السعودية سنة 2010 حوالي 17 مليون وبلغت صادراته نحو السعودية 400 مليون درهم. عن أية علاقة اقتصادية نتكلم في ظل لغة الأرقام الهزيلة؟ من جهة أخرى تعد السعودية أكبر بلدان الخليج من حيث النشاط الاقتصادي والعوائد النفطية، لكن رقم معاملاتها التجارية مع المغرب يعد الأضعف في علاقات المغرب مع الخليج. كذلك العلاقات الاقتصادية بين المغرب والسعودية لا تواكب طبيعة العلاقات السياسية بين البلدين، ثم لماذا السعودية والمغرب غير مرتبطان بشراكة اقتصادية وتحالف استراتيجي يخدم البلدين؟ و ما السبيل لتجاوز هذا المأزق؟ هذه أسئلة حارقة في علاقات البلدين، وغيرها طرحت على طاولة الأيام التجارية المغربية السعودية التي احتضنتها جدةوالرياض على مدى ثلاثة أيام من زيارة وفد من المركز المغربي لإنعاش الصادرات في جولة تشمل أيضا سلطنة عمان والبحرين. في هذا السياق أجمعت كل مداخلات اللقاءات الرسمية والنقاشات الفرعية على أن التعامل الاقتصادي بين المغرب والسعودية "غير مشرف للجميع" وأن الجانبين أمام تحديات حقيقية لتأسيس شراكة اقتصادية حقيقية. وتساءل الجميع من الذي يمنع الأموال السعودية من التوجه للمغرب للاستثمار في قطاعات وأوراش كبرى مفتوحة؟ في جدة الساحلية، نظم اللقاء الأول مع عدد من رجال الأعمال السعوديين، وفي ذات اللقاء أكد عدنان حسين مندورة أمين عام الغرفة التجارية الصناعية بجدة، على أن العلاقات التجارية ضعيفة للغاية، بالرغم من النمو الاقتصادي الذي يعرفه البلدين. منبها إلى أن غرفته باعتبارها الوسيط المساعد لقطاعات الأعمال السعودية للتعريف بالفرص الاستثمارية، ستعمد إلى خلق فرص استثمارية، مؤكدا في ذات الوقت على أولوية إنشاء كيانات مغربية سعودية للإستثمار المشترك. من جهته اعتبر سعد الدين بنعبد الله المدير العام للمركز المغربي لإنعاش الصادرات، والذي يرافقه مدراء 39 مؤسسة إنتاجية مغربية، أن الأرقام ذات دلالات على أن "ما ينتظر البلدين على مستوى المؤسسات الحكومية وكذا رجال الأعمال كبير جدا بهدف تأسيس شراكة اقتصادية توازي متانة العلاقات السياسية بين البلدين". وفي ذات الأرقام الهزيلة، يشير بنعبد الله، إلى أن الميزان التجاري يعرف عجزا كبيرا تستفيد منه السعودية، متسائلا في ذات الوقت: هل من المقبول أن يقف رقم المعاملات التجارية بين البلدين في رقم لا يشرف أحدا؟ في ظل التحولات الجارية في مجال انتقال رؤوس الأموال والسياسات الاستثمارية التي تتبناها مختلف الكيانات الاقتصادية الكبرى. وأعطى بنعبد الله أمام رجال الأعمال السعوديين في كل من محطة جدةوالرياض غرضا عن الفرص الاستثمارية في مغرب يتحرك، مغرب يعرف تحولات اقتصادية وسياسية واجتماعية تشجع على الاستثمار، مستعرضا الإمكانات المتاحة في مغرب اليوم أمام الرأسمال السعودي، منها العرض الصناعي بالمغرب (قطاع السيارات، قطاع الطيران)، حيث تمكن المغرب من نسج شراكات مع فاعلين دوليين استراتيجيين. وبسط بنعبد الله عددا من القطاعات الممكن أن تنسج عبرها شراكات، منها قطاع التكنولوجيات الحديثة، النسيج والألبسة، القطاع الزراعي، صناعة الأدوية، الطاقات المتجددة. في ذات السياق تساءل بنعبد الله عن السبيل لتطوير شراكات إستراتيجية بين البلدين. مستعرضا الفرص الكثيرة المتاحة لتثمين المبادلات التجارية بين الطرفين. منبها إلى أن المغرب يمكن أن يلعب بوابة لدول الخليج نحو إفريقيا وأوروبا، كما يمكن للسعودية أن تلعب جسرا لمنتوجات المغرب نحو الخليج وآسيا. في ذات السياق، استعرض خالد بن جلون، عضو مجلس الأعمال السعودي المغربي، عددا من الأوراش القطاعية التي يعرف انطلاقتها المغرب، والتي يمكن للرأسمال السعودي الاستثمار فيها، مشيرا على سبيل المثال إلى مخطط المغرب الأخضر، مخطط أزور للسياحة، مخطط إقلاع... مستعرضا تدابير الإنفتاح التي تبناها المغرب منذ سنوات والتي تجلت أساسا في إبرام 55 اتفاقية تبادل حر مع عدد من الكيانات الاقتصادية العالمية. في هذه النقطة بالذات تسائل عدد من رجال الأعمال المغاربة: لماذا لا يرتبط المغرب والسعودية بتحالف استراتيجي اقتصادي من خلال اتفاقية تبادل حر تتجاوز معوقات التبادل والاستثمار الراهنة؟ في الجانب السعودي أيضا أشار عادل الكعكي، من مجلس الأعمال السعودي المغربي، أن الأرقام المحتشمة التي تخص التبادلات التجارية بين البلدين لم تتمكن من مجاراة التطور الحاصل في العالم، مشددا على أن الأولوية تكمن في تشخيص الداء قبل الانكباب على معالجته، مستعرضا عددا من الحلول منها تبادل الزيارات بشكل دوري، ثم تأسيس كيانات اقتصادية ومشاريع مشتركة. كان الجانب السعودي الأكثر جرأة في طرح معوقات تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية بين الجانبين، ففي الوقت الذي تجنب الوفد المغربي الحديث صراحة عن ضعف الاهتمام السعودي بالاستثمار في المغرب بالشكل الموازي لاستثمارات الإمارات العربية المتحدة أو الكويت على سبيل المثال، أكدت مداخلات رجال الأعمال السعوديين على عدد من عوائق التطوير، منها حديثهم عن ضعف شفافية الاستثمار في المغرب، كذلك غياب صيغ التمويل المصرفي الملائم لرغبات السعوديين، أيضا بطء إجراءات التحويلات البنكية من الجانب المغربي في حالة إنجاز تبادل تجاري بين الطرفين (يستغرق التحويل 21 يوما وهو ما يعتبره الجانب السعودي غير مبرر)، على أن جميع التدخلات أشارت من جانب آخر، إلى أن غياب النقل البحري بين البلدين يساهم في إدامة حجم التبادل التجاري الضعيف، لكن كلما تكرر النقل البحري في مداخلات الجانب السعودي كان حال المغاربة يقول "زيدوا في حجم التبادل التجاري يصبح حينها الخط البحري تحصيل حاصل". في جدة وكذا الرياض خلص الجميع على ضعف تبادل المعلومة الاقتصادية والتجارية وعدم المعرفة الدقيقة بتضاريس كل بلد، كما توقف الجميع عند التحديات المطروحة أمام الجانبين، فلا يكفي الاحتجاج لمتانة العلاقات التاريخية بين البلدين، بل الأهم بناء المستقبل المشترك على أساس المصالح المتبادلة، والتي اعتبرالجميع مساحتها شاسعة بقدر شساعة مساحة البلدين؟ *** أهم عوائق تأسيس شراكة إستراتيجية اقتصادية بين المغرب والسعودية: من الجانب السعودي: ضعف اهتمام الرأسمال السعودي ببيئة الأعمال في المغرب عدم إلمام الجانب السعودي بالتحولات الجارية في المغرب على مستوى الاستثمار أو الجانب الضريبي غياب المعلومة الدقيقة عن حقيقة الأوراش القطاعية التي فتحها المغرب والإمكانات التي تتيحها الجانب السعودي يطرح إشكالات صيغ التمويل وتعقد الإجراءات البنكية وعدم شفافية الاستثمار، وتعقد المساطر الإدارية غياب النقل البحري بين البلدين من الجانب المغربي: السعوديون يفكرون في استثمار عوائدهم المالية والفوائض في أمريكا وأوروبا قبل التفكير في الدول العربية تطور العلاقات السياسية لا تواكبه إجراءات اقتصادية فعالة غياب سياسة تفضيلية اتجاه المغرب فيما يخص الصادرات عدم مواكبة الطرف السعودي للأوراش المفتوحة في المغرب *** عادل الكعكي رئيس مجلس الأعمال المغربي السعودي: نتمنى أن تتجه رؤوس الأموال السعودية نحو المغرب يمكن القول بأن بيئة الأعمال في المغرب جذابة بحكم عدد من العوامل، منها الموقع الجغرافي الاستراتيجي. ثانيا؛ وجود أياد عاملة ذات كفاءات ورخيصة. ثالثا، وجود أنظمة لجودة الخدمات. كل هذا يمكن أن يتحقق من خلال عمل الحكومة المغربية على تدليل عدد من المعوقات التي تحول دون تدفق الاستثمارات السعودية للمغرب بشكل يليق بالعلاقات السياسية بين البلدين، وأعتقد أن أبرز المعوقات تتعلق بالإجراءات النظامية والمالية والمصرفية، وأيضا فيما يخص النقل. و كخلاصة يمكن القول أنه حان الوقت للتفكير جديا في بناء شراكة استراتيجية تشمل مختلف القطاعات الإنتاجية، إلى جانب شراكة اقتصادية أكثر فعالية. ++++++++ أحمد بن سعد الكريديس عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الثنائية بالرياض العلاقات الاقتصادية والتجارية بين السعودية والمغرب ضعيفة لا تواكب طبيعة العلاقات السياسية بين البلدين، وأعتقد أن التحديات المطروحة على الجانبين كبيرة في سبيل تأسيس علاقة وشراكة اقتصادية أكثر جاذبية. لا تكفي النيات في هذا المجال، بل المطلوب البحث عن النقط المشتركة وتقويتها، والعمل على معالجة نقط الضعف، ويمكن القول أن هناك ضعف التواصل في مجال المعلومة الاقتصادية والاستثمارية. بالنسبة لرجال الأعمال السعوديين، فهم يطرحون تحديات تقف دون تدفق الإستثمارات نحو المغرب بشكل متصاعد، منها العوائق التمويلية البنكية وغياب المصرفية الإسلامية، ثم صعوبة نقل البضائع، واخيرا البعض منهم يطرح عدم فعالية الإدارة الاستثمارية في المغرب ، سواء من حيث مصاحبة المستثمر، أو من جانب الشفافية والحكامة. في ما يخص الجانب السعودي؛ أظن أن نقص المعلومة وعدم إحساس المستثمر السعودي بالإمكانات المتاحة بالمغرب يعد أبرز عامل في هذا الضعف الشديد الذي تعرفه العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الرباطوالرياض. للإطلاع على الملف اضغط هنا