بدأ 1600 أسير فلسطيني في سجون الاحتلال الصهيوني من مختلف الفصائل، أمس، إضراباً مفتوحاً عن الطعام حمل اسم «إضراب الكرامة»، بالتزامن مع «يوم الأسير» الفلسطيني، معلنين إصرارهم على الاستمرار في الإضراب إلى حين تحقيق مطالبهم. ويؤكد الأسرى أنهم سعوا منذ ثلاث سنوات مضت بكافة أطيافهم السياسية على التواصل والتنسيق فيما بينهم لبلورة خطوة الإضراب المفتوح عن الطعام، «لنيل الحقوق الإنسانية البديهية، التي تنكرت لها حكومة الاحتلال على مدى سنوات طويلة مضت، إلى أن تكللت هذه الجهود بالتوافق على خوض إضراب مفتوح عن الطعام، بالتزامن مع «يوم الأسير». وقالوا إن الإضراب المفتوح الذي يخوضه الأسرى هو «إضراب أقرته الحركة الأسيرة، بكافة أطيافها السياسية، يقضي بالامتناع عن الطعام والشراب، عدا الماء حتى تتحقق كافة المطالب، التي انطلق من أجلها الإضراب»، مشيرين إلى أن «الإضراب هو الوسيلة الوحيدة التي يمتلكها الأسرى الفلسطينيون لنيل حقوقهم، والضغط على حكومة الاحتلال ودفعها للتفاوض مع الوفد، الذي تشكله الحركة الأسيرة لهذا الشأن والرضوخ لمطالبه». وأوضحوا أن «المطالب الرئيسية من إضراب الكرامة هي: إغلاق ملف العزل الانفرادي، الذي يقضي بموجبه أسرى، مضى على عزلهم أكثر من عشر سنوات متتالية، في زنازين انفرادية تفتقر لمقومات الحياة البشرية والنفسية والمادية، والمساح لأهالي أسرى قطاع غزة بزيارة أبنائهم في السجون، الذين حرموا منه منذ ست سنوات متتالية. فمنذ ذلك الحين لم تقم ولا زيارة واحدة لأي أسير من قطاع غزة. كما يطالب الأسرى المضربين بتحسين الوضع المعيشي في السجون، الذي تداعى بقرارات سياسية وقوانين جائرة، مثل ما يسمى ب «قانون شاليط» الذي حرم الأسرى من أبسط الحقوق، كالتعليم ومتابعة الإعلام من خلال سحب العديد من القنوات الفضائية وكل الصحف المكتوبة، ووضع حد لسياسة الإهانة والإذلال التي تقوم بها مصلحة السجون بحق الأسرى وذويهم، من خلال التفتيش المهين العاري، والعقوبات الجماعية، والاقتحامات الليلية». وثيقة «العهد والوفاء» وكان الأسرى قد أعلنوا، أول أمس، وثيقة «العهد والوفاء» التي شكلت إطارا مرجعيا بمقتضاه سيخوضون إضرابهم المفتوح عن الطعام حتى تتحقق كامل مطالبهم. وقال الأسرى في وثيقتهم، التي نشر «المركز الفلسطيني للإعلام» نصها كاملا، إن كل من أسرى حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وأسرى حركة «فتح» وحركة الجهاد والجبهة الشعبية والديمقراطية قد وقعوا على هذه الوثيقة، بحيث تكون هذه الوثيقة ناظما للإضراب المفتوح الذي سيخوضه الأسرى في سجون الاحتلال. وأكدت الوثيقة أن إضراب الأسرى سيتوقف في حال استجاب الاحتلال للحد الأدنى من مطالب الأسرى والمتمثلة في إنهاء قضية المعزولين، وتمكين أهالي الأسرى في غزة والضفة من زيارة أبنائهم، وإنهاء قانون شاليط الذي يحرم الأسرى من كثير من حقوقهم، إضافة إلى تحسين الظروف داخل السجن، وإنهاء التفتيش المذل للأسرى وأهلهم، موضحةً أن لا رجعة عن الإضراب في حال لم يستجب الاحتلال لتلك المطالب. كما تضمنت الوثيقة الحقوق والواجبات لكل فصيل مشارك في معركة الأسرى، وحذرت من اتخاذ أي فصيل قرارا منفصلا بالتراجع عن الإضراب لأي سبب من الأسباب وعدم الخروج عن الإجماع الوطني، لضمان مشاركة كافة الأسرى. واتفق الأسرى على أن تدير لجنة من الفصائل مكونة من تسع أشخاص الإضراب وهي وحدها المخولة بعملية التفاوض مع إدارة السجون والإعلان عن وقف الإضراب في حال استجابة الاحتلال لمطالب الأسرى. وتتكون اللجنة المشتركة من تسعة أعضاء تشمل 3 أفراد من حماس، و2 من فتح، و2 من الجهاد الإسلامي، و2 من قوى اليسار الفلسطيني. وقال الأسرى في مقدمة وثيقتهم التي أطلقوا عليها «وثيقة العهد والوفاء لمعركة الأمعاء الخاوية «سنحيا كراما» «بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى ثم اجتماع اللجنة الوطنية العليا بكامل أعضائها وبعد نقاش استمر قرابة 5 ساعات على فترتين متقطعتين خلصت اللجنة بالتوافق على النقاط التي تضمنتها بنود الوثيقة. وتابعوا أن الوثيقة «تضمن لكل فصيل من فصائل الحركة الأسيرة المشاركة في معركة «العهد والوفاء» (سنحيا كراما) والتي ستنطلق في يوم الأسير الفلسطيني في 17 أبريل 2012 حقوقه، وتحدد واجباته وتبين لكل الفصائل أو ممثل الفصيل العقوبات المترتبة عليه في حالة خالف أي بند من بنود الوثيقة بعد الموافقة والتوقيع عليها». وأضاف الأسرى «لقد عمدت اللجنة الوطنية إلى صياغة هذه الوثيقة لضمان حقوق كل فصيل مشارك في معركة العهد والوفاء، ولضمان عدم تكرار ما حدث من تراجع وانسحاب في ساحة معركة 2004، ولضبط إدارة المعركة وعدم السماح لأي عضو أو فصيل بالتصرف خارج المجموعة». مواقف داعمة في غضون ذلك، اعتبر أسامة حمدان مسؤول العلاقات الخارجية في حركة «حماس» أن الإضراب الذي يخوضه الأسرى «إضراب مفصلي»، مؤكدا أن لجنة التنسيق العليا للأسرى أجرت دراسة معمقة لبحث جدوى الإضراب تبين لها أن الظرف السياسي المحلي والدولي والإقليمي مناسب لتحقيق مطالب الأسرى المتمثلة بوقف العزل وإنهائه ووقف التفتيش العاري والسماح بالزيارات. وانتقد حمدان في مقابلة، أول أمس، على فضائية «القدس» التصريحات والبيانات الصادرة عن قيادة فتح واعتبر أنها تصب في خدمة «السجان الصهيوني»، وقال إن «هناك تصريحات غير موفقة تخدم السجان، وهناك من لا يريد أن يعكر مزاج نتنياهو، والأصل هو حشد كل الجهود لدعم الاسرى». ودعا القيادي في حماس «وزير» الأسرى في «حكومة» رام الله عيسى قراقع ورئيس نادي الأسير الفلسطيني قدروة فارس إلى مراجعة تصريحاتهما، وبين أن مطالب الأسرى هي حقوق تقرها الشرائع الدولية، والإضراب تم إقراره من الأسرى من مختلف الفصائل وليس هدفه أجندة حزبية، مؤكدا أن الصراع مع الاحتلال ليس وجهة نظر بل مبدأ. وفي غزة، دعا رئيس الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية، الفصائل الفلسطينية لوضع خطط وبرامج وتوظيف ما تمتلك من إمكانات من أجل العمل على إطلاق سراح الأسرى بأي وسيلة كانت، داعيا الدول العربية والإسلامية إلى قطع العلاقات مع “إسرائيل” رداً على انتهاكاتها المستمرة لا سيما بحق الأسرى. وأكد هنية في كلمة في مستهل جلسة الحكومة في غزة، أول أمس، عشية يوم الأسير الفلسطيني أن “تحرير الأسرى واجب وطني وشرعي وأخلاقي لا يجوز التفريط به في أي حال من الاحوال”. ودعا العواصم العربية إلى طرد السفراء “الاسرائيليين”، تضامناً مع الأسرى المضربين. وقال إن “أكثر من 5 آلاف أسير يعانون صنوف العذاب، ويدخل الآلاف منهم إضراباً مفتوحاً عن الطعام في خطوة جريئة وشجاعة، ليعلم الاحتلال والعالم أن كرامة الأسرى هي من كرامة هذا الشعب، وأمعاء هؤلاء البواسل أمضى وأفتك من السيوف في يد الاحتلال وسجونه”. وخاطب العرب والمسلمين محذرًا “أنتم لستم في مأمن من المشروع الصهيوني إن تركتم الاحتلال يستفرد بفلسطين”. وأعلنت جمعية واعد للأسرى والمحررين وتحالف فصائل المقاومة الفلسطينية عن إضراب مفتوح عن الطعام، دعماً لإضراب الأسرى. ونصب متضامنون وأسرى محررون خيمة اعتصام أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مدينة غزة، للمكوث فيها تضامناً مع الأسرى. وقال مدير (واعد) صابر أبو كرش خلال مؤتمر صحافي لتدشين خيمة الاعتصام، إنّ جمعيته وتحالف قوى المقاومة “ستواكبان على مدار اللحظة ثورة الأسرى داخل السجون، الذين يتعرضون لانتهاكات يومية من قبل إدارة مصلحة السجون”. واتهم مصلحة سجون الاحتلال بأنها تشن “هجمة شرسة تجاه الأسرى، تتمثل في العزل الانفرادي والتفتيش العاري والإزعاج الليلي لهم في غرف نومهم، وسوء المعاملة وعدم تقديم العلاج، إضافة إلى الاعتقال الإداري”، فيما حذّر الأمين العام لحركة (الأحرار) خالد أبو هلال، من أي اعتداء على الأسرى في ظل الإضراب. من جانبه، قال الأسير الأردني المحرّر سلطان العجلوني الذي وصل غزة، ليلة الأحد الماضي، إنّ “الإضراب عن الطعام أصعب ما يواجهه الأسير داخل السجون، فيكون مستعداً للشهادة في أية لحظة، وجميعهم يخرجون بأمراض مزمنة وتشهد أجسادهم وأمراضهم على ذلك”.