مع دخول الإضراب عن الطعام يومه السابع عشر، أمس، والذي يخوضه الأسرى الفلسطينيون القابعون في سجون الاحتلال الصهيوني، بدأ قادة الكيان يشعرون بدوار في الرأس نتيجة الارتباك الذي أصابهم بفعل معركة «الأمعاء الخاوية» التي قد تدفعهم إلى اتخاذ قرارات لا يرغبون فيها. فيما تدهور الوضع الصحي لعدد من الأسرى الفلسطينيين، ونقل بعضهم إلى المستشفيات في أوضاع حرجة. وحذر مسؤولون فلسطينيون من خطورة الوضع الصحي للأسير بلال ذياب المضرب عن الطعام للشهر الثالث على التوالي، وأنه قد يستشهد في أية لحظة. وأكد مدير مركز الأسرى للدراسات رأفت حمدونة، أن إضراب الأسرى تحول من قرار يخص إدارة السجون إلى قرار سياسي وأمني في الحكومة الصهيونية، يقوده وزير «الأمن الداخلي» يتسحاق أهرنوفيتش، والذي يصور الأسرى بأنهم مجموعات من «الإرهابيين والقتلة والمخربين وأن أياديهم ملطخة بالدماء»، حسب قوله. وأضاف حمدونة، في بيان له نشر تفاصيله «المركز الفلسطيني للإعلام»، أول أمس، أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو يتابع هذا الملف عبر تقارير متواصلة، رغم زحمة القضايا السياسية، وعلى رأسها الانتخابات المبكرة ذات الخلاف على مستوى الأحزاب الصهيونية. وأكد أن «هنالك هجمة سياسية غير مسبوقة وعلى أعلى مستوى، قادها مجموعة من الوزراء وأعضاء الكنيست الصهاينة وعلى رأسهم أهرنوفيتش، الذي يصور الأسرى بأنهم يعيشون في مخيمات صيفية، وشاؤول موفاز رئيس لجنة الخارجية والأمن الإسرائيلية ورئيس حزب كاديما والذي يطالب بتشديد الإجراءات التعسفية بحق الأسرى، وأفيغدور ليبرمان وزير الخارجية الذي يدعو لإلقاء الأسرى الفلسطينيين والعرب في البحر الميت للتخلص منهم وعقابهم، والوزير سلفان شالوم نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي يدعو إلى إعادة النظر بتنفيذ حكم الإعدام بحق أسرى فلسطينيين قتلوا إسرائيليين خلال عمليات للمقاومة، والنائب الليكودي داني دانون وكاتس وغيرهم ممن يقودون سياسة التحريض ويدعون لسن قوانين للتضييق على الأسرى». وطالب الأسير المحرر حمدونة القوى الوطنية والإسلامية والكل الفلسطيني والعربي والمؤسسات الحقوقية الفلسطينية والعربية ووسائل الإعلام للالتفاف حول إضراب الأسرى، والضغط على الاحتلال بكل الوسائل وبالتعاون مع الجاليات العربية والفلسطينية في أوروبا للقيام بأوسع حملة تضامن، تهدف إلى الضغط على صناع القرار والدوائر الرسمية في الاتحاد الأوربي والبرلمانات الأوروبية المختلفة للتدخل من أجل نصرة قضية الأسرى وإنقاذ حياتهم من الموت البطيء. حالات غيبوبة.. وعلى صعيد أوضاع الأسرى، أكد مدير الوحدة القانونية في نادي الأسير، المحامي جواد بولس، أن الوضع الصحي للأسير ذياب “حرج” وقد يستشهد في أية لحظة، إثر تعرضه لإغماءات متكررة. ونقل بولس عن أطباء في مستشفى صهيوني في “تل أبيب”، نقل إليه الأسير ذياب مرتين خلال اليومين الماضيين، أنه “ما زال في وضعية صعبة.. نتيجة إغماءات متكررة”. لكن الأطباء رفضوا الإفصاح عن تفاصيل أخرى بخصوص حالته الصحية. وقال بولس، في بيان، إن الأسير ذياب “على شفا غيبوبة بعد خسارة جسمه جميع الأملاح والمعادن ونتيجة عدم انتظام عمل القلب ما يعرضه في كل لحظة للاستشهاد”. وأكد نادي الأسير أن الوضع الصحي للأسير ثائر حلاحلة خطر للغاية، إثر رفضه أخذ المحاليل منذ أربعة أيام، ويعاني من ارتفاع في كريات الدم البيضاء، مما يؤشر إلى احتمالات الالتهاب والتلوث. ويخوض الأسيران ذياب وحلاحلة إضراباً عن الطعام منذ أكثر من شهرين، احتجاجاً على اعتقالهما إدارياً، تبعهما بأيام قليلة في الإضراب الأسرى عمر أبو شلال وجعفر عز الدين ومحمد التاج ومحمود سرسك وحسن الصفدي. ردود فعل ودعا وزير شؤون الأسرى والمحررين في حكومة تسيير الأعمال بالضفة عيسى قراقع بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر إلى التدخل العاجل لإنقاذ حياة ذياب وحلاحلة. وفي رسالته، ناشد قراقع البابا العمل على وضع حد لممارسات الاحتلال اللاإنسانية التي تخالف كل الشرائع الدينية. بدوره، دعا وزير الأسرى في الحكومة الفلسطينية في غزة، عطا الله أبو السبح إلى إطلاق انتفاضة شعبية وتصعيد المقاومة بوجه الاحتلال رداً على تجاهل الكيان الصهيوني لمطالب الأسرى. وقال في مؤتمر صحافي، أول أمس، أمام خيمة الاعتصام التضامني مع الأسرى في غزة “لشعبنا ألف مبرر لإشعال انتفاضة كبرى في وجه الاحتلال الغاصب”. وانتقد صمت المؤسسات الدولية مثل مجلس الأمن على الانتهاكات الممارسة ضد الأسرى. وفي الأثناء، أعلن خمسون أسيراً محرراً في غزة، الإضراب المفتوح عن الطعام، تضامناً مع الأسرى المضربين. وخاطب الأسرى المحررون، في مؤتمر صحافي أمام خيمة الاعتصام في ساحة الجندي المجهول بمدينة غزة، الأسرى المضربين: “نقف اليوم لنعلن مشاركتنا لمعركتكم، والبدء الفوري بالإضراب المفتوح عن الطعام، لننال شرف المشاركة في معركة الكرامة والشجاعة، واسترجاع الحقوق المنزوعة، عبر السنوات الماضية”. وقال الأسير المحرر تيسير البرديني “إننا ومنذ اللحظة جنود لقراراتكم، ونعدكم ببذل الأرواح والدماء من أجل انتصاركم، وسنطرق كل الأبواب، والمؤسسات الحقوقية، والدولية، والإنسانية، لنقص عليهم الكارثة الإنسانية، التي يحياها أسرانا في السجون، ولنفضح الهمجية “الإسرائيلية” وممارساتها ضدكم”. وأعلن القيادي في حركة “حماس” الأسير المحرر روحي مشتهى شروعه في الإضراب المفتوح عن الطعام، تضامناً مع الأسرى. وأكد مشتهى الذي تحرر في صفقة تبادل الأسرى الأخيرة أنّه لن يفك إضرابه حتى يعلن الأسرى داخل السجون فك إضرابهم وانتزاع حقوقهم. إلى ذلك، قالت جمعية واعد للأسرى والمحررين إن المواطنة الفلسطينية أمل سبيتان المضربة عن الطعام منذ عشرة أيام تضامناً مع الأسرى، تم نقلها للمستشفى إثر تدهور حالتها الصحية وتعرضها للإغماء. وقال فهمي كنعان، أحد مبعدي “كنيسة المهد” إلى غزة إن سلطات الاحتلال تنتهج سياسة “الإعدام البطيء” بحق الأسرى المعزولين في السجون. وأكد أن “سياسة العزل الانفرادي تعد عملية إعدام بطيء بحق الأسرى” .