لليوم السادس عشر دخل الإضراب المفتوح والشامل الذي يخوضه الأسرى الفلسطينيون أسبوعه الثالث على التوالي، احتجاجاً على تدهور أوضاعهم المعيشية والإنسانية في المعتقلات الصهيونية. وأكد مسؤولون فلسطينيون ونشطاء ومؤسسات حقوقية أن معركة «الأمعاء الخاوية» في اتساع مستمر مع إمكان انضمام ألف أسير آخرين إلى الإضراب المفتوح عن الطعام في حال عدم الاستجابة لمطالبهم. وحذر هؤلاء من خطر حقيقي يتهدد عشرات الأسرى خصوصاً من المرضى وكبار السن الذين يصرون على مواصلة الإضراب. وأطلقت منظمة أطباء لحقوق الإنسان الحقوقية “الإسرائيلية” تحذيرا شديدا من أن الأسيرين ثائر حلاحلة وبلال دياب المضربين منذ 62 يوماً معرضان لخطر الموت. ويأتي التحذير بعدما زارت طبيبة من المنظمة الأسيرين، وقالت المنظمة في بيان إن حياة كل من دياب وحلاحلة “في خطر ونطالب بنقلهما فوراً إلى مستشفى مدني”. والأسيران موجودان حاليا في مستشفى سجن الرملة الذي قالت المنظمة إنه غير قادر على توفير الرعاية الصحية الملائمة لهما. وأكدت المنظمة أن دياب “في خطر موت حقيقي” إذ يعاني خسارة كبيرة في الوزن وانخفاضاً في ضربات القلب وانخفاض في ضغط الدم. وأوضح البيان أن حلاحلة “يعاني آلاماً في المعدة وهناك مؤشرات أنه قد يعاني نزيفاً داخلياً”، لافتاً إلى حاجته إلى صورة مقطعية. من جانبه، شدد رئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس، على أن وضع الأسيرين الصحي خطير، وقد تحولا إلى شبحين. وطالب فارس، ووزير شؤون الأسرى والمحررين في السلطة الفلسطينية عيسى قراقع، بتدخل عاجل لإنقاذ حياة الأسرى الإداريين الذين يخوضون الإضراب منذ 65 يوما ويقبعون في مستشفى سجن الرملة الصهيوني. وأبلغا رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولي في الكيان والأراضي الفلسطينية (خوان بيدرو شرر) الذي اجتمع بهما في مقر الصليب الأحمر في مدينة رام الله، أول أمس، أنه يتوجب العمل على إنقاذ حياة الأسيرين ذياب وحلاحلة وأسرى آخرين، لأن الوقت لم يعد كافيا للانتظار. بدورها، أكدت مؤسسة «الضمير» لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، أول أمس، أن النائب الفلسطيني في المجلس التشريعي والأمين العام للجبهة الشعبية الأسير أحمد سعدات، الموجود في مستشفى سجن «الرملة» فقد نحو تسعة كيلوغرام من وزنه خلال إضرابه المفتوح عن الطعام المتواص لليوم الرابع عشر على التوالي، والذي يخوضه مع المئات من الأسرى. وأفادت المؤسسة، في بيان لها، بأن المحامي محمود حسان زار الأسير سعدات، مشيرًا إلى أنه موجود حاليا في زنزانة صغيرة في مستشفى سجن الرملة، كان قد نقل اليها يوم الجمعة. ويضيف المحامي حسان حول الوضع الصحفي للنائب سعدات، بأن حالته الصحية «في تدهور مستمر، حيث فقد من وزنه 9-8 كغم، ويعتاش على الماء فقط، مع العلم أنه يجب على إدارة السجون أن توفر له الملح حتى يحافظ على أجزاء جسمه الداخلية، حسب القوانين الدولية، ولهذا فقد طالب الأسير سعدات بإدخال طبيب خارجي ليزوره لأنه لا يثق في أطباء مستشفى سجن الرملة». من جانب آخر؛ أكد سعدات، على استمراره في الإضراب «حتى تحقيق مطالب الحركة الوطنية الأسيرة العادلة والإنسانية»، معتبرًا هذه المعركة «المحطة الهامة لإعادة الاعتبار للحركة الوطنية الأسيرة وتاريخها النضالي». ومعظم الأسرى المضربين الآن ينتمون ل»حماس» وجزء من «الجهاد» و»فتح» و»الشعبيتين». لا تراجع.. في غضون ذلك، أكد قدورة فارس أن إضراب الأسرى، الذي دخل أمس يومه 15، سيتسع ويتواصل رغم وعود إدارة مصلحة السجون بحل كثير من القضايا خلال 10 أيام. وأكد قدورة أن أعدادا من الأسرى تنضم يوميا إلى الإضراب، وسيتواصل ذلك تدريجيا، حتى دخول كافة السجون الإضراب خلال الشهر الحالي. وقال فارس لصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية: «اليوم (أول أمس) التحق 105 أسرى في أحد السجون بالإضراب، و55 في سجن آخر، وهكذا سيتواصل الأمر يوميا». إلى ذلك، أكد مسؤول فلسطيني طلب عدم كشف اسمه ل“فرانس برس” أن ألف أسير سينضمون للإضراب اليوم في حال عدم تلبية مطالبهم. لكن سيفان وايزمان المتحدثة باسم مصلحة سجون الاحتلال قالت إنه يتم النظر في مطالب الأسرى من دون الإشارة إلى تاريخ 2 ماي وإلى أي مفاوضات مع الأسرى. وذكرت مصادر في مؤسسات تتابع أوضاع الأسرى أن اتصالات تجري بين ممثلين عن المعتقلين وادارة سجون الاحتلال من أجل التوصل إلى اتفاق مقبول للمعتقلين. وأوضحت المصادر أن “من يقود هذه الاتصالات القيادي في حركة “فتح” مروان البرغوثي وأقدم معتقل فلسطيني كريم يونس، وثابت مرداوي (جهاد إسلامي) وعبد الناصر عيسى (حماس)، وأن ممثلي المعتقلين ينتظرون رداً من مصلحة السجون حتى الثاني من ماي. وأضافت “في حال لم يحصل الأسرى على رد ايجابي فإن التقديرات بأن جميع الأسرى في سجون الاحتلال سينضمون إلى الاضراب عن الطعام”. ضرورة الدعم من جهته، دعا رئيس الحكومة الفلسطينية في غزة إسماعيل هنية الشعوب والدول العربية والإسلامية لانتفاضة شاملة تضامنا مع الأسرى. وخاطب الشعوب العربية خلال زيارته خيمة التضامن مع الأسرى في حديقة الجندي المجهول بمدينة غزة، أول أمس، قائلاً إن الأسرى جزء أصيل من مكونات هذه الأمة، مطالبًا بتضافر الجهود لدعم صمودهم والعمل بكل الوسائل من أجل حريتهم وكرامتهم وإنهاء معاناتهم. وأكد وزير الأسرى والمحررين في الحكومة، عطا الله أبو السبح، أن اليوم وغدا من إضراب الأسرى سيكونان حاسمين، فإما أن تستجيب إدارة مصلحة السجون لمطالب الأسرى أو الدخول في مرحلة “كسر العظم”، مما يمثل تصعيداً خطيراً ينذر بسقوط شهداء. وقال في بيان، إن “الأيام المقبلة ستشهد تصعيداً كبيرًا مع دخول أعداد أكبر من الأسرى في الإضراب المفتوح عن الطعام، ودخول جميع السجون مرحلة العصيان الشامل”. وسلم تحالف الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة رسالة احتجاج للمفوض السامي لحقوق الإنسان بالقطاع، طالب من خلالها الأممالمتحدة بتحمل مسؤولياتها تجاه قضية الأسرى المضربين عن الطعام. وفي رام الله، أعلن مسؤول فلسطيني في السلطة أن اتصالات مكثفة تجري مع الجانب الصهيوني وجهات دولية من أجل التوصل إلى حلول بشأن الاضراب. وقال وزير شؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية عيسى قراقع: “هناك اتصالات مع الجانب “الإسرائيلي” من خلال وزارة الشؤون المدنية الفلسطينية، وأيضاً اتصالات عربية وتحديداً من قبل مصر، ومع ممثلين عن الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل إلى حل ملائم”. وتوقع “تصعيداً” في الاضراب خلال الأيام المقبلة، سواء من قبل المعتقلين أنفسهم أو من قبل الفلسطينيين الذين يواظبون على تنظيم فعاليات تضامنا مع المعتقلين. ويطالب الأسرى المضربون «بإغلاق ملف العزل الانفرادي، الذي يقضي بموجبه أسرى، مضى على عزلهم أكثر من 10 سنوات متتالية في زنازين انفرادية تفتقر لمقومات الحياة البشرية والنفسية والمادية، والسماح لأهالي أسرى قطاع غزة بزيارة أبنائهم في السجون حيث حرموا من زيارتهم 6 سنوات متتالية، وتحسين الوضع المعيشي في السجون، بعد أن تدهور نتيجة لقرارات سياسية وقوانين جائرة، مثل ما يسمى (بقانون شاليت) الذي حرم الأسرى من أبسط الحقوق، كالتعليم ومتابعة الإعلام من خلال سحب الكثير من القنوات الفضائية وكل الصحف المكتوبة، ووضع حد لسياسة الإهانة والإذلال التي تقوم بها مصلحة السجون بحق الأسرى وذويهم، من خلال التفتيش المهين العاري، والعقوبات الجماعية، والاقتحامات الليلية».